أظهرت دراسة صادرة عن باحثين من جامعة مانشستر ومؤسسة Christie NHS Foundation Trust أن الأشخاص في إنجلترا من ذوي الإعاقة الذهنية يواجهون خطرًا أعلى للإصابة بالسرطان، خاصة قبل سن الخمسين.
وبحسب الدراسة المنشورة في مجلة The Lancet Regional Health، فإن أعراضهم ذوي الإعاقة الذهنية تُفحَص بشكل أقل ويتلقون علاجًا أقل، كما أن توقعات سير المرض لديهم أسوأ.
واعتمد الباحثون على مجموعات ضخمة من البيانات الوطنية، ما يجعلها أكثر الدراسات شمولًا في هذا المجال حتى الآن.
وقارنت الدراسة بين 180,911 شخصًا من ذوي الإعاقة الذهنية وأكثر من 3.4 مليون شخص من غير ذوي الإعاقة، باستخدام بيانات مترابطة من الرعاية الأولية والمستشفيات وسجلات السرطان والوفيات.
ووجدت أنه عندما تظهر الأعراض التحذيرية المحتملة للإصابة بالسرطان، فإن الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية يكونون أقل احتمالًا بنحو النصف ليُحالوا للفحص العاجل.
ذوي الإعاقة الذهنية يُشّخصون بعد انتشار المرض
كما يجري تشخيصهم غالبًا بعد انتشار المرض، عندما تصبح فرص الشفاء غير ممكنة، ويكونون أقل تلقّيًا للجراحة أو العلاج الإشعاعي أو العلاج الدوائي المضاد للسرطان.
وكان متوسط العمر المتوقع بعد تشخيص السرطان أقصر بكثير، وخاصة لدى الأشخاص الذين لديهم إعاقة ذهنية شديدة أو متلازمة داون، إذ توفي معظمهم خلال أربع سنوات من التشخيص، مقارنة بتسع سنوات لدى غير ذوي الإعاقة الذهنية.
كما كشفت الدراسة أن بعض أنواع السرطان أكثر شيوعًا لدى الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية:
_معدلات الساركوما وهو نوع من أنواع السرطان ينشأ في الأنسجة الرخوة أو العظام، كانت أعلى بنحو الضعف
_وسرطانات الجهاز العصبي المركزي أعلى بثلاثة أضعاف ونصف
_وسرطان الخصية أعلى بالضعف
_وسرطان الرحم أعلى بنحو 70% مقارنة بعامة السكان.
وبينما كانت بعض السرطانات مثل الميلانوما أو سرطان الجلد، وسرطان الثدي والبروستات أقل شيوعًا لديهم، إلا أن خطر الوفاة بعد التشخيص كان أعلى بأربع مرات، مما يشير إلى احتمالات التأخر في التشخيص ووجود فجوات في الوصول إلى العلاج المناسب وفي الوقت المناسب.
ذوي الإعاقة الذهنية أكثر عرضة للسرطان قبل الخمسين
كما توصل الباحثون إلى أن الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسرطان قبل سن الخمسين بنسبة تفوق 70%. وكان هذا النمط واضحًا للغاية في سرطانات الجهاز العصبي والرحم والمبيض والجهاز الهضمي. أما سرطان المريء لدى من هم دون الخمسين، فكان أعلى بخمسة أضعاف لدى هذه الفئة.
ويقول الباحث الرئيسي للدراسة د. أوليفر كينيدي، المحاضر الإكلينيكي في جامعة مانشستر ومؤسسة Christie:
«نحن نعلم مسبقًا أن الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية يعانون من نتائج صحية أسوأ، لكن عبء السرطان لديهم غير مفهوم بالكامل. ولذا تُعد هذه الدراسة، وهي الأكثر شمولًا في هذا المجال، بالغة الأهمية لفهم التحديات الهائلة التي تواجهها هذه الفئة الضعيفة في الحصول على رعاية السرطان»
ويقول البروفيسور دارين أشكروفت، الباحث ومدير NIHR Greater Manchester Patient Safety Research Collaboration:
«غالبًا ما يواجه الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية عقبات في الوصول إلى الرعاية الصحية، مثل صعوبات التواصل أو ما يُعرف بالتشخيص المضلل، حيث يُرجع الأطباء الأعراض الجديدة إلى تشخيص سابق بدلًا من التحقيق في أسباب أخرى ممكنة.
هذه العوامل تسهم في سوء النتائج الصحية عمومًا. فبالإجمال، يعيش البالغون من ذوي الإعاقة الذهنية أقل بـ19 إلى 23 عامًا، وعلى الأرجح فأن 42% من الوفيات قابلة للمنع.
وتكشف هذه الدراسة عن ثغرات خطيرة وحالات مستمرة من عدم اليقين في رعاية السرطان تستحق مزيدًا من البحث»
وأضاف د. كينيدي: «نشتبه في أن كثيرًا من الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية يفوتهم التشخيص المبكر، نظرًا لانخفاض احتمال إحالتهم بشكل عاجل عند ظهور الأعراض التحذيرية.
ربما لهذا السبب شُخّصت السرطانات لديهم خارج مسارات الإحالة العاجلة، وفي كثير من الأحيان في مراحل متقدمة.
كما تسهم عوامل مثل نقص تدريب الموظفين وصعوبات التواصل وأنظمة المواعيد غير المرنة في هذا التفاوت»
أسباب الوفاة التي يمكن تجنبها لدى الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية
وقال جون سباركس، الحاصل على وسام الإمبراطورية البريطانية والرئيس التنفيذي لجمعية Mencap: «نعلم بالفعل أن السرطان هو ثاني أكثر أسباب الوفاة التي يمكن تجنبها لدى الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية. ومن غير المقبول أن يؤدي التأخر في التشخيص وعدم الإحالة العاجلة للعلاج إلى خسارتهم سنوات من حياتهم.
فالميلانوما وسرطان الثدي والبروستات أمراض قابلة للعلاج بدرجة كبيرة، لكن الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية أكثر عرضة للوفاة منها بأربع مرات بعد التشخيص. هناك خطأ كبير عندما يموت الناس بسبب غياب الفحص المناسب أو العلاج.
يجب على هيئة الصحة الوطنية NHS أن تقدم أداءً أفضل، من خلال إعطاء الأولوية للفحص المبكر والإحالة العاجلة للأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية، الذين نعلم أنهم أكثر عرضة لأنواع معينة من السرطان»


.png)


















































