كشفت دراسة حديثة، أجراها باحثان من كلية روتجرز للأعمال بالولايات المتحدة، عن أشكال معقدة من التحيز، يتعرض لها الموظفون ذوو الإعاقة، أثناء أداء مهام التفاوض المهني، حيث أظهرت النتائج أن الصور النمطية حول الكفاءة والثقة بالنفس تفرض ضغوطًا إضافية على هذه الفئة، وتنعكس بشكل متباين تبعًا لنوع الإعاقة وجنس الموظف.
وحسب تقرير نشره «هارفارد بزنس ريفيو» اعتمدت التجربة، التي شملت أكثر من ألفي مشارك، على سيناريو افتراضي لموظف يُدعى «أليكس» طُلب منه قيادة مفاوضات حساسة باسم شركته.
وجرى عرض نسخ مختلفة من شخصية أليكس، إما بلا إعاقة، أو باستخدام كرسي متحرك جراء إصابة في الحبل الشوكي، أو مصابًا بالصرع، أو باضطراب ثنائي القطب، كما جرى اختبار تأثير عامل النوع الاجتماعي عبر تقديم أليكس تارة كرجل وتارة كامرأة.
أظهرت النتائج أن الرجل على كرسي متحرك صُنّف باعتباره أكثر نزاهة وكفاءة تفاوضية من جميع النسخ الأخرى، وهو ما يتعارض مع أبحاث سابقة اعتبرت الأشخاص ذوي الإعاقة أقل كفاءة رغم وُدّهم، وفي المقابل، لم تحظ المرأة على الكرسي المتحرك بالتقييم ذاته، بل وُصفت في تعليقات المشاركين بأنها «عصبية» و«ضعيفة»، ما يشير إلى دور الصور النمطية المرتبطة بالنوع الاجتماعي في تشكيل الانطباعات.
وفي ما يتعلق بالإعاقات غير المرئية، أظهرت الدراسة أن الرجل المصاب باضطراب ثنائي القطب اعتُبر أقل نزاهة، بينما صُنّفت المرأة المصابة بالاضطراب نفسه بأنها أقل نزاهة وكفاءة معًا، وارتبطت بتعليقات سلبية قاسية اتسمت بتمييز قائم على النوع، مثل وصفها بـ«الغبية» و«غير المؤهلة».
أما الصرع، فرغم كونه إعاقة غير مرئية، لم يؤدِّ إلى تقييمات سلبية بالحدة نفسها، وهو ما يعكس وجود تحيز أشد تجاه الإعاقات النفسية.
خلص الباحثان إلى أن النساء ذوات الإعاقة يواجهن ما يسمى بـ«العبء المزدوج» الناتج عن تداخل الوصمة المرتبطة بالإعاقة مع التحيز القائم على النوع الاجتماعي.
وأكدت النتائج أن النجاح الفعلي في المفاوضات لا يكفي لإزالة هذه الانطباعات المسبقة، حيث ظل المشاركون أكثر تشكيكًا في كفاءة النساء المصابات بإعاقات نفسية حتى عند تحقيق نتائج إيجابية.
وأوصت الدراسة الشركات بتبني استراتيجيات عملية لمواجهة هذه التحيزات، تبدأ بتعزيز برامج التدريب المستمرة على التنوع والشمول بإشراف خبراء متخصصين، وتحسين أنظمة تقييم الأداء لتقليل الانحياز عبر وضع أهداف واضحة ومعايير قياس مسبقة، فضلًا عن ضمان تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة في مواقع القيادة بما يعزز الشعور بالانتماء ويمنح صوتًا مؤثرًا في عملية صنع القرار.
كما شددت على أهمية رعاية برامج الإرشاد والتوجيه والمساءلة الداخلية، إلى جانب مراجعة دورية لسياسات العمل لتحديد نقاط الضعف ومعالجتها.
وأكدت الدراسة أن مواجهة التحيزات المرتبطة بالإعاقة ليست مسألة عدالة اجتماعية فقط، بل هي أيضًا مصلحة استراتيجية للمؤسسات التي قد تخسر مواهب مؤثرة وتضر بسمعتها إذا لم تعالج هذه التحديات بجدية.