بين وحشة خيام النازحين التي يلفها الخوف والجوع ودوي مدافع جيش الاحتلال في قطاع غزة، ترقد الطفلة الفلسطينية حنين تتألم، ولا أحد يسمعها سوى أمها المكلومة.
حنين القصاص، البالغة من العمر عامًا وثمانية أشهر، تصارع الموت بهيكل عظمي هش يتكسر كالزجاج، بسبب ضمور في الدماغ وهشاشة حادة في العظام، مأساة حقيقية تعيشها طفلة في عمر الزهور، تدفع حياتها ثمنًا لجرائم أقل ما توصف به أنها جرائم حرب.

حالة حنين الصحية دخلت مرحلة حرجة، حسب ما نشره الصحفي والمصور الفلسطيني عمرو طبش، عبر صفحته الرسمية عبر “فيس بوك” ومع استمرار الحرب وفرض سياسة التجويع والحصار على قطاع غزة، شُحّ الغذاء والدواء، وخروج غالبية المستشفيات من الخدمة بسبب نقص الأجهزة والكوادر الطبية، حوّل حالتها إلى جحيم لا ينتهي.
شخّص الأطباء بشكل مبدئي حالة الطفلة حنين بأنها تعاني من نقص حاد في الفيتامينات والكالسيوم، بسبب نقص التغذية السليمة، إلى جانب ضعف شديد في المناعة، وتورم في العينين والأذنين والفم، وتغيُّر أجزاء من جسدها إلى اللون الأزرق، مع ارتفاع مستمر في درجة الحرارة، ورغم ذلك لم يستطيعوا أن يقدموا لها العلاج الفعّال.
حنين ليست حالة استثنائية في قطاع غزة المحاصر من قبل جيش الاحتلال، بل وجه آخر لمعاناة لا تنتهي يعيشها أطفال فلسطين منذ اندلاع الحرب، هى واحدة من هؤلاء الضحايا، ورغم الألم الذي تعيشه يوميًا مع كل كسر في عظامها الهشّة، صامدة، ولا تزال تراهن ببراءتها على إنسانية العالم، علّ هناك من يسمع صراخها هي وكل أطفال فلسطين، فيمدّ يد العون.

يعيش سكان قطاع غزة منذ بدء الحرب الأخيرة كارثة إنسانية غير مسبوقة، وسط صمت دولي مخيّب ومثير للدهشة، أمام جرائم تُرتكب ضد الأطفال والكبار، حيث تفشّى الجوع، وانهارت المنظومة الصحية، وتوالت وفيات الأطفال نتيجة سوء التغذية، الجفاف، نقص الرعاية الطبية، وانعدام الأدوية الأساسية.
تقارير منظمات الإغاثة الدولية تؤكد أن أكثر من نصف أطفال قطاع غزة يعانون من سوء تغذية حاد، وسط تزايد خطير لانتشار أمراض فقر الدم، والكساح، وضعف المناعة بين الأطفال الرضّع، بسبب انعدام الحليب، والغذاء المناسب لهم.