الطفل عبد الكريم العربيد لم يُكمل عامه الأول بعد، لكنه يعيش منذ ولادته رحلة صعبة مع المرض، حيث يعاني من ضمور بسيط في الدماغ، ونوبات تشنج عصبية متكررة، تصاحبها رأرأة صرعية في العينين وارتخاء في العضلات والأعصاب،حالته الصحية تتدهور يومًا بعد يوم، وسط ضعف الإمكانيات الطبية ونقص العلاج في غزة.
من طفل طبيعي إلى معاناة مبكرة
يتحدث جد الطفل لـ«جسور» قائلًا: «عبد الكريم حفيدي عمره الآن سنة واحدة، منذ ولادته وهو يعاني من مشكلات صحية، بدأت بعد أربعة أشهر من ولادته، في البداية كان طبيعيًا، يتحرك ويبتسم ويتفاعل كأي طفل، لكن بعد فترة لاحظنا أنه لا يستطيع الجلوس، وكان يرفض محاولاتنا تمامًا ويبكي كلما تركناه في وضع الجلوس، ولا يهدأ إلا عندما نعيده إلى الاستلقاء على ظهره».
ويتابع: «بدأنا نقلق على حالته، فبحثنا عن طبيب رغم صعوبة التنقل وسوء الأوضاع في غزة، وبعد الفحوصات أخبرونا أنه يعاني من ضمور في الدماغ، لم نتوقف عند هذا الحد، فحاولنا متابعة العلاج رغم نقص الإمكانيات، لكن لاحقًا تبين أيضًا أنه يعاني من زيادة في كهرباء الدماغ، وكان ذلك عندما بلغ سبعة أشهر تقريبًا».
ويضيف الجد بأسى: «أنتم تعلمون كيف هو الوضع الطبي في غزة بسبب الحرب، الأدوية غير متوفرة، والمستشفيات مزدحمة، فاضطررنا للبحث عن العلاج بشق الأنفس، وبعد أن بدأنا بإعطائه الدواء المتوفر، لاحظنا تغيرًا غريبًا، إذ أصبح ينام لساعات طويلة جدًا أكثر من السابق، وبدأت عضلاته ترتخي أكثر، وازدادت ضعفه العام»
تدهور الحالة ونداء عاجل للعلاج في الخارج
وأضاف الجد: «لم تتوقف معاناة عبد الكريم عند ذلك الحد، بل تدهورت حالته الصحية، وبعد فترة قصيرة بدأت تظهر عليه تشنجات في العينين تشبه الرأرأة، وكانت نوبات التشنج تأتيه فجأة وتسبب له بكاءً شديدًا، ولا نعرف ماذا نفعل، ذهبنا للأطباء أكثر من مرة، لكنهم أكدوا أن حالته تحتاج إلى علاج خاص غير متوفر في غزة، وأن التأخر في العلاج يشكل خطرًا على حياته».
اليوم، عبد الكريم لا يستطيع الجلوس أو الوقوف، ولا يتحكم في حركاته مثل الأطفال في عمره. يعيش في وضع صحي حرج، ويحتاج إلى علاج عاجل في الخارج لإنقاذ حياته قبل فوات الأوان.
يقول الجد في ختام حديثه: «ابني أحمد، والد عبد الكريم، لا يملك هاتفًا ولا وسيلة للتواصل إلا من خلالي، نحن عائلة بسيطة، لا نملك القدرة على السفر أو تغطية تكاليف العلاج،كل ما نرجوه هو أن نجد من يساعدنا في نقل عبد الكريم للعلاج قبل أن نفقده».
ويضيف بصوت يغلب عليه الرجاء: «نتمني أن يتحقق الحلم ويحصل عبد الكريم علي فرصة للعلاج مثل كثير من أطفال غزة اللذين حصلوا علي فرصة جديدة للحياة بسفرهم إلي الخارج للعلاج ، لعلنا نعيد لهذا الطفل حقه في الحياة الطبيعية».
يذكر أن الزميل عمر طبش أول من أشار إلى حالة عبد الكريم مناشدا بعلاجه خارج القطاع قبل فوات الأوان.
أطفال الإعاقة في غزة.. بين الحرب ونقص الرعاية
حالة عبد الكريم ليست استثناءً في قطاع غزة، بل تعكس جانبًا مؤلمًا من واقع الأطفال ذوي الإعاقة الذين يواجهون صعوبات مركبة بسبب الحرب المستمرة وتدهور النظام الصحي، حيث تشير تقديرات المنظمات الدولية إلى أن آلاف الأطفال في غزة يعانون من إعاقات ناتجة عن القصف أو سوء التغذية أو غياب الرعاية الطبية، فيما يفتقر كثير منهم إلى أجهزة طبية أو جلسات علاج طبيعي.
وبحسب تقارير منظمة اليونيسف، فإن الأطفال ذوي الإعاقة في غزة من أكثر الفئات تضررًا، حيث يعانون من صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية، ويواجهون أيضًا تحديات نفسية واجتماعية بسبب العزلة والتمييز.
ووسط هذا الواقع القاسي، تبقى قصة الطفل عبد الكريم شاهدًا على ألم الطفولة في غزة، حيث يتحول المرض إلى معركة بقاء يومية، وتصبح كل دقيقة من حياته رهينة بقدرة أسرته على إيجاد الدواء، أو بفرصة للسفر لتلقي العلاج.


.png)
















































