يشكل مرض السكري خطرًا متناميًا على ملايين الأشخاص حول العالم، خاصة في سنّ العمل، إذ تتجاوز آثاره مجرد ارتفاع مستوى السكر في الدم لتصل إلى إعاقات دائمة تُهدد القدرة على الحركة والإبصار.
وتشير بيانات الاتحاد الدولي للسكري إلى أن كل 30 ثانية يُفقد طرف سفلي في العالم، نتيجة مضاعفات المرض، وهو رقم يبرز حجم الأزمة الصحية والإنسانية المرتبطة بالسكري، وما يخلّفه من تبعات اقتصادية واجتماعية على الأسر والمجتمعات.
كما يؤكد خبراء الصحة أن العمى يعدّ من أبرز الإعاقات الناتجة عن المرض، إذ يفقد أكثر من مليون شخص بصرهم سنويًا بسبب مضاعفاته على شبكية العين.
ويأتي اليوم العالمي للسكري، الذي غدا الجمعة، 14 نوفمبر من كل عام، ليذكّر العالم بخطورة هذا المرض المزمن الذي يمسّ جميع الفئات العمرية، وليدعو إلى تحرّك جماعي نحو الوقاية والكشف المبكر.

ويركز الاحتفاء هذا العام على حماية العاملين في سنّ الإنتاج من مضاعفات المرض، التي تُفقدهم القدرة على العمل والاستقلالية، عبر حملات توعية وفحوص دورية، وتوفير بيئات عمل أكثر دعمًا للمصابين.
إحصاءات رسمية توثق حجم خطر السكري
تؤكد البيانات الرسمية الصادرة عن الاتحاد الدولي للسكري (IDF) أن طرف سفلي يتم بتره بسبب السكري في العالم، كل نصف دقيقة، وهو تقدير يعتمد على بيانات عالمية لتوزيع مضاعفات المرض عبر القارات.
من ناحية أخرى تُشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن السكري يُعد أحد الأسباب الرئيسة لبتر الأطراف، نتيجة مضاعفات مثل اعتلال الأعصاب الطرفية وضعف تدفق الدم وتقرحات القدم المزمنة.
أما فيما يتعلق بالعمى، فقد كشفت مجلة Eye التابعة لمؤسسة Nature عام 2024 أن نحو 1.07 مليون شخص فقدوا بصرهم كليًا عام 2020 بسبب «الاعتلال الشبكي السكري»، إلى جانب 3.28 مليون شخص يعانون ضعفًا بصريًا شديدًا.
وتوضح الدراسة أن هذا الرقم تضاعف أكثر من ثلاث مرات، منذ عام 1990، ما يجعل فقدان البصر أحد أكثر الإعاقات شيوعًا بين المصابين بالسكري في سن العمل.

حالات البتر.. كل 30 ثانية إنسان يفقد حرية الحركة
يعني الرقم المعلن من الاتحاد الدولي للسكري أن هناك أكثر من 2,500 عملية بتر يوميًا حول العالم، نتيجة مضاعفات السكري.
وتبدأ القصة عادة بإصابة بسيطة في القدم، تتطور بسبب اعتلال الأعصاب الطرفية الذي يُفقد المريض الإحساس بالألم، فيتأخر اكتشاف الجرح، ومع ضعف تدفق الدم، يتحوّل إلى قرحة مزمنة، أو عدوى خطيرة تستدعي البتر.
وتشير دراسة طبية حديثة نشرت في عام 2023 إلى أن مرضى السكري يشكلون قرابة 69% من حالات بتر الأطراف السفلية غير الناتجة عن الحوادث. وغالبًا ما يصيب البتر أشخاصًا في سن العمل، ما يعني خسارة مباشرة للقدرة على الكسب، وزيادة الحاجة إلى الدعم الاجتماعي والتأهيل المهني.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن الوقاية من هذه الحالات تبدأ من فحص القدمين بانتظام، وارتداء الأحذية الطبية المناسبة، والسيطرة على مستويات السكر وضغط الدم. وتشدد على أن التدخل المبكر يقلل احتمالات البتر بنسبة تصل إلى 85%.
العمى وضعف البصر.. إعاقات تهدد الإنتاجية
أما الإعاقة البصرية الناتجة عن السكري، فهي من أكثر الحالات التي تؤثر في القدرة على العمل والحياة المستقلة. ويحدث العمى بسبب تضرر الأوعية الدموية الدقيقة في شبكية العين، فيما يُعرف باسم الاعتلال الشبكي السكري.
ووفق دراسة منشورة في مجلة Eye عام 2024، بلغ عدد المصابين بالعمى الكامل جراء هذه المضاعفات، نحو 1.07 مليون شخص في عام 2020، في حين يقدر عدد المصابين بضعف بصري حاد بـ 3.28 مليون شخص.

من ناحيتها أكدت منظمة الصحة العالمية أن السكري أصبح «أحد الأسباب الأربعة الرئيسية لفقدان البصر في سن العمل عالميًا»، محذّرةً من أن الاكتشاف المتأخر يُضاعف خطر العمى الدائم.
ويؤدي فقدان البصر إلى تراجع حاد في الإنتاجية، وزيادة معدلات البطالة، وتحديات كبيرة في بيئات العمل غير المهيأة. لذلك، تدعو الهيئات الصحية إلى إدراج فحوص العين الدورية ضمن برامج الرعاية، خاصةً في أماكن العمل.
إعاقات ومضاعفات أخرى يسببها السكري
من جهة أخرى لا يتوقف خطر السكري عند البتر والعمى، بل يمتد إلى إعاقات متعددة تشمل الفشل الكلوي، وأمراض القلب والأوعية الدموية، واعتلال الأعصاب الطرفية، وهي مضاعفات تحدّ من قدرة المريض على الحركة أو التركيز أو أداء الأنشطة اليومية.
من جانبه يشير الاتحاد الدولي للسكري إلى أن الأشخاص المصابين بالمرض أكثر عرضة بثلاثة أضعاف للإصابة بأمراض القلب مقارنة بغير المصابين، كما ترتفع لديهم احتمالات الفشل الكلوي بعشر مرات.
وتوصي منظمة الصحة العالمية بالتحكم في ضغط الدم ومستوى الدهون وممارسة النشاط البدني المنتظم كخطوات رئيسية لتقليل خطر هذه الإعاقات.


.png)


















































