بين العجز والنسيان.. قصص مؤلمة لمسنين ذوي إعاقة في المغرب

بين العجز والنسيان.. قصص مؤلمة لمسنين ذوي إعاقة في المغرب

المحرر: سماح ممدوح حسن-المغرب

يواجه العديد من كبار السن من ذوي الإعاقة بالمملكة المغربية، أوضاعًا معيشية قاسية، تتراوح بين الإهمال والعزلة وغياب الرعاية الصحية والاجتماعية الكافية. وتتضاعف معاناتهم حين يفقدون مصدر الدخل أو الدعم الأسري، ليجدوا أنفسهم في مواجهة قسوة الحياة وحدهم.

وفي هذا السياق، سردت صحيفة هسبريس، قصة عبد العزيز الخمسي، رجل مسن من جماعة بني وليد بإقليم تاونات، يعيش تجربة تختصر وجع هذه الفئة المنسية.

فقد تخلّت عنه زوجته، واضطر إلى استئجار بيت متواضع يعتمد فيه على مساعدات المحسنين، إلى أن أصيب بمرض انتهى ببتر إحدى ساقيه، لتبدأ فصول معاناة جديدة.

بصوت يغلب عليه الحزن، يقول الخمسي: «بعدما تخلّت عني زوجتي، وجدت نفسي أعيش وحيدًا في مركز بني وليد. استأجرت بيتًا صغيرًا بإيجار بسيط، وكنت أعتمد على مساعدات المحسنين حتى أصابني المرض، واضطر الأطباء إلى بتر إحدى ساقيّ، لتبدأ معاناة جديدة »

ويضيف عبد العزيز: «أشكر الله أولاً، ثم كل من يمد لي يد العون، فقد وجدت في الناس خيرًا ورحمة. لكن تجربتي في دار العجزة كانت قاسية، إذ لم أجد فيها الرعاية أو الاهتمام الذي كنت أرجوه. شعرت بالإرهاق والوحدة، فقررت العودة إلى بني وليد، حيث أعيش بين أناس يعرفونني ويهتمون بي أكثر مما وجدت في الدار. رغم بساطة العيش هنا، أشعر أني في مكان أكرم وأقرب للإنسانية».

قصة الخمسي تعكس جانبًا من واقع المسنين من الأشخاص ذوي الإعاقة في المغرب، الذين يواجه كثير منهم التهميش ونقص الرعاية، خصوصًا بعد تخلي أسرهم عنهم.

في هذا السياق، أوضحت فاطمة الزهراء بوغزال، المكلفة بالرعاية الاجتماعية في أحد دور العجزة بمدينة الدار البيضاء، أن «عددًا كبيرًا من المسنين من الأشخاص ذوي الإعاقة يتعرضون للتخلي من قبل أسرهم، فينتهي بهم الأمر إلى التسول أو الاستغلال»

وأضافت أن دور العجزة تحاول احتضان هؤلاء الأشخاص وتقديم الرعاية الممكنة لهم، لكنها تواجه تحديات كبيرة، منها ضعف الإمكانيات ونقص الكوادر المتخصصة، مؤكدة أن «العاملين في هذه الدور غالبًا لا يتلقون التدريب المهني اللازم للتعامل مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يؤثر على جودة الرعاية المقدمة لهم. »

وشددت بوغزال على أهمية توظيف مساعدين اجتماعيين مؤهلين ومتخصصين في التعامل مع المسنين من الأشخاص ذوي الإعاقة، داعية إلى تعزيز الدعم الحكومي والتمويل لتحسين الخدمات داخل هذه المؤسسات وضمان حياة أكثر كرامة للمستفيدين.

أما عبد العزيز، الذي بُترت إحدى ساقيه وتعرضت الأخرى لشلل تام، فيرفض العودة إلى دار العجزة بعد التجربة التي وصفها بالقاسية. يقول بأسى: «كل ما أريده هو كرسي متحرك يساعدني على التحرك بحرية. الآن أمضي معظم وقتي جالسًا في مكان واحد، ولا أتحرك إلا بمساعدة الجيران الذين يحملونني إلى غرفتي الصغيرة».

وعن سبب إعاقته، أوضح أن إصابته بمرض السكري وارتفاع نسبة السكر في الدم كانت السبب في بتر ساقه، وأن الأطباء حذّروه من احتمال بتر الثانية، ما يزيد من معاناته وخوفه من المستقبل.

وحول مسألة توفير الكراسي المتحركة داخل دور العجزة، أشارت بوغزال إلى أن «هذه المؤسسات تبذل جهودًا لتوفير الكراسي لمن يحتاجونها، من خلال التعاون مع الجمعيات أو مبادرات المجتمع المدني. » وضربت مثالًا بحالة أحد المسنين الذين استفادوا من كرسي متحرك بعد تدخل إدارة الدار وإحدى الجمعيات.

وبيّنت أن بعض دور العجزة تعتمد على شراكاتها مع جمعيات ومنظمات تعمل كوسيط بين وزارة التضامن والمواطنين، وأحيانًا بمساعدة من جهات خارجية، لتوفير المعدات الأساسية مثل الكراسي المتحركة والمستلزمات الطبية، لكنها نبهت إلى أن «ليس كل الدور تمتلك الإمكانيات أو الشركاء القادرين على دعمها».

من جهته، أكد مصدر مسؤول بوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في تصريح أن الوزارة تعمل على توفير الكراسي والمستلزمات الضرورية للأشخاص ذوي الإعاقة المسنين بالتنسيق مع الجمعيات والهيئات المدنية في مختلف الجهات، لضمان حصولهم على الدعم والرعاية التي تتيح لهم العيش بكرامة واستقلالية.

قصة عبد العزيز الخمسي ليست سوى نموذج لمعاناة كثير من كبار السن من ذوي الإعاقة في المغرب، الذين يعيشون في عزلة تامة، يواجهون المرض والفقر بصبرٍ مؤلم، وينتظرون التفاتة تضمن لهم حياةً أكثر كرامة وأمانًا.

المقالة السابقة
بعد إنتهاء بطولة العالم لرفع الأثقال البارلمبية.. الربّاعة الذهبية نادية فكري تروي كواليس النصر
المقالة التالية
رغم حكم قضائي.. تحذير  لمواطن من ذوي الإعاقة بإخلاء منزله بالأردن  

وسوم

أمثال الحويلة (477) إعلان عمان برلين (558) اتفاقية الإعاقة (714) الإعاقة (160) الاستدامة (1212) التحالف الدولي للإعاقة (1184) التشريعات الوطنية (956) التعاون العربي (626) التعليم (97) التعليم الدامج (69) التمكين الاقتصادي (103) التنمية الاجتماعية (1203) التنمية المستدامة. (101) التوظيف (75) التوظيف الدامج (926) الدامج (68) الدمج الاجتماعي (736) الدمج المجتمعي (180) الذكاء الاصطناعي (98) العدالة الاجتماعية (84) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (610) الكويت (107) المجتمع المدني (1179) الولايات المتحدة (71) تكافؤ الفرص (1173) تمكين (101) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (616) حقوق الإنسان (89) حقوق ذوي الإعاقة (105) دليل الكويت للإعاقة 2025 (459) ذوو الإعاقة (175) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1127) ذوي الإعاقة (597) ذوي الهمم (65) ريادة الأعمال (491) سياسات الدمج (1157) شركاء لتوظيفهم (480) قمة الدوحة 2025 (744) كود البناء (544) لغة الإشارة (81) مؤتمر الأمم المتحدة (437) مجتمع شامل (1168) مدرب لغة الإشارة (737) مصر (130) منظمة الصحة العالمية (762)