سلطنة عمان – جسور – فاطمة الزهراء بدوي
تتواصل في سلطنة عمان فعاليات النسخة الرابعة من مسابقة “البوتشيا” لذوي الإعاقة الحركية، والتي تنظمها وزارة الثقافة والرياضة والشباب، في المجمع الرياضي بولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة، خلال الفترة من 15 إلى 18 يونيو الجاري، بمشاركة 126 لاعبًا من فئة ذوي الإعاقة الحركية المتوسطة والشديدة، يمثلون مختلف محافظات السلطنة.
تهدف المسابقة إلى إتاحة بيئة رياضية محفزة تمكّن المشاركين من إبراز مهاراتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، ضمن استراتيجية الوزارة لتعزيز مشاركة ذوي الإعاقة في الأنشطة المجتمعية، وتحقيق مبدأ الشمول الرياضي.
وقال خليفة بن سعيد المزروعي، رئيس قسم الأنشطة الرياضية لذوي الإعاقة بالوزارة، إن الفعالية تأتي استكمالًا لجهود الوزارة في تمكين ذوي الإعاقة، موضحًا أن “البوتشيا” تمثل رياضة نوعية تُسهم في دعم الأفراد ذوي الاحتياجات الحركية، وتوجيه طاقاتهم نحو نشاط ذهني وبدني منظم. وأضاف أن الهدف لا يقتصر على الترفيه أو المنافسة، بل يمتد إلى تطوير الكفاءات الرياضية الوطنية، واختيار المتميزين منهم لتمثيل سلطنة عمان في البطولات الإقليمية والدولية.
شهد اليوم الأول من الفعالية تنظيم حلقة تدريبية تحكيمية مصاحبة، هدفت إلى التعريف بقوانين رياضة البوتشيا، وتأهيل كوادر متخصصة في تنظيم هذا النوع من البطولات. واستهدفت الحلقة طلبة جامعة صحار، إلى جانب معلمي ومعلمات التربية الرياضية من مدارس المنطقة، بهدف تعزيز الجاهزية الفنية والإدارية للمشاركين، وتهيئة بيئة تنافسية تحاكي البطولات الدولية.
وأكد المزروعي أن هذه الأنشطة التحضيرية تُسهم في بناء قاعدة محلية من المدربين والمنظمين، وتكريس ثقافة رياضية مستدامة لذوي الإعاقة، لافتًا إلى أن الوزارة تعمل على نشر اللعبة في مختلف ولايات السلطنة، من خلال تنظيم بطولات سنوية وتأهيل كفاءات قادرة على الاستمرار في دعم الرياضة البارالمبية.
وتُعد رياضة البوتشيا واحدة من أبرز الألعاب البارالمبية المعتمدة دوليًا، والمخصصة للأشخاص المصابين بالشلل الدماغي أو الإعاقات الحركية الشديدة. وتعتمد على رمي كرات ملونة باتجاه كرة هدف بيضاء تُعرف بـ”الجاك”، داخل ملعب مستوٍ مقسم إلى مربعات. يُسمح باستخدام أدوات مساعدة وفق احتياجات اللاعبين، لضمان عدالة التنافس وتكافؤ الفرص.
خضعت جميع المشاركات في المسابقة لنظام تصنيفي دقيق معتمد من اللجنة البارالمبية، يراعي الفروق الفردية بين اللاعبين، ويوفر الأجهزة المساعدة اللازمة، بما يضمن سلامة الأداء وفاعلية التقييم. ويتم تنظيم المباريات وفق نظام المجموعات، ثم الإقصاء المباشر، ما يمنح المشاركين أكثر من فرصة لخوض جولات متعددة، وتطوير مهاراتهم تدريجيًا.
وأفاد منظمو الحدث بأن المسابقة تحظى بدعم مؤسسي من جهات حكومية وأهلية، على رأسها وزارة التنمية الاجتماعية، والجمعية العُمانية للمعوقين، وعدد من المؤسسات التعليمية والرياضية. كما شهدت الفعالية حضورًا لافتًا من أسر اللاعبين، الذين عبّروا عن فخرهم بأبنائهم، مؤكدين أهمية هذه المسابقات في رفع الروح المعنوية وتعزيز الثقة بالنفس.
شارك في التنظيم عدد من المتطوعين من الشباب وطلبة الجامعات، إلى جانب مختصين من المؤسسات التأهيلية، الذين ساهموا في تقديم الدعم اللوجستي، ومرافقة اللاعبين خلال المنافسات. وقد تم تجهيز الصالة الرياضية بكامل المتطلبات التي تراعي احتياجات ذوي الإعاقة، من حيث المرافق الصحية، والإضاءة، والتهوية، ووسائل النقل المناسبة. كما تم تخصيص وحدة طبية مرافقة لضمان الجاهزية لأي حالة طارئة، وتوفير فترات راحة كافية بين الجولات.
ووفقًا للجهات المنظمة، فإن تنظيم المسابقة في محافظة شمال الباطنة يأتي في سياق خطة موسعة تهدف إلى توزيع الأنشطة الرياضية لذوي الإعاقة على مستوى السلطنة، وتأهيل الكفاءات المحلية من موظفي الوزارة والمعلمين والطلاب الجامعيين، تمهيدًا لتنظيم هذه الفعالية بشكل دوري ومستدام. وسيتم اختيار المجيدين من المشاركين لضمهم إلى برامج التدريب الوطنية، تمهيدًا لتأهيلهم لتمثيل البلاد خارجيًا.
ومن المقرر أن تُختتم المسابقة في 18 يونيو، بحفل رسمي لتكريم الفائزين وتوزيع الميداليات، بحضور ممثلين عن المؤسسات الرسمية والقطاع الأهلي، وأسر اللاعبين. كما تعتزم الوزارة إصدار تقرير توثيقي يتضمن نتائج البطولة والتوصيات المستخلصة، بما في ذلك مقترحات لتوسيع المشاركة، وإدخال تقنيات تدريبية جديدة، وبناء برامج احترافية للرياضيين ذوي الإعاقة.
تمثل مسابقة البوتشيا في سلطنة عمان نموذجًا متقدمًا للتمكين الرياضي، وتؤكد التزام الدولة بتكريس مبدأ المساواة، وبناء مجتمع دامج يفتح المجال أمام الجميع للتعبير عن إمكاناتهم، ضمن رؤية تنموية لا تغفل أي فئة.