بودكاست ومنصة للتغيير.. رحلة «أليس وونج» في تمكين ذوي الإعاقة

بودكاست ومنصة للتغيير.. رحلة «أليس وونج» في تمكين ذوي الإعاقة

المحرر: محمود الغول - مصر
الناشطة الأمريكية أليس وونج مقدمة البودكاست ومؤسسة المنصة

في الغالب تروى قصص الإعاقة من منظور خارجي، بينما برزت أليس وونج الناشطة والمؤلفة والإعلامية الأمريكية كصوت مؤثر يسعى لتغيير هذه النظرة حيث أطلقت في عام 2014 مشروع «رؤية الإعاقة» (Disability Visibility Project)، وهو منصة رقمية ومجتمعية تهدف إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من سرد قصصهم بأنفسهم.

نتعرف في هذا التقرير على مشروع رؤية الإعاقة الذي أطلقته الناشطة أليس وونج، ويمنح منصة لذوي الإعاقة لسرد قصصهم بأنفسهم، بعيداً عن الصور النمطية.

يهدف المشروع  إلى تقديم رؤى حقيقية تأخذ في الاعتبار خبراتهم الشخصية والثقافية، بعيدة عن النظرة المحدودة للإعاقة كعجز يحتاج إلى تصحيح أو إصلاح.

يكمن جوهر المشروع في مبدأ أساسي ضمن حركة حقوق ذوي الإعاقة: «لا شيء يخصنا دون مشاركتنا»، ومن هذا المنطلق تعاونت وونج مع منظمة «ستوري كوربس» (StoryCorps) غير الربحية المتخصصة في التوثيق التاريخي الشفوي، لجمع قصص وتجارب ذوي الإعاقة وتأسيس أرشيف تاريخي خاص بهم ضمن «مركز الفولكلور الأمريكي» في مكتبة الكونجرس.

يأتي هذا التوثيق كخطوة رائدة ترسي حق ذوي الإعاقة في أن يكون لهم سجل تاريخي يعكس أصواتهم وتجاربهم الحقيقية، بدلا من أن يكونوا موضوعا في قصص يرويها الآخرون.

 أليس وونج في غحدى حلقات البودكاست
أليس وونج في غحدى حلقات البودكاست

بودكاست «رؤية الإعاقة» نافذة على الداخل
في سبتمبر 2017 توسع المشروع بإطلاق بودكاست «رؤية الإعاقة» الذي استضافت فيه وونج، وهي تعيش مع مرض ضمور العضلات الشوكي، حوارات معمقة مع مجموعة واسعة من الضيوف ذوي الإعاقة، ليتجاوز الحديث عن الإعاقات بمفهومها الطبي أو حاجات الوصول فقط، إلى مناقشة السياسة والثقافة والفن والإعلام وحياة الأشخاص اليومية من خلال عدسة ذاتية وحقيقية.

تناولت حلقات البودكاست (أكثر من 100 حلقة) العديد من الموضوعات الهامة، مثل النشاط السياسي الإلكتروني وحملات مثل #CripTheVote التي تشجع المشاركة السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة، وتجارب الطلاب واللاجئين والمهاجرين ذوي الإعاقة وكيف يواجهون تحديات متعددة الأوجه، والفن والتكنولوجيا من منظورات مبتكرة وغير تقليدية تعكس تجارب ذوي الإعاقة.

وكذلك تناولت دور ذوي الإعاقة في التوعية بقضايا التغير المناخي وأهمية إدماجهم في الجهود البيئية، والتحديات الصحية لا سيما التمييز الذي واجهوه أثناء جائحة كوفيد-19.

امتد تأثير هذا البودكاست ليشمل أصواتا من خلفيات عرقية وثقافية متنوعة، مثل أطباء ذوي بشرة سوداء وفنانين من أصول أفرو-لاتينية، ما جعله منصة معترف بها عالميا لإبراز التنوع داخل مجتمع ذوي الإعاقة.

وفي عام 2021 صنفته مجلة «ريفينيري 29» كأحد أفضل 15 بودكاست نسائي لا يحظى بالاهتمام الكافي رغم قيمته الكبيرة.

مقتطفات من مقابلات مع أليس وونج وضيوفها
قالت أليس وونج في إحدى مقابلاتها حول المشروع: «القصة التي نحكيها عن الإعاقة يجب أن تأتي من داخل مجتمع ذوي الإعاقة نفسه، لا أن تفرضه علينا وجهات نظر خارجية، هدفنا هو إعطاء صوت لأصحاب التجربة الحقيقية، لأنهم الأكثر قدرة على التعبير عن واقع حياتهم وطموحاتهم وصراعاتهم».

وأضافت وونج: «حين أسسنا المشروع أردنا أن نمكن الأشخاص من سرد قصصهم بحرية، بعيدا عن وصمة العجز. في البودكاست تحدثنا مع العديد من الأشخاص الذين يكسرون الصور النمطية عن الإعاقة مثل فنانين وناشطين وأطباء لنثبت أن الإعاقة ليست نهاية الطريق بل جزء من هوية متكاملة».

من جانب آخر تحدثت الناشطة ماريا رودريجيز، ضيفة في بودكاست «رؤية الإعاقة» عن تجربتها كلاجئة ذات إعاقة قائلة: «وجود مساحة أشارك فيها قصتي من دون خوف من الحكم أو التبسيط هو أمر غير حياتي عبر هذا البودكاست والمشروع، شعرت أن صوتي يسمع وأني جزء من حركة أكبر تسعى لتغيير الثقافة بالكامل».

أما الدكتور داريل جونسون طبيب أعمال ذي إعاقة وبشرة سوداء فقال: «البرنامج وفر لي منصة لمناقشة التحديات التي يواجهها الأطباء من ذوي الإعاقة والأقليات العرقية، التي كثيرا ما تهمش. رؤية الإعاقة ليست فقط مواجهة عنصرية أو تمييز، بل هو بناء مجتمع يدعم التنوع بكل أشكاله».

مشروع شامل ومتعدد الأوجه
إلى جانب البودكاست يشمل «رؤية الإعاقة» مجموعة واسعة من الأنشطة الرقمية والاجتماعية التي تهدف إلى تعزيز وتمكين ذوي الإعاقة.

وتمثل ذلك في نشر المحتوى حيث يضم الموقع مقالات وتقارير ومدونات حصرية من كتاب ذوي إعاقة، تتناول قضايا التمييز على أساس القدرة والتقاطع مع قضايا أخرى كالعرق والجنس والسياسة.

وكذلك بناء المجتمع إذ يوفر المشروع منصات افتراضية للأفراد ذوي الإعاقة للمشاركة، التواصل والتنظيم، إضافة إلى فعاليات وندوات تثقيفية وتوعوية.

والوسائط الرقمية حيث يجمع المشروع محتوى متنوعا مثل التغريدات ومقاطع الفيديو والصوتيات والصور، بهدف توثيق صور وأصوات ذوي الإعاقة في أبعاد متعددة.

فضلاا عن لمناصرة، إذ يعزز المشروع الوعي بثقافة وتاريخ الإعاقة، ويدعم المنظمات والأفراد العاملين في مجال حقوق ذوي الإعاقة.

طالع: جنوب إفريقيا تطلق تقنيات جديدة لتحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة

طالع: الإمارات تطلق مشروعًا وطنيًا لتوثيق تاريخ الدولة بأصوات ذوي الإعاقة

أليس وونج صوت بارز في الحركة
تمتلك أليس وونج حضورا قويا كناشطة في مجال حقوق ذوي الإعاقة، لا سيما مع تعيينها في المجلس الوطني للإعاقة خلال ولاية الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، كما ساهمت في تحرير كتابين أساسيين يدعمان رسائل المشروع: الأول «رؤية الإعاقة: قصص من القرن الحادي والعشرين» (2020) الذي جمع 37 مقالا من كتاب ذوي إعاقة والنسخة المبسطة منه للشباب.

تمثل هذه المنشورات جزءا لا يتجزأ من مهمة المشروع في توثيق ونشر قصص ذوي الإعاقة لتوسيع مدى وصولها والتأثير بها في المجتمعات والثقافات المختلفة.

ينقل مشروع «رؤية الإعاقة» رسالة محورية تخالف الصورة النمطية للإعاقة فبدلا من النظر إليها كعجز فردي، يطرح المشروع الإعاقة كهوية مجتمعية غنية بتاريخ وثقافة خاصة، وأساليب حياة متفردة، وحركات سياسية واجتماعية ذات صوت مسموع. إعادة تشكيل السرد بهذه الطريقة تزيد من تمكين ذوي الإعاقة وتعزز من حضورهم في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية.

لهذا كله يمكن القول إن مشروع «رؤية الإعاقة» بقيادة أليس وونج يمثل ثورة حقيقية في مجال حقوق ذوي الإعاقة، مقدما نموذجا يحتذى به في صناعة منصة شاملة تعطي الفرصة للصوت الداخلي بأن يسمع ويحترم، وليس فقط أن يروى من الخارج، وبهذا يتحول ذوو الإعاقة من موضوعات استهلاك قصصي إلى فاعلين وصناع رواياتهم ومستقبلهم.

المقالة السابقة
مصر تطلق مبادرة «أسرتي قوتي» لدعم ذوي الإعاقة وأسرهم
المقالة التالية
تضاعف معدلات الإعاقة الإدراكية بين الشباب الأميركيين خلال عقد واحد

وسوم

أمثال الحويلة (409) إعلان عمان برلين (482) اتفاقية الإعاقة (624) الإعاقة (145) الاستدامة (1123) التحالف الدولي للإعاقة (1095) التشريعات الوطنية (867) التعاون العربي (537) التعليم (85) التعليم الدامج (66) التمكين الاقتصادي (91) التنمية الاجتماعية (1116) التنمية المستدامة. (89) التوظيف (66) التوظيف الدامج (849) الدامج (58) الدمج الاجتماعي (653) الدمج المجتمعي (166) الذكاء الاصطناعي (88) العدالة الاجتماعية (75) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (530) الكويت (92) المجتمع المدني (1099) الولايات المتحدة (64) تكافؤ الفرص (1091) تمكين (93) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (539) حقوق الإنسان (78) حقوق ذوي الإعاقة (97) دليل الكويت للإعاقة 2025 (384) ذوو الإعاقة (160) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1055) ذوي الإعاقة (549) ذوي الهمم (59) ريادة الأعمال (409) سياسات الدمج (1077) شركاء لتوظيفهم (399) قمة الدوحة 2025 (668) كود البناء (468) لغة الإشارة (73) مؤتمر الأمم المتحدة (355) مجتمع شامل (1086) مدرب لغة الإشارة (655) مصر (99) منظمة الصحة العالمية (678)