فيروس ماربورج عاد لتصدر العناوين العالمية مؤخرا مع تفشيه في بعض الدول الأفريقية مثل رواندا وتنزانيا. وفيه يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة مخاطر مضاعفة في حال انتشار العدوى، بسبب اعتمادهم على الغير وصعوبة الوصول للمعلومات.
لذلك، يستعرض هذا التقرير استراتيجيات الوقاية المخصصة لحمايتهم من هذا الخطر الداهم. خصوصا بعد الحديث عن إمكانية ظهوره في بعض الدول العربية.
فيروس ماربورج فتاك وسريع الانتشار
ينتمي فيروس ماربورج إلى نفس عائلة فيروس الإيبولا، ويسبب حمى نزفية شديدة الفتك. وفقا لمنظمة الصحة العالمية، تتراوح معدلات الوفيات في حالات التفشي السابقة بين 24% و 88%، اعتمادا على سلالة الفيروس وجودة الرعاية. ينتقل الفيروس عبر ملامسة سوائل الجسم (الدم – اللعاب – البول) للأشخاص المصابين، أو الأسطح الملوثة بهذه السوائل.
علاوة على ذلك، تكمن خطورة الفيروس في فترة حضانته التي تتراوح بين 2 إلى 21 يوما، حيث تبدأ الأعراض فجأة بحمى شديدة وصداع وآلام عضلية، وقد تتطور إلى نزيف حاد من فتحات الجسم المتعددة وفشل في الأعضاء. لذلك، فإن سرعة الانتشار وفتك المرض يجعلان الوقاية هي خط الدفاع الأول والأهم، خاصة للفئات الأكثر ضعفا.
لماذا ذوو الإعاقة في خطر؟
يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة تحديات فريدة تجعلهم أكثر عرضة للإصابة ب فيروس ماربورج ومضاعفاته. أولا يعتمد الكثيرون منهم على مقدمي الرعاية في أنشطة الحياة اليومية مثل الأكل والاستحمام، مما يجعل التباعد الجسدي أمرا شبه مستحيل ويزيد من فرص انتقال العدوى عن طريق التلامس المباشر. حسب مقال بعنوان «التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في حالات الطوارئ». نشر على المنصة العربيّة للإدماج الرقمي.
ثانيا قد يواجه الأشخاص ذوو الإعاقات الحسية (البصرية أو السمعية) أو الذهنية صعوبة في الوصول إلى المعلومات الصحية والتحذيرات إذا لم تكن بصيغ ميسرة (مثل لغة الإشارة أو برايل). إضافة إلى ذلك، قد يعاني بعض ذوي الإعاقة من ضعف في الجهاز المناعي بسبب حالات صحية كامنة، مما يجعل أجسامهم أقل قدرة على مقاومة الفيروس وتزيد احتمالية الوفاة.

استراتيجيات الوقاية من فيروس ماربورج
تتطلب حماية ذوي الإعاقة من فيروس ماربورج تطبيق إجراءات وقائية صارمة ومكيفة. من الضروري غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون أو استخدام معقمات كحولية، خاصة بعد ملامسة الأسطح أو قبل تناول الطعام. يجب تعليم وتدريب الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية على هذه العادات بطرق مبسطة ومكررة. وفق منظمة الصحة العالمية عن الفيروس.
في الواقع يجب على مقدمي الرعاية ارتداء معدات الحماية الشخصية مثل القفازات والكمامات والملابس الواقية عند التعامل المباشر مع الشخص ذي الإعاقة، خاصة إذا كان هناك اشتباه في وجود عدوى في المجتمع. كما يجب تنظيف وتطهير الأسطح والأدوات المساعدة (مثل الكراسي المتحركة والعصي البيضاء) بشكل دوري باستخدام محاليل الكلور أو المطهرات المناسبة.
طالع: الإنفلونزا وذوي الإعاقة.. حين يتحول الفيروس الموسمي إلى تهديد للحياة
دور مقدمي الرعاية خط الدفاع الأول
يقع العبء الأكبر في الوقاية على عاتق مقدمي الرعاية. لذلك، يجب عليهم مراقبة أنفسهم بدقة بحثا عن أي أعراض للإصابة، وعزل أنفسهم فورا عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للشخص الذي يرعونه. كما يجب عليهم تقليل عدد الأشخاص الذين يحتكون بالشخص ذي الإعاقة إلى الحد الأدنى الضروري.
علاوة على ذلك، ينبغي لمقدمي الرعاية التأكد من طهي المنتجات الحيوانية (اللحوم والدماء) جيدا قبل تقديمها، وتجنب ملامسة الحيوانات البرية، وخاصة خفافيش الفاكهة التي تعتبر المضيف الطبيعي للفيروس. فيروس ماربورج يتطلب يقظة تامة من كل المحيطين بالفرد.
في حال تفشي فيروس ماربورج، قد تفرض السلطات إجراءات عزل أو حجر صحي. هذا الإجراء قد يكون كارثيا لذوي الإعاقة إذا لم يتم التخطيط له. يجب التأكد من أن مرافق العزل مجهزة لاستقبال ذوي الإعاقة (حمامات ميسرة، أسرة مناسبة).
يجب وضع خطة طوارئ تتضمن توفير بدائل لمقدمي الرعاية في حال مرضهم أو عزلهم، وتأمين مخزون كاف من الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية للشخص ذي الإعاقة. كما يجب ضمان استمرار خدمات الدعم النفسي والاجتماعي لمنع تدهور الحالة النفسية نتيجة العزل والخوف.

الإتاحة المعلوماتية والمتابعة الصحية
المعلومة الصحيحة هي السلاح الأقوى ضد الوباء. لذلك، يجب على الجهات الحكومية والصحية توفير جميع المعلومات المتعلقة ب فيروس ماربورج بصيغ ميسرة وشاملة. يشمل ذلك فيديوهات مترجمة لغة إشارة، ونشرات بطريقة برايل، ونصوص مبسطة لذوي الإعاقة الذهنية.
من ناحية أخرى، يجب إشراك منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في تخطيط وتنفيذ حملات التوعية لضمان وصول الرسائل بفعالية إلى الفئات المستهدفة. إن تجاهل احتياجات التواصل لهذه الفئة قد يؤدي إلى فجوات معرفية خطيرة تعرض حياتهم للخطر.
نظرا لخطورة فيروس ماربورج، فإن الكشف المبكر عن الأعراض أمر حيوي. يجب على مقدمي الرعاية مراقبة درجة حرارة الشخص ذي الإعاقة بانتظام، والانتباه لأي علامات غير معتادة مثل الخمول الشديد أو الطفح الجلدي أو النزيف غير المبرر. حسب المعاهد الوطنية للصحة.
في حال ظهور أعراض مشبوهة، يجب عزل الشخص فورا وطلب الرعاية الطبية العاجلة، مع إبلاغ الطواقم الطبية بوضع الإعاقة لضمان تقديم الدعم المناسب أثناء النقل والعلاج. الرعاية الداعمة المبكرة، مثل الإماهة (تعويض السوائل) وعلاج الأعراض، تحسن فرص البقاء على قيد الحياة بشكل كبير.
في الختام، إن حماية ذوي الإعاقة من فيروس ماربورج ليست مسؤولية فردية فحسب، بل هي مسؤولية مجتمعية وحكومية. إن التخطيط المسبق، وتوفير المعلومات الميسرة، ودعم مقدمي الرعاية هي ركائز أساسية لعبور أي أزمة وبائية بسلام. باختصار، يجب أن تكون خطط الطوارئ الصحية شاملة ودامجة، لضمان عدم ترك أي شخص خلف الركب في مواجهة هذا الخطر العالمي.


.png)


















































