أطلق المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المملكة الأردنية الهاشمية المرحلة الثانية من مشروع «لن نتخلى عن أي امرأة»، وهو مشروع يعنى بحماية وتمكين النساء والفتيات، لا سيّما ذوات الإعاقة الأكثر عرضة للعنف القائم على النوع الاجتماعي، ويهدف إلى تحويل حالات الضعف إلى قدرة عبر برامج متكاملة تشمل الحماية والدعم النفسي والاجتماعي والتمكين الاقتصادي.
وجاء إطلاق المشروع بالشراكة بين الجمعية الإيطالية لتنمية المرأة، ومنظمة «فينتو دي تِرّا»، ومنظمة المرأة العربية، وجمعية «درّة المنال» للتنمية والتدريب، بمقر المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في عمّان. ويمتد المشروع لمدة ثمانية عشر شهراً بتمويل إيطالي، ويستهدف نحو 5850 شخصاً، 90 في المئة منهم من النساء، في محافظات عمّان والمفرق وإربد، بما في ذلك المجتمعات المضيفة ومخيمات اللجوء ومراكز الحماية.
وتركز المرحلة الثانية من المشروع على تقديم خدمات اجتماعية وصحية متكاملة تستجيب لاحتياجات النساء ذوات الإعاقة، والناجيات أو المعرّضات للعنف القائم على النوع الاجتماعي، إلى جانب تنفيذ أنشطة للتمكين الاقتصادي والاجتماعي تسهم في تعزيز استقلاليتهن وبناء قدراتهن الذاتية. كما تسعى المرحلة الحالية إلى تطوير قدرات منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية الأردنية المعنية، وتعزيز الآليات المجتمعية للوقاية والحماية والدمج الاجتماعي.
ويشارك في تنفيذ المشروع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ووزارة التنمية الاجتماعية، ومعهد العناية بصحة الأسرة، ومستشفى سارة، وجمعية رفيق الخير للخدمات الاجتماعية، وجامعة آل البيت، وصندوق الأمم المتحدة للسكان.
وقالت رئيسة الجمعية الإيطالية لتنمية المرأة كلارا كالديرا إن دمج الإعاقة في جهود مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي يمثل تحدياً معقداً يتطلب تعاوناً متعدد المستويات واستجابات قائمة على مفهوم التقاطعية، مؤكدة اعتزازها بالشراكة مع المؤسسات الأردنية والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لتحقيق هدف تمكين النساء والفتيات من حقهن في العيش بحرية وأمان بعيداً عن أي شكل من أشكال العنف.
من جانبها، أشارت آلاء الخالدي من منظمة «فينتو دي تِرّا» إلى حرص المنظمة على دعم النساء وتعزيز ثقتهن بأنفسهن، ومساندتهن في بناء حياة أكثر كرامة واستقراراً، إلى جانب دعم العائلات وتحسين رفاهها الاجتماعي، وخلق الأمل في مستقبل أفضل للنساء ذوات الإعاقة في الأردن.
وأشاد أمين عام المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة مهند العزة بالشراكة المتميزة بين المجلس والجمعية الإيطالية لتنمية المرأة، مؤكداً أن المشروع نجح في معالجة تحديات حقيقية تتعلق بالحماية من العنف، وبإتيكيت التواصل مع ضحايا العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي.
وأوضح العزة أن الأشخاص ذوي الإعاقة يُعدّون من أكثر الفئات عرضة للتحرش والعنف والاستغلال، نظراً لما تفرضه البيئة غير المهيأة من عوائق تجعلهم أكثر اعتماداً على المساعدة المباشرة من الآخرين، ما يخلق فرصاً أكبر للتعرض لانتهاكات.
ولفت العزة إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة غالباً ما يُستبعدون من منظومات الحماية والوصول إلى قنوات التبليغ والخطوط الساخنة، مشيراً إلى أن هذا الخلل تكرر في فترات الأزمات والكوارث، حيث غابت البرامج المهيأة لحمايتهم من العنف بشكل فعّال.
ودعا العزة إلى تخصيص ميزانيات مستقلة ضمن الوزارات والمؤسسات الأردنية لتأمين خدمات الحماية من العنف وتأهيل الضحايا من ذوي الإعاقة، مبيناً أن المرحلة الثانية من المشروع ستشهد وللمرة الأولى في الأردن إعداد دليل عملي خاص بالحماية الذاتية من العنف.
وسيوفر هذا الدليل أدوات وآليات تمكّن الأشخاص ذوي الإعاقة من التمييز بين حدود التواصل المسموح والممنوع، وكيفية التصرف عند تجاوز هذه الحدود، كما يضم إرشادات للأهل حول كيفية ملاحظة تعرض أبنائهم ذوي الإعاقة، خصوصاً الذهنية، لأي شكل من أشكال العنف، وآليات التبليغ الآمن واستخلاص المعلومات من الضحايا.
يُذكر أن المرحلة الأولى من المشروع شهدت توقيع مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والجمعية الإيطالية لتنمية المرأة، هدفت إلى بناء نظام خدمات متكامل للنساء ذوات الإعاقة الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي أو المعرّضات له في محافظتي عمّان والمفرق.
كما تضمنت المرحلة الأولى توفير متطلبات إمكانية الوصول والترتيبات التيسيرية للأشخاص ذوي الإعاقة وفق كودة البناء الأردنية الخاصة، في كل من دار الوفاق ودار أمينة التابعتين لوزارة التنمية الاجتماعية، إلى جانب تدريب الكوادر العاملة في منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة والمجتمع المدني ومراكز الحماية، وإنتاج مواد توعوية مبسطة حول الحماية من العنف.