حذر خبراء بريطانيون من أن آلاف الأشخاص من ذوي الإعاقة الراغبين في العمل في بريطانيا، يواجهون عراقيل كبيرة بسبب نظام رعاية «مريض» وضعيف التمويل، وأيضا نقص التسهيلات في أماكن العمل، مما يهدد بانزلاق البلاد نحو «أزمة يمكن تفاديها».
ذكر موقع «إندبندنت» البريطاني أن تقريرًا جديدًا أعدّه الرئيس التنفيذي السابق لسلسلة «جون لويس»، السير تشارلي ميفيلد، حذّر من أن ضعف الرعاية الصحية في أماكن العمل يكلف أصحاب الأعمال في المملكة المتحدة نحو 85 مليار جنيه سنويًا، داعيًا إلى مسؤولية مشتركة بين أصحاب العمل والعاملين، والخدمات الصحية لتحسين بيئة العمل.
نظام الرعاية في بريطانيا «غير مفعل»
أوضحت بولين فوكس-ريد، 57 عامًا، وهي بريطانية كفيفة وصماء، من مدينة وولثام آبي، أنها اضطرت للاستقالة من عملها في صيدلية عام 2014 بعد رفض طلبها لتوفير الدعم الصحي اللازم، لتعيش منذ ذلك الوقت في تقاعد قسري.
وأكدت أنها ترغب في العودة إلى العمل لكنها تصطدم بحواجز متعددة، من بينها ضعف مهاراتها الرقمية، واعتمادها على مساعدة الآخرين، وحاجتها إلى بيئة هادئة لتتمكن من السمع. وقالت: «أنا تائهة في نظام لا يهتم بالبشر».
دعم مفقود ومعايير متقادمة
قالت فوكس-ريد إنها تملك مهارات قابلة للنقل بين الوظائف، لكنها تخشى أن يرى أصحاب العمل أن توفير التسهيلات اللازمة لشخص معاق أمر مكلف، مما يثنيهم عن توظيفها.
وأضافت أن مرور الوقت جعل مؤهلاتها تبدو «قديمة»، مشيرة إلى أن زيارة واحدة لمكتب العمل لم تقدم لها أي دعم عملي أو تدريب يساعدها على الاندماج في سوق العمل.
أكد التقرير أن العاملين في بريطانيا يعيشون «ثقافة خوف» مرتبطة بالمرض، وأن النظام الحالي يفتقر إلى آليات دعم فعالة لكل من الموظفين وأصحاب العمل، بينما يواجه ذوو الإعاقة تحديات هيكلية تمنعهم من المشاركة الاقتصادية.
وطالب ميفيلد باعتماد نموذج جديد يوزّع المسؤولية عن صحة العاملين بين الأطراف الثلاثة، بدل تركها للعامل وحده أو للخدمات الصحية.
انتقادات لغياب الشمولية
قال دان وايت، من منظمة «حقوق ذوي الإعاقة في بريطانيا»، إن التقرير «يُلقي اللوم على الأشخاص ذوي الإعاقة بدلًا من النظام»، مضيفًا أن المشكلة الحقيقية تكمن في الحواجز الاجتماعية والبيئية، وليس في الإعاقة نفسها.
وأوضح أن الحكومة تقلص برامج مثل «الوصول إلى العمل» التي تساعد ذوي الإعاقة على الاندماج، بينما يغيب النقد الموجه إلى أرباب العمل الذين يتجاهلون التزاماتهم بموجب «قانون المساواة».
روى جيمي ماكورمك، 53 عامًا، وهو مستخدم كرسي متحرك، تجربته قائلاً إنه لم يتمكن من الحصول على عمل منذ عام 2017 بسبب ضعف التسهيلات المكانية والتقنية، مؤكدًا أنه يريد العمل ولكن «الفرص غير متاحة».
وأضاف أن بعض أصحاب العمل ينظرون إلى توظيف شخص غاب عن العمل أكثر من عام على أنه «مخاطرة غير مجدية»، كما أن تكلفة تهيئة بيئة العمل للمعاقين قد تصل إلى آلاف الجنيهات.
تجارب شخصية تعكس الأزمة
طالب ماكورمك بتعديل القوانين لتوسيع الوصول إلى العمل وتحسين الخطاب المستخدم عن ذوي الإعاقة، داعيًا إلى استبدال لغة «الخطر» بلغة «الفرصة المهدرة».
وأوضح أن نظام العمل التقليدي المكوّن من خمسة أيام في الأسبوع «لا يناسب الجميع»، داعيًا إلى اعتماد مرونة أكبر في تنظيم العمل.
وفي ختام التقرير، أكد متحدث باسم وزارة العمل والرعاية الاجتماعية البريطانية أن الحكومة تتعاون مع أكثر من ستين مؤسسة لتطوير أساليب جديدة لإدارة قضايا الصحة والإعاقة في أماكن العمل، بهدف مساعدة المزيد من ذوي الإعاقة على الخروج من دائرة الفقر نحو وظائف آمنة ومناسبة.


.png)


















































