تونسي يصاب بشلل كلي بعد سقوطه في بئر وزوجته تستغيث برئيس الجمهورية

تونسي يصاب بشلل كلي بعد سقوطه في بئر وزوجته تستغيث برئيس الجمهورية

المحرر: ماهر أبو رماد - تونس
ناجح علوي طريح الفراش

ناجح علوي، موظف تونسي بسيط من ولاية سيدي بوزيد، يعمل في المركز الجهوي للضرائب، لم يكن يدرك أن صحته ستخونه وهو في ريعان الشباب، ليرقد في فراشه مصابًا بشلل كلي، ولا يستطيع تحريك أطرافه.

فُصل ناجح من وظيفته بعد 12 عامًا من الكفاح والعمل بجد وشرف، لكن الجهة التي كان يعمل بها لم تحتمل مرضه، وقررت التخلّي عنه، رغم أنه كان يتقاضى 150 دولارًا في الشهر، يقول: “كنت أعمل في المندوبية الجهوية للثقافة بسيدي بوزيد من عام 2010 إلى عام 2018، ثم انتقلت إلى المركز الجهوي للضرائب بسيدي بوزيد (وزارة المالية) من عام 2018 إلى عام 2022”.

لم يكن أجره يكفي لتغطية نفقات أسرته، لكنه كان ضروريا لمواصلة العيش، فناجح علوي، الذي لم يودّع بعد ربيعه الأربعين، أصبح فجأة من ذوي الإعاقة، وهو يسعى على رزقه ورزق أسرته، فالراتب الحكومي لم يك يكفي نفقات أسرته الصغيرة، فكان يضطر للعمل في الفلاحة، وفي يومي راحته الأسبوعية، السبت والأحد، ذهب كعادته للعمل في الفلاحة، لتحسين دخله، لينفق على أسرته، فهو زوج وأب لطفلين، أحدهما في التاسعة من عمره، والآخر في الثانية عشرة، يقول: هم بحاجة إلى رعايتي واهتمامي.

من جانبها استغاثت زوجة ناجح علوي برئيس الجمهورية التونسي الرئيس قيس سعيد، التدخل لإنقاذ زوجها الذي يرقد في سريره منذ سنوات.

سيناريو الكارثة

كان ناجح يسير في إحدى المناطق الزراعية بولاية سيدي بوزيد، فسقط في بئر عميقة، تمكّن الأهالي من إخراجه حيًّا، لكنه خرج مصابًا بإصابات بالغة في عموده الفقري وأعضاء أخرى، تسببت له في شلل كلي، فخارت قواه، وأصبح غير قادر على الحركة.

بدأت مرحلة جديدة من المعاناة والألم فوق أسرّة المستشفيات الحكومية، تقارير طبية وأشعة تؤكد ضرورة خضوعه لأكثر من عملية جراحية خطيرة ومعقدة ليستعيد جسده عافيته، ويستعيد قدرته على الحركة والعمل، لينفق على أسرته من جديد.

معاناة العلاج

أزمة جديدة تواجه ناجح، فالمستشفى الحكومي يرفض إجراء العمليات الجراحية، ولا يعرف السبب، لكنه يعتقد أن السبب هو الروتين وعدم الاهتمام بذوي الإعاقة والمرضى عمومًا.

أما المستشفيات الخاصة، فتطلب مبالغ كبيرة من المال، يصعب عليه تدبيرها، الحل الممكن هو موافقة وزارة الصحة على إجراء العمليات على نفقتها في أحد المستشفيات الحكومية.

3 سنوات من الألم

التونسي ناجح علوي يرقد في سريره منذ 3 سنوات، مخاطباته ورسائله إلى رئاسة الحكومة ووزارة الصحة لم تتوقف، طلبًا لحقه الدستوري في العلاج، لكن “لا حياة لمن تنادي” يقول ناجح: «أنا أموت كل يوم مائة مرة».

التونسي ناجح علوي
التونسي ناجح علوي يرقد في سريره منذ 5 سنوات

أقدار لا ترحم

لم يكن السقوط في البئر أولى المصائب التي ألمّت به، فقد اكتشف لاحقًا إصابته بمرض السرطان.

يقول: “أنا راضٍ بقضاء الله، وأدعوه أن يطهّر جسدي من المرض والألم. في الحقيقة، لا أريد صدقة، ولا أبحث عن فاعل خير. كل ما أريده هو الحصول على حقي في العلاج، باعتباري من ذوي الإعاقات الحركية”.

التقرير الطبي لحالة ناجح علوي

ذوو الإعاقة، خصوصًا المصابون بالشلل الكلي أو الجزئي في تونس، يعيشون ظروفًا صعبة، تشير الإحصائيات إلى أن عدد الأشخاص من ذوي الإعاقة في تونس يُقدَّر بحوالي 1,749,000 شخص، أي ما يعادل نحو 15.5٪ من السكان فوق سن 5 سنوات.

ومع ذلك، لا يحمل بطاقة إعاقة سوى حوالي 1.6٪ منهم فقط. وهناك أكثر من 375 ألف شخص يعانون من إعاقة عميقة (حوالي 3.3٪ من السكان).

التقرير الطبي لحالة التونسي ناجح

قوانين على الورق

في عام 2016، صدر القانون عدد 41 الذي يحدد تخصيص 2٪ من التعيينات السنوية في القطاع العام للأشاخص ذوي الإعاقة، ونفس النسبة للشركات، لكن في الواقع تُظهر بيانات تفقدية أن التطبيق شحيح، وبين عامي 2010 و2014، من بين 774,787 عاملاً تمت مراقبتهم، كان فقط 897 من ذوي الإعاقة، ثم انخفض العدد إلى 184 من بين 448,582 عاملاً.

العديد من المعوقات تعترض تحقيق التمكين  والحق في العلاج لناجح علوي وغيره من ذوي الإعاقة، يأتى على رأس المعوقات ضعف البنية التحتية، ومنها الطرق والمرافق والدواوين الحكومية غير الميسَّرة، إلى جانب نقص وسائل النقل المهيّئة، وقصور في المرافق الصحية والتجهيزات الطبية اللازمة، وغياب المتابعة المستدامة من الدولة.

حسب القوانين التونسية فإن جهات الدولة المسؤولة عن ذوي الإعاقة تشمل وزارة الشؤون الاجتماعية – وحدة العيش لإيواء الأشخاص الكهول المعاقين مثلاً، تابعة لها ومعهد النهوض بالمعاقين، وهيئات حكومية معنية بحقوق الإنسان.

كما تعمل بعض الجمعيات المحلية في التأهيل والإدماج تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، لكن التمويل محدود، والدعم الشامل غائب أو متقطّع.

بخصوص تمويل العلاج والتمكين، غالبًا ما يعتمد الأشخاص على التبرعات والجمعيات، لا على تغطية شاملة من الدولة، ويعتبر التحدي الأكبر أن الكثيرين لا يحصلون حتى على بطاقة إعاقة، ما يحرمهم من المزايا (رعاية طبية، دعم اجتماعي، أولوية في التوظيف).

بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص في الإحصائيات المخصصة لمرضى الشلل تحديدًا، فلا توجد بيانات موثوقة حديثة تفصيلية عن عدد المصابين بالشلل الكلي أو الجزئي في تونس من مؤسسات رسمية منشورة على نطاق واسع.

ورغم وجود تشريعات وسياسات، فإن الواقع على الأرض يشهد تفاوتًا كبيرًا، وغالبًا ما تُهمَل الفئات الأكثر ضعفًا، إذا أرادت الدولة أن تكون جادة في التمكين الاجتماعي، فلا بد من إنفاذ القوانين، وتخصيص موارد حقيقية، ومتابعة ميدانية، وضغط إعلامي واجتماعي لرصد التجاوزات والعمل على معالجتها.

المقالة السابقة
بريطانيا تمنح جائزة لنادٍ مبارزة أُنشئ لتمكين ذوات الإعاقة
المقالة التالية
منصة إقراض إندونيسية تطلق مبادرة لدعم مشروعات ذوي الإعاقة

وسوم

أمثال الحويلة (429) إعلان عمان برلين (505) اتفاقية الإعاقة (649) الإعاقة (148) الاستدامة (1148) التحالف الدولي للإعاقة (1120) التشريعات الوطنية (892) التعاون العربي (562) التعليم (87) التعليم الدامج (66) التمكين الاقتصادي (95) التنمية الاجتماعية (1142) التنمية المستدامة. (94) التوظيف (68) التوظيف الدامج (872) الدامج (60) الدمج الاجتماعي (677) الدمج المجتمعي (169) الذكاء الاصطناعي (90) العدالة الاجتماعية (79) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (553) الكويت (96) المجتمع المدني (1123) الولايات المتحدة (66) تكافؤ الفرص (1114) تمكين (93) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (561) حقوق الإنسان (82) حقوق ذوي الإعاقة (99) دليل الكويت للإعاقة 2025 (405) ذوو الإعاقة (163) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1076) ذوي الإعاقة (557) ذوي الهمم (61) ريادة الأعمال (432) سياسات الدمج (1100) شركاء لتوظيفهم (422) قمة الدوحة 2025 (690) كود البناء (490) لغة الإشارة (75) مؤتمر الأمم المتحدة (379) مجتمع شامل (1110) مدرب لغة الإشارة (679) مصر (104) منظمة الصحة العالمية (703)