العنف الجنسي ضد الأطفال ذوي الإعاقة واقع مخيف. وتؤكد الدراسات والاحصائيات أنهم أكثر عرضة للأذى الجسدي والنفسي، ويواجهون أخطر أشكال العنف التي تهدد طفولتهم.
الفتيات ذوات الإعاقة يواجهن مستويات أعلى من الاستغلال والتربص والانتهاك. فيواجهن ضعفًا إضافيًا. بسبب التصورات الاجتماعية الخاطئة. التي تعتبرهن غير قادرات على الدفاع عن أنفسهن. أو غير مصدقات عند الإبلاغ. مقارنة بالأصحاء. في ظل عوامل نفسية وصحية واجتماعية. تجعلهم أكثر هشاشة. وأقل قدرة على التعبير أو طلب المساعدة.
العنف الجنسي ضد ذوي الإعاقة.. هشاشة مضاعفة
تزداد مخاطر التعرض اعتداء جنسي مع نوع الإعاقة، إذ تُعد الإعاقات الذهنية والتوحد وصعوبات التواصل الأكثر ارتباطًا بالاعتداءات، نظرًا لصعوبة قدرة الطفل على شرح ما حدث. أو تمييز السلوكيات الضارة.
وتكشف دراسات اجتماعية أن المعتدي غالبًا ما يكون من المحيط القريب للطفل. أحد الأقارب، أو مقدم الرعاية، أو أشخاص يفترض بهم تقديم الحماية. وتستغل بعض الحالات ضعف التواصل لدى الطفل، أو عجزه الحركي، أو اعتماده الكامل على الراشدين، ما يجعل الجريمة أكثر سهولة وإخفاءً.

الأطفال والشباب ذوي الإعاقة. يتعرضون للعنف الجنسي والجسدي والعاطفي. بمعدلات أعلى بكثير من الأطفال غير المعاقين. فحوالي 1 من كل 10 أطفال ذوي إعاقات يتعرضون لعنف جنسي، بينما تتضاعف فرص تعرضهم للعنف الجسدي والعاطفي.
أظهرت دراسة شملت أكثر من 16 مليون شاب من 25 دولة أن بعض أنواع الإعاقة مثل ADHD والإعاقة الفكرية واضطرابات النطق تزيد خطر التعرض للاعتداء الجنسي. كما تلعب الظروف الأسرية الصعبة، العزلة الاجتماعية، والاعتماد على الآخرين في الرعاية دورًا في زيادة المخاطر.
وأشارت الدراسات إلى أن المعتدين غالبًا ما يكونون أشخاصًا يعرفهم الضحية، مثل أفراد العائلة أو المعلمين أو مقدمي الرعاية. وأن 34٪ من الاعتداءات من أفراد الأسرة، و59٪ من معارف.
كما أن الأطفال ذوي الإعاقات الفكرية في دور الرعاية أكثر عرضة للاعتداء الجنسي. بسبب ضعف معرفتهم بحقوقهم وحدود الأمان.
الأثر النفسي طويل الأمد يشمل اضطرابات ما بعد الصدمة، القلق، والاكتئاب، خاصة عند غياب الدعم المناسب. هذه النتائج تؤكد أهمية التوعية وحماية الأطفال ذوي الإعاقة، وتعزيز قدرتهم على الإبلاغ ومواجهة الاعتداء..اعرف التفاصيل:
التستر والخوف.. أسباب تعمّق الأزمة
على الرغم من خطورة ظاهرة الاعتداءات الجنسية على ذوي الإعاقة، إلا أن الأرقام المسجلة تمثّل نسبة محدودة مقارنة بالواقع. ويعود ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها خوف الأسرة من الفضيحة والوصم الاجتماعي، أو عدم قدرة الطفل على وصف الانتهاك، أو عدم وجود تدريب كافٍ لدى الأهالي ومقدمي الرعاية ، للتعرف على العلامات المبكرة للانتهاك الجنسي.
كما يسهم غياب التربية الجنسية الوقائية، وضعف الوعي لدى بعض الأسر، في زيادة الهشاشة. ففي كثير من الأحيان لا يعلم الأطفال ذوو الإعاقة الحدود الآمنة لأجسادهم، ولا كيفية التصرف عند تعرضهم لسلوك غير مقبول، وهو ما يجعلهم عرضة للاستغلال المتكرر.
تعمل مؤسسات متخصصة في عدد من الدول العربية على تطوير برامج لحماية الأطفال ذوي الإعاقة، من بينها حملات توعية للأهل، وتدريب لمقدمي الرعاية والعاملين في المؤسسات التعليمية والتأهيلية.
وتشمل هذه البرامج تعريف الأسر بطرق اكتشاف العلامات الجسدية والنفسية للانتهاك، مثل الانعزال، أو الخوف من أشخاص معينين، أو التغيير المفاجئ في السلوك.
وتؤكد الجمعيات الحقوقية أن حماية الأطفال ذوي الإعاقة تتطلب منظومة متكاملة، تبدأ من القوانين الرادعة، مرورًا بتوفير قنوات إبلاغ آمنة وسرية، وصولًا إلى الدعم النفسي والقانوني للضحايا. كما تشدد على أهمية دمج التربية الجنسية الوقائية في برامج التأهيل والتعليم، بما يتناسب مع قدرات كل طفل.
دعم الفتيات.. ضرورة عاجلة
تظهر الإحصاءات أن الفتيات ذوات الإعاقة يواجهن أعلى معدلات الاستغلال، خصوصًا في البيئات الفقيرة أو في الأسر التي تفتقر للوعي. وتحتاج هذه الفئة إلى برامج حماية مضاعفة، تشمل توعيتها بحقوقها الجسدية، وتدريب الأهالي على استراتيجيات الحماية، وتعزيز قدرة المؤسسات على التدخل المبكر.
تؤكد منظمات حقوقية أن الحد من الاعتداء الجنسي على الأطفال ذوي الإعاقة يتطلب رؤية شاملة، تتضمن شراكة بين الدولة والمجتمع المدني والأسر ووسائل الإعلام. فالتوعية المستمرة، وفتح مسارات آمنة للإبلاغ، وتدريب الكوادر، عناصر لا غنى عنها لحماية هؤلاء الأطفال وتمكينهم من النمو في بيئة تصون كرامتهم وتحترم إنسانيتهم.
ويبقى التحدي الأكبر هو كسر حاجز الصمت، وإشراك الأطفال ذوي الإعاقة —بما يتناسب مع قدراتهم— في فهم معنى الأمان وحدود الجسد، لضمان عالم يسمح لهم بالعيش دون خوف أو استغلال.


.png)


















































