أعلن معهد «روبرت كوخ» الألماني للأمراض المعدية عن رصد التركيبة الأصلية لفيروس شلل الأطفال البري (WPV1) في إحدى عينات مياه الصرف الصحي بألمانيا، في أول اكتشاف من نوعه منذ أكثر من 30 عامًا.
وأوضح المعهد أن هذا الرصد لا يشكل خطورة على السكان، إذ لم تسجَّل أي إصابات بشرية، مشيرًا إلى أن معدلات التطعيم المرتفعة ضد شلل الأطفال في البلاد توفر حماية قوية من انتشار الفيروس.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن الاكتشاف الذي أعلن عنه معهد روبرت كوخ يُعد الأول من نوعه في أوروبا منذ عام 2010، مؤكدة أنه لا توجد دولة في مأمن تام من عودة الفيروس رغم الجهود العالمية لاستئصاله.
يُذكر أن ألمانيا بدأت في عام 2021 برنامجًا دوريًا لرصد الفيروسات في مياه الصرف الصحي، ويُعد هذا الاكتشاف أول مؤشر بيئي على وجود الفيروس الأصلي المتسبب في شلل الأطفال في البلاد منذ إطلاق البرنامج.
شلل الأطفال.. فيروس كاد أن يختفي
يعد شلل الأطفال من الأمراض الفيروسية المعدية التي تصيب الجهاز العصبي ويمكن أن تسبب الشلل الدائم أو الوفاة، وقد كان المرض ينتشر في أكثر من 125 دولة حول العالم قبل أن تبدأ الجهود الدولية لاستئصاله عام 1988، حين أُطلقت «المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال» بمشاركة منظمة الصحة العالمية، واليونيسف، ومراكز السيطرة على الأمراض الأمريكية وشركاء آخرين.
وحسب منظمة الصحة العالمية، فقد انخفضت حالات الإصابة بالفيروس البري بأكثر من 99% منذ انطلاق المبادرة، بعد أن كان المرض يصيب أكثر من 350 ألف طفل سنويًا. وتمكنت الجهود الدولية من القضاء على نوعين من الفيروس البري (النوع الثاني والثالث)، ولم يبقَ قيد التداول سوى النوع الأول (WPV1).
وفي تقرير حديث صادر عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) لعام 2024، سُجلت 99 حالة إصابة بالفيروس البري في العالم، جميعها تقريبًا في باكستان وأفغانستان، وهما الدولتان الوحيدتان اللتان لم تتمكنا بعد من القضاء التام على المرض بسبب التحديات الأمنية وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق النائية.
الرصد البيئي يحمي الدول الخالية من فيروس شلل الأطفال
أكدت منظمة الصحة العالمية أن اكتشاف الفيروس في مياه الصرف بألمانيا لا يعني عودة المرض، لكنه يُعد مؤشرًا على فعالية برامج الرصد البيئي التي تتيح اكتشاف الفيروس قبل أن ينتقل إلى البشر.
وتوصي المنظمة الدول الأعضاء بمواصلة الترصد وتحديث خطط الطوارئ، إضافة إلى الحفاظ على معدلات التطعيم المرتفعة لضمان الحماية المجتمعية الكاملة.
وكانت دول عدة في أوروبا وآسيا قد رصدت في السنوات الأخيرة آثارًا لفيروس شلل الأطفال في مياه الصرف، دون تسجيل إصابات بشرية، مثل بريطانيا، ما يعكس أهمية التتبع البيئي في منع عودة الفيروس إلى الانتشار.
نحو القضاء التام على شلل الأطفال
تشير بيانات المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال (GPEI) إلى أن العالم اقترب من تحقيق هدف القضاء الكامل على المرض، بفضل التوسع في حملات التطعيم والتحصين الجماعي، حيث تجاوزت نسبة الأطفال الذين تلقوا لقاح شلل الأطفال 95% في معظم الدول.
ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة من ظهور حالات محدودة في مناطق النزاعات أو المناطق التي تفتقر إلى خدمات التطعيم المنتظمة.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن تحقيق الاستئصال الكامل للمرض، يتطلب استمرار الجهود الجماعية في التطعيم، والترصد البيئي والتدخل السريع عند اكتشاف أي مؤشرات لعودة الفيروس.
ويظل هذا الهدف واحدًا من أبرز التحديات الصحية العالمية التي يتعاون فيها المجتمع الدولي منذ أكثر من ثلاثة عقود.


.png)


















































