إهمال الصحة النفسية لذوي الإعاقة في مؤسسات الرعاية يهز أمريكا

إهمال الصحة النفسية لذوي الإعاقة في مؤسسات الرعاية يهز أمريكا

المحرر: سماح ممدوح حسن-أمريكا
إهمال الصحة النفسية لذوي الإعاقات الذهنية يهز أمريكا

أزمة إهمال الصحة النفسية لذوي الإعاقة داخل مؤسسات الرعاية تهز أمريكا. بعد الكشف عن معلومات صادمة تتعلق بتجاهل احتياجات الصحة النفسية لذوي الإعاقات الذهنية والنمائية. كشف عنها تحقيق للصحفي ويليام سكيبوورث.

التحقيق الصحفي كشف عن صورة مؤلمة عن الصدمات المتكررة داخل مؤسسات الرعاية،  في ولاية نيوهامبشر الأمريكية.وقد انتشر الشعور بالصدمة والغضب فور صدور التحقيق. لأن المجتمع واجه حقائق لم يعد من الممكن تجاهلها. وارتفعت الأصوات سريعًا للمطالبة بإصلاح شامل يحمي الفئات الأكثر هشاشة.

إهمال الصحة النفسية لذوي الإعاقات الذهنية

ورغم أهمية النقاش حول الرقابة والمساءلة. تظهر أسئلة أكثر عمقًا حول الاحتياجات الفعلية للأشخاص داخل هذه الأنظمة. ويعيش الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية تجارب قاسية. لأنهم يواجهون معدلات أعلى من الإساءة والإهمال.

وفي المقابل، يحصلون على دعم نفسي أقل بكثير مما يحتاجون إليه. ويعجز الكثير منهم عن التعبير عن صدماتهم بسبب غياب الأدوات المناسبة واللغة والدعم المهني.

العديد من العاملين يفسرون المشكلات النفسية على أنها«سلوكيات». ويتعاملون مع بعض السلوكيات كمشكلات وليس كدلائل على معاناة داخلية. ويعزز هذا التصور نظرة قديمة تفصل بين الإعاقة والإنسانية.

وتفترض هذه النظرة أن الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية يفتقرون إلى مشاعر معقدة. أو حاجات نفسية واضحة. ومن هنا، يفصل النظام بين الجانب الإنساني والجانب الطبي، رغم أن الصحة النفسية جزء أساسي من حياة كل إنسان.

وبالإضافة إلى ذلك، يدفع النظام الكثير من الأشخاص إلى التنقل المتكرر بين مقدمي الرعاية. ويحدث ذلك عندما ينقل المسؤولون الأفراد بسرعة عند ظهور مشكلة. وكأن النقل يعالج الجذور الحقيقية للصعوبات.

ولكن هذا النقل يزيد الارتباك والتوتر. لأن الشخص يدخل إلى بيئة جديدة دون استعداد نفسي. ويحتاج الأفراد إلى علاقة مستقرة مع مقدّم الرعاية، لأن الاستقرار يمنحهم شعورًا بالأمان.

التشريعات تساهم فى الأزمات النفسية لذوي الإعاقة الذهنية

ويتعمق هذا الوضع بسبب التشريعات الحالية في ولاية نيوهامبشر. إذ يعرّف القانون رقم NH RSA 135-C:2 المرض النفسي بطريقة تستبعد الإعاقة الذهنية. وقد أراد المشرّعون الفصل بين التشخيصين، ولكن هذا الفصل خلق معضلة أكبر. ويؤدي هذا التعريف إلى حرمان الكثير من الأشخاص من خدمات الصحة النفسية. لأن تشخيصهم الأساسي «إعاقة ذهنية» وليس «اضطرابًا نفسيًا». وتظهر معاناة الأسر عندما تطلب الدعم ولا تحصل عليه، لأن المؤسسات تطلب التشخيص المناسب قبل تقديم أي خدمة.

ويشير الباحثون إلى أن هذا النهج ليس منطقيًا. فالكثير من الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية لديهم أيضًا حالات نفسية مصاحبة. وتوضح الإحصاءات الحديثة أن نحو 59٪ من المستفيدين من Medicaid ممّن يعانون من إعاقات ذهنية أو نمائية. لديهم حالة نفسية واحدة على الأقل.

ويرتفع هذا الرقم مقارنة بنسبة 21٪ فقط بين عموم البالغين في الولايات المتحدة. وتؤكد هذه الأرقام الحاجة الشديدة إلى دعم نفسي متخصص داخل أنظمة الرعاية.

ويرى المتخصصون أن هذا التناقض يعيد إنتاج عقلية «المؤسسة القديمة». وقد غادرت المؤسسات الضخمة المشهد، ولكن التفكير المؤسسي ما زال حاضرًا. ويعتقد البعض أن الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية يملكون احتياجات مختلفة أو محدودة. ويؤدي هذا الاعتقاد إلى تهميش حقهم في العلاج والدعم. ويصبح الأثر متخفّيًا، ولكنه يتجذر في حياة الأفراد.

ويطرح هذا الوضع سؤالًا واضحًا: لماذا يحصل الموظفون والطلاب في المؤسسات التعليمية والمهنية على دعم نفسي، بينما لا يحصل الأشخاص ذوي الإعاقات على الخدمة نفسها؟

ويحتاج الجميع إلى مستشار أو برنامج دعم نفسي عندما يمرون بظروف صعبة. ويجب أن تشمل هذه الخدمات الأشخاص ذوي الإعاقات دون نقاش.

ضرورة توفير أنظمة تقييمات تراعي الصدمات

ومن الضروري أن توفر الأنظمة تقييمات تراعي الصدمات، وبرامج علاجية سهلة الوصول، ورعاية شاملة تضمن لكل شخص حقه في التعافي. ويعمل في هذا المجال عدد كبير من المتخصصين المتفانين، ولكن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي. ويجب إزالة العوائق البنيوية كي يصل العلاج إلى مستحقيه.

ويسمح تحسين التدريب والرقابة بتطوير الخدمات، ولكن الإصلاح الحقيقي يتطلب رؤية أعمق. ويجب أن ينظر المجتمع إلى الأشخاص ذوي الإعاقات باعتبارهم بشرًا كاملين. ويملكون مشاعر واحتياجات عاطفية وهشاشة نفسية ورغبة صادقة في الحياة بكرامة. ومن الضروري الاعتراف بأن الصحة النفسية حق إنساني، وليست امتيازًا تمنحه التشخيصات الطبية.

ويستطيع كل فرد في المجتمع لعب دور واضح في هذا التغيير. ويمكن للجميع التواصل مع ممثليهم المحليين وفتح نقاشات حول الصحة النفسية للجميع. ويعكس هذا التحرك رغبة المجتمع في بناء بيئة تحترم الإنسان أولًا.

وتملك ولاية نيوهامبشر القدرة على بناء نظام أقوى وأكثر إنسانية. ويستحق كل شخص حُرم من الدعم أو واجه الصدمة دون مساندة أن يحصل على رعاية عادلة. ولا يمكن للمجتمع أن يقبل بما هو أقل من ذلك.

المقالة السابقة
السعودية تستعرض منظومتها المتطورة لخدمات ذوي الإعاقة في الحرم
المقالة التالية
أكاديمية الفنون تكرم ذوي الإعاقة في احتفالية خاصة بالقاهرة| صور