.png)
الطفل يوسف أبو عمرة، البالغ من العمر 14 عاما، هو الابن الوحيد لوالديه. تعرض لإصابات بالغة ومميتة جراء شظايا صاروخية أثناء محاولته تعبئة المياه في غزة. مع وجود شظية دماغية لم يتمكن الأطباء من إزالتها باتت حياته في خطر شديد.
هذا الخطر يشمل الإصابة بالتهاب السحايا أو تكون خراج دماغي وتعفن دموي. وفقا للصحفي الفلسطيني عمرو طبش «تحول الطفل إلى جلد وعظم» بسبب «سوء التغذية الحاد».
الطفل يوسف أبو عمرة ومأساة متكررة في غزة
تعكس إصابة يوسف نمطا واسعا من المخاطر التي تعرض لها المدنيون في غزة. وقعت إصابته بشظايا الصاروخ أثناء محاولته تأمين حاجة أساسية، وهي المياه لعائلته. يزيد من وطأة المأساة أن يوسف هو الابن الوحيد لوالديه. طبش وثق هذه المعاناة ليضع وجها إنسانيا على حالة طوارئ تستحق المساعدة.
تشكل إصابات الطفل يوسف أبو عمرة المعقدة تحديا طبيا يمتد من جراحة الأعصاب إلى التغذية والرعاية الحرجة. فإصابات الدماغ الرضية الناتجة عن شظايا هي حالات حرجة تتطلب تدخلا جراحيا فوريا. حسب موقع «مايوكلينك».
طالع: الطفلة جنة تصارع مرضًا وراثيًا نادرًا وتحتاج للعلاج خارج غزة
في حالة يوسف لم يتمكن الأطباء من إزالة الشظية المستقرة في الرأس. هذه الشظية تعمل كجسم غريب، مما يسبب التهابات شديدة ومستمرة. الخطر الوشيك على حياته هو تحول هذه الالتهابات إلى خراج دماغي أو التهاب سحايا جرثومي.
تعد الأعراض العصبية التي يعاني منها يوسف، وهي الشلل النصفي وفقدان النطق وفقدان جزئي للبصر، مؤشرات متوقعة لتضرر بؤري في القشرة الدماغية. وتعتبر صعوبة البلع من أخطر الاعتلالات الوظيفية التي يعاني منها يوسف.
وتساهم صعوبة البلع في تفاقم سوء التغذية، وتزيد بشكل كبير من خطر الالتهاب الرئوي. كما أن يوسف يعاني من سوء تغذية حاد، وهو عامل مضاعف للفتك بالإصابة العصبية. وهذا التفاعل يخلق حلقة مفرغة من التدهور البيولوجي.
استحالة العلاج وتحدي التمويل
أكد الفريق الطبي في غزة ضرورة تحويل الطفل يوسف أبو عمرة للعلاج خارج القطاع بشكل عاجل، وفقا لما ورد في المناشدة. مشيرين صراحة إلى عدم قدرتهم على إزالة الشظية بسبب «خطورة وضعه ونقص المعدات والإمكانيات الطبية». هذا الافتقار يشير إلى غياب المرافق اللازمة لجراحة الأعصاب الدقيقة والمعقدة. وعدم القدرة على تقديم رعاية جراحية يمثل مثالا صارخا على «الوفيات القابلة للمنع» الناتجة عن انهيار نظام الرعاية الصحية والحصار.
تتشابه حالة الطفل يوسف أبو عمرة بشكل لافت مع حالة المصور الصحفي في قناة الجزيرة، علي العطار، الذي أصيب بشظية في رأسه. إلا أنه تمت الموافقة على إخراجه إلى الأردن لاستكمال علاجه بعد تفعيل «الاتصالات الدولية المكثفة». حسب موقع «سي إن إن عربية». هذا يوفر نموذجا لوجستيا حيويا. فإن التدخل السياسي والدبلوماسي رفيع المستوى هو عامل حاسم في تجاوز العقبات البيروقراطية لتأمين إذن الخروج.
التثبيت أولا ثم التأهيل الطويل
حسب الأطباء، لضمان تحقيق أفضل النتائج، يجب اتباع خطة علاجية متعددة المراحل في مركز طبي متخصص خارج غزة. إن الأولوية في المرحلة الأولى ليست الجراحة، بل التثبيت الغذائي والمناعي. فالمريض الذي يعاني من سوء تغذية حاد لا يمكنه تحمل التوتر الأيضي لجراحة دماغ كبرى. لذلك، يجب بدء التغذية الوريدية الكلية لإنقاذ حياته.
بعد التثبيت تبدأ المرحلة الجراحية لإزالة الشظية المحتجزة. فالبقاء على قيد الحياة ليس هو الهدف الوحيد إذ أن الهدف الواقعي هو استعادة الوظيفة. تتطلب إصابات الدماغ الرضية المعقدة برنامجا مكثفا لإعادة التأهيل العصبي يمتد لأشهر. هذا البرنامج يشمل العلاج الطبيعي والوظيفي، وعلاج النطق والبلع، والدعم النفسي. و التكلفة التقديرية لإجمالي العلاج والتأهيل قد تصل إلى 100 ألف دولار أمريكي على الأقل.
الطفل يوسف أبو عمرة الإعاقة المستديمة
الطفل يوسف أبو عمرة هو التجسيد الحي للإعاقة المستديمة التي كان يمكن تجنبها. وعمل الصحفيين يقع عند التقاطع الدقيق بين التوثيق الميداني والنشاط الإنساني. و توثيقاتهم تحول حالة يوسف من «رقم في قائمة انتظار» بيروقراطية إلى «قضية إنسانية».
