اليابان – جسور – فاطمة الزهراء بدوي
ريه أوسوي، امرأة يابانية تبلغ من العمر 39 عامًا، تقود مبادرة فريدة من نوعها، في طوكيو، تهدف إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، من الحصول على وظائف، وتحقيق ذواتهم في مجالات الجمال والإعلام والترفيه.
بدأت رحلتها عام 2018 حين استقبلت فتاة تستخدم كرسيًا متحركًا، في منزلها، الذي كانت تديره كصالون تجميل بسيط. تلك الزيارة باتت نقطة التحول في حياتها.
اشتكت الفتاة التي زارتها من عدم وجود صالونات تجميل مجهزة لاستقبال مستخدمي الكراسي المتحركة، وكذلك عدم وجود مدارس لتعليم فنون التجميل لذوي الإعاقة. لم تنتظر أوسوي طويلًا. أطلقت دروسًا تطوعية لتعليم تصميم الأظافر مرتين شهريًا داخل العاصمة اليابانية، بهدف تعليم هؤلاء المهتمين المهارات الأساسية لمهنة قد تكون بابًا للرزق.
في أغسطس 2020، قررت أوسوي تأسيس شركتها الخاصة تحت اسم “Accessibeauty” لتدريب ذوي الإعاقة على أن يصبحوا فنيين متخصصين في تجميل الأظافر.، ورغم محاولتها تقديم الدورات عبر الإنترنت، إلا أنها توقفت عن ذلك بسبب صعوبة تغطية تكاليف الدراسة للمتدربين.
مع الوقت، اتسع نطاق نشاطها. في سبتمبر 2020، بدأت في دعوة أشخاص من ذوي الإعاقة للمشاركة كعارضين في صور دعائية للموقع الإلكتروني الخاص بالشركة. المفاجأة كانت في الإقبال غير المتوقع، حيث تقدم أكثر من خمسين شخصًا خلال وقت قصير. استمر هذا التفاعل حتى بعد انتهاء جلسات التصوير، ما دفعها للتفكير في توسيع نطاق المشروع.
في مارس 2021، أطلقت مجلة رقمية تسلط الضوء على قصص وتجارب ذوي الإعاقة، ومعها قررت تنظيم اختبارات لاختيار ثلاثة عارضين للمجلة. ولكن عدد المتقدمين تجاوز 150 شخصًا، وكان بينهم العديد من أصحاب المواهب اللافتة. من هنا، بدأت فكرة إنشاء وكالة مواهب ضمن كيان شركتها، لاحتضان المتقدمين الذين لم يتم اختيارهم ضمن العدد المحدود.
تنظم الوكالة اختبارات سنوية منذ تأسيسها، وتضم حاليًا نحو 40 شخصية ما بين عارضين ومواهب تظهر في الإعلانات والمسلسلات التلفزيونية اليابانية. كما أن الشركة افتتحت مدرسة متخصصة لتعليم الوقوف أمام الكاميرا، والتعبير الجسدي، وفنون الأداء، لتدريبهم بشكل احترافي ينافس السوق.
في مطلع هذا العام، افتتحت Accessibeauty صالون تجميل جديدًا داخل مقرها، مجهزًا بالكامل ليستقبل الزبائن والعاملين من ذوي الإعاقة. تؤمن أوسوي أن التوظيف الحقيقي يبدأ من توفير بيئة تدريب مناسبة وآمنة، تُمكّن الأفراد من تطوير مهاراتهم دون حواجز.
تقول أوسوي إن ظهور ذوي الإعاقة في الإعلانات والبرامج التلفزيونية لا يزال محدودًا، وإن التحدي الأكبر ليس في البدء وإنما في الاستمرارية. ترى أن مهمتها تتجاوز التدريب والتوظيف، فهي تسعى لبناء ثقافة ترى في ذوي الإعاقة طاقات كامنة تستحق الفرص والمساندة.
مشروع أوسوي لا يقتصر على الربح؛ حيث يحمل رسالة اجتماعية واضحة: تغيير النظرة النمطية، وكسر العوائق، وخلق سوق عمل أكثر شمولًا وعدالة. وبينما تستمر الوكالة في التوسع، تظل رؤيتها متجذرة في فكرة بسيطة وعميقة في آنٍ: الإيمان بالقدرة على التغيير، مهما كانت العقبات.