أطلقت الحكومة التونسية مبادرة جديدة لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة، عبر برنامجًا وطنيًا جديدًا للقروض من دون فوائد، يهدف إلى تمكين ذوي الإعاقة من تأسيس مشاريع صغيرة مدرة للدخل ودمجهم بشكل فعّال في الحياة الاقتصادية.
البرنامج الذي أعلن عنه وزير التشغيل والتكوين المهني رياض شعاود في ختام المؤتمر الوطني للتشغيل الموجه للأشخاص ذوي الإعاقة. ويتضمن تمويلًا يصل إلى 10 آلاف دينار لكل مستفيد بفترة سداد تمتد إلى 8 سنوات منها عامان كفترة سماح. وقد خُصص له مبلغ 5 ملايين دينار من ميزانية الدولة ضمن قانون المالية لسنة 2025.
ورغم أن تونس سبق أن أطلقت برامج مماثلة منها قروض دعم التشغيل عبر “البنك التونسي للتضامن” في السنوات الماضية إلا أن الجديد في هذه المبادرة يكمن في كونها أول برنامج وطني يتمحور بالكامل حول الأشخاص ذوي الإعاقة ويرتبط مباشرة برؤية حكومية شاملة للدمج، تُترجمها اتفاقية رسمية وُقعت بين وزارات الشؤون الاجتماعية والتكوين المهني والتعليم العالي، إلى جانب الجمعيات والمؤسسات العاملة في المجال.
كما يتميز البرنامج بتقديم مرافقة متكاملة تشمل تدريبًا مهنيًا خاصًا ودليلًا موحدًا للدعم إلى جانب توفير برامج مجانية بالتعاون مع مؤسسات تدريب خاصة.
تعود جهود تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في تونس إلى بدايات الألفية الجديدة. لكن وتيرتها تسارعت منذ دستور 2014، الذي أقرّ في الفصل 48 منه بأن “تسعى الدولة إلى ضمان الحقوق الكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة وتقوم باتخاذ الإجراءات الضرورية لدمجهم في الحياة العامة”. ومنذ ذلك الحين، أطلقت تونس عددًا من المبادرات النوعية كبرنامج الإدماج المهني عبر التدريب المحمي الذي وُجه عام 2019 إلى تشغيل الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية.
وكذلك منح الامتيازات الضريبية للمؤسسات التي توظفهم. ومع ذلك، ظلّت العقبة الأبرز هي نقص التمويل الذاتي لدى الأفراد وغياب آليات تمويل ميسّرة ومخصصة لهم وهو ما يسعى البرنامج الجديد لتجاوزه.
لا تتوقف أهمية هذا المشروع عند حدود تقديم القروض فحسب بل تمتد إلى توفير دعم نفسي وإداري وفني، من لحظة تقديم الطلب وحتى تنفيذ المشروع. كما أعلن البنك التونسي للتضامن عن تسهيلات إضافية، منها إعادة جدولة ديون المتعثرين من ذوي الإعاقة وتخصيص خط ائتماني جديد بقيمة مليون دينار لدعم الجمعيات النشطة في هذا المجال.
وقد وصف وزير الشؤون الاجتماعية عصام لحمر المبادرة بأنها “محطة فاصلة في طريق العدالة الاجتماعية”مؤكدًا أن الدولة التونسية لم تعد تتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة ك”فئة تحتاج إلى الرعاية” بل كجزء أصيل من القوة المنتجة في المجتمع.
لكن يظل نجاح هذه المبادرة وغيرها من البرامج السابقة مرهونًا بقدرة الدولة على المتابعة الدقيقة وضمان تنفيذ المعايير ومنح الجمعيات الشريكة