أظهرت قصة البلجيكية فرانسا، التي جرت أحداثها قرب مدينة لييج، واقع ذوي الإعاقة بوضوح عن مواجهة التغيرات المناخية. ففي عام 2021، خلال الفيضانات الكارثية، اضطرت فرانسا، التي تعاني من فقدان السمع وضعف البصر وتستخدم كرسيًا متحركًا، إلى الزحف على سلم المبنى لإنقاذ حياتها من الغرق.
عجوز بلجيكية فاقدة السمع والصبر تنجو من الغرق
ولم يكن هذا حادثًا منفردًا، فقد فقد 12 شخصًا من ذوي الإعاقة حياتهم في نفس الفيضانات بألمانيا، بينما ارتفعت حالات الوفيات بين هذه الفئة، خلال موجات الحر في إسبانيا.
هذه الأمثلة تؤكد أن تغير المناخ والكوارث الجوية تؤثر بشكل غير متناسب على الأشخاص ذوي الإعاقة، بينما لم تحظَ منظماتهم وتمثيلهم بالمكانة اللازمة في النقاشات المناخية الدولية حتى الآن.
ورغم الدعوات المستمرة، لا تزال الأمم المتحدة متأخرة في إنشاء تمثيل للأشخاص ذوي الإعاقة في المفاوضات الدولية للمناخ، بينما توجد تمثيلات لمجتمعات مهمشة أخرى.
كما أن منظمات المناخ والنشطاء، وحتى بعض دعاة حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، غالبًا ما يتجاهلون التأثير المباشر لتغير المناخ على هذه الفئة، والحلول الموضوعة للحد منه. ومع ذلك، بدأت مؤشرات التغيير تظهر تدريجيًا في بعض المبادرات الأوروبية.
ضرورة أن تكون حلول المناخ صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة
وقد كتب الناشطة البيئة ناديا حداد، وهى أيضا عضوة في اللجنة التنفيذية للمنتدى الأوروبي للأشخاص ذوي الإعاقة، أن صانعو السياسات هم مَن يتحمل مسؤولية إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع الحلول المناخية، لكن نجاح ذلك يتطلب تعاونًا وثيقًا بين حركتي المناخ وحقوق الأشخاص ذوي الهمم لتقديم جبهة موحدة للضغط على السلطات.
مثال ملموس على ذلك هو الدفاع عن توجيه أداء الطاقة للمباني، الذي يشجع على تجديد المباني وبناء مبانٍ جديدة كفؤة في استخدام الطاقة ومنخفضة الانبعاثات، مع ضمان إمكانية الوصول إليها للأشخاص ذوي الإعاقة.
فبدون تنفيذ هذا البعد، سيضطر ذوي الإعاقة للعيش في أماكن أقل استدامة ويتعرضون لتأثيرات التغير المناخي بشكل أكبر.
ولهذا السبب، تعاون المنتدى الأوروبي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة مع مؤسسة المناخ الأوروبية لعقد تدريبات وزيادة الوعي حول هذا التوجيه وأثره على دمج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
كما شملت المبادرة مؤثرين من ذوي الهمم على وسائل التواصل الاجتماعي، لنقل الفرص التي يوفرها القانون لجمهورهم. وبالتوازي، يحرص المنتدى على توعية صانعي السياسات الوطنيين والنشطاء حول كيفية التواصل الفعال والمصطلحات المناسبة، لضمان أن تتحول مبادرات الدمج من الورق إلى الواقع.
دروس مستقبلية وأهمية التعاون المشترك
إلى جانب التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، يساهم التنفيذ الجيد، في تحسين حياة ملايين الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في الوصول إلى الأماكن العامة والمباني.
فالبنية التحتية الشاملة تقلل العزلة وتعزز الاستقلالية والاندماج في المجتمع، كما أكدت تجارب في دول أوروبية عدة، بما فيها بلجيكا.
يمكن أن تكون هذه الشراكات نموذجًا للعمل المشترك بين ناشطي المناخ وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لضمان عدم استبعاد أي فئات مهمشة. فالمنتدى الأوروبي للأشخاص ذوي الهمم يراقب التطورات، ويشارك في فعاليات دولية مثل مؤتمرات الأطراف COPs، وينضم إلى تحالفات منظمات المناخ، ويحث أعضائه على المشاركة الفاعلة.
لكن التحديات كبيرة في ظل الأزمات المتعددة التي تواجه العالم، ولهذا، يجب على منظمات المناخ الالتزام بتوفير مواد تدريبية ووصولية، والتواصل مع منظمات ذوي االهمم وتشجيعهم على المشاركة في النشاطات المناخية.
وفي ظل تصاعد التحديات والهجمات على منظمات المناخ وحقوق الإنسان، يصبح تعزيز الشراكات والأجندات التي تجمع بين مكافحة تغير المناخ وحماية حقوق الفئات المهمشة أمرًا ضروريًا لضمان حياة كريمة لهم، بدعم من مانحين ملتزمين.


.png)


















































