نشرت الهيئة الوطنية للإعلام بمصر تقريرًا موسعًا على موقعها الرسمي، تناولت فيه الأبعاد التاريخية والإنسانية للغة الإشارة، مؤكدة أنها ليست وسيلة بديلة للتواصل، بل لغة قائمة بذاتها تحمل قواعدها وتقاليدها وثقافتها الخاصة.
يأتي ذلك بمناسبة الاحتفال بـاليوم العالمي للغة الإشارة، في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام، وهي المناسبة التي تجسد أهمية التواصل كحق إنساني أصيل، ومساحة للتأكيد على أن لغة الإشارة متكاملة تحمل تاريخًا وثقافة وهوية، يستخدمها أكثر من 70 مليون أصم حول العالم من خلال ما يزيد على 300 لغة إشارة مختلفة.
وأوضح التقرير أن جذور هذه اللغة تعود إلى محاولات موغلة في القدم، حيث سعى البشر إلى ابتكار إشارات للتفاهم مع الصم، إلا أن التطور الحقيقي بدأ مع تأسيس الاتحاد العالمي للصم عام 1951، الذي فتح الطريق أمام الاعتراف الدولي. وقد تُوجت هذه الجهود عام 2017 بقرار الأمم المتحدة تخصيص يوم عالمي للغة الإشارة، اعترافًا بحقوق الصم وتعزيزًا لمبدأ التنوع اللغوي.
تحديات قائمة رغم الاعتراف
وأشار التقرير إلى أن الاعتراف الأممي لم يُنهِ التحديات التي يعيشها الصم، إذ لا يزال غياب التعليم بلغة الإشارة في كثير من المدارس والجامعات يحرم الأطفال والشباب من فرص عادلة للتعلم. كما أن نقص المترجمين في المؤسسات الحكومية والإعلامية يشكل عائقًا إضافيًا، إذ يحد من قدرة الصم على متابعة الأخبار والمشاركة في النقاشات العامة. وأكدت الهيئة أن هذه التحديات تكشف الحاجة إلى جهود مستمرة تضمن الدمج الكامل في المجتمع.
جهود مصرية لتعزيز الدمج
واستعرضت الهيئة في تقريرها الجهود التي تبذلها مصر لدعم حقوق الصم، إذ تم إدماج مترجمي لغة الإشارة في نشرات الأخبار والبرامج الحوارية، بما يتيح متابعة مباشرة وشفافة للأحداث. كما جرى العمل على إعداد قاموس إشاري موحد يساعد على توحيد المفاهيم ويعزز من فاعلية التواصل. وعلى مستوى التعليم، توسعت الدولة في إنشاء مدارس ومراكز متخصصة، بينما أطلقت مبادرات تهدف إلى تمكين الصم اقتصاديًا وإتاحة فرص عمل تضمن لهم الاستقلالية والمشاركة الفعالة في المجتمع.
رسالة احترام للتنوع
واختتمت الهيئة تقريرها بالتأكيد على أن الاحتفاء بلغة الإشارة هو دعوة مفتوحة لاحترام التنوع الثقافي واللغوي، وأن دمج هذه اللغة في الحياة العامة مسؤولية جماعية تتطلب تعاون المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني معًا. وأكدت أن الإعلام المصري سيواصل دوره في دعم مجتمع الصم، من خلال تعزيز وجود لغة الإشارة في برامجه ونشراته، إيمانًا بأن الكلمة لا قيمة لها إن لم تصل إلى الجميع بلا استثناء.