معاناة ذوي الإعاقة في غزة.كشف عنها تقرير هيومن رايتس ووتش. في تقرير حديث. يرصد حجم المخاطر التي يواجهها الفلسطينيون من ذوي الإعاقة. خلال عمليات النزوح القسري، وما يترتب عليها من انتهاكات قانونية وإنسانية متصاعدة.
في غزة، حيث تتداخل أصوات القذائف مع صرخات المدنيين، يعيش ذوو الإعاقة إحدى أقسى المآسي الإنسانية المعاصرة. فالحرب لم تترك لهم مساحة للنجاة، ولم تمنحهم فرصة للهروب، بل وضعتهم في مواجهة مباشرة مع الخطر دون أدوات حماية أو بيئة مناسبة. وهكذا، تحوّلت أحلام كثيرة إلى رماد، ومحيت تفاصيل حياة كاملة كانت تعتمد على الاستقرار والروتين والدعم الطبي.
بداية الانهيار
مع بدء الهجمات الأخيرة، وجد آلاف من ذوي الإعاقة أنفسهم في مواجهة صعبة. لم يكن بإمكانهم الجري، ولا مغادرة منازلهم بسرعة، ولا النجاة من الشظايا التي تهطل بلا توقف. يقول «جميل»، الشاب الذي يستخدم كرسيًا متحركًا: «كان المنزل يرتجف مع كل ضربة. حاولت التحرك، لكن الطريق امتلأ بالحجارة. لم أستطع فعل شيء».
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكثير من الطرق لم تعد صالحة للمرور، ما جعل الوصول إلى مناطق أكثر أمنًا شبه مستحيل.

ملاجئ بلا ممرات
يقول تقرير هيومن رايتس ووتش. تحولت المدارس إلى مراكز إيواء، لكن تجهيزاتها لا تُناسب ذوي الإعاقة. من ناحية أخرى، الازدحام الشديد يجعل المكان أكثر خطورة.
فلا توجد منحدرات تُسهّل الحركة، ولا غرف واسعة تسمح بمرور الكراسي المتحركة، ولا دورات مياه مهيّأة حتى للاستخدام الأساسي.
وتقول «ليلى»، ضعيفة البصر: «أتحسس الجدران طيلة الوقت. أشعر بالارتباك في كل خطوة. أحيانًا يصطدم بي أحد، وأحيانًا أسقط». وفي المقابل، لا توجد فرق متخصصة قادرة على تقديم الدعم اللوجستي داخل هذه الملاجئ، ما يجعل الأزمة أكبر.
نقص حاد في الدواء
لم تتوقف المعاناة في غزة عند فقدان المنازل؛ بل امتدت لتشمل النقص الخطير في الأدوية.
– أدوية التشنجات اختفت
– بطاريات الأطراف الصناعية نفدت
– المستلزمات الطبية الأساسية توقفت
يقول «مروان»، الذي فقد ساقه: «كرسيي الكهربائي توقف عن العمل. أصبحت أعتمد على عكاز وسط الركام. كل خطوة مؤلمة».
وبالإضافة إلى ذلك، تأثرت المستودعات الطبية بالقصف، مما جعل كثيرًا من ذوي الإعاقة يعيشون الأزمة دون بدائل.
صدمة نفسية تتفاقم
من الناحية النفسية، يُعتبر ذوو الإعاقة من أكثر الفئات هشاشة أثناء الحروب. وفي الوقت نفسه، فإن الضوضاء القاسية والازدحام والتوتر المستمر تؤدي إلى نوبات ذعر وتدهور في الحالة الذهنية.
وتحكي «سناء»، أم طفل مصاب بالتوحد: «كل قذيفة تجعله يصرخ بلا توقف. أحاول تهدئته، لكن الأصوات لا ترحم».
أما كبار السن، فيعانون من عزلة مضاعفة، حيث لا يستطيعون فهم ما يحدث بسرعة، ولا يمكنهم الاعتماد على قدراتهم البدنية أو النفسية لمواجهة الكارثة.
عزلة قسرية عن الغذاء والماء
بسبب الدمار الواسع في قطاع غزة. أصبح الوصول إلى الطعام والمياه مهمة شبه مستحيلة لذوي الإعاقة.
من ناحية أخرى، فإن الازدحام الطويل على نقاط التوزيع يحرمهم من فرص الحصول على حصص عادلة. والأخطر من ذلك أن المشي عبر الحفر والركام لا يُعد خيارًا ممكنًا، ما يجبر الكثير منهم على البقاء في أماكنهم حتى لو نفدت الموارد.
وتقول إحدى الأمهات: «لا أقدر على حمل ابني والسير فوق الأنقاض. أفضل أن نجوع ولا نخاطر بحياتنا».
محاولات صغيرة للنجاة
ورغم هذا السواد، تظهر مبادرات فردية تمنح الناس بعض القوة.
– شباب يساعدون في حمل الكراسي المتحركة
– أسر تصنع منحدرات خشبية بسيطة
– نساء يتشاركن الأدوية القليلة المتبقية
– أطفال يواسون بعضهم رغم الرعب
هذه التفاصيل الصغيرة تمنح ذوي الإعاقة شعورًا بأنهم ليسوا وحدهم، وأن الإنسانية لم تختفِ رغم الخراب.

حياة مُحيت… لكن الأمل لا يموت
وفي النهاية، يمكن القول إن أحلام ذوي الإعاقة في غزة لم تُمحَ فقط، بل تلاشت معها أشياء كثيرة: منازلهم، أجهزتهم الطبية، قدرتهم على الحركة، وحتى إحساسهم بالأمان.
لكن في المقابل، ما زالوا يتمسكون بخيط رفيع من الأمل.
إنهم يحلمون بأن تتوقف الحرب، وأن يعودوا لاستكمال حياتهم البسيطة، وأن يجدوا رعاية تُعيد لهم ما فقدوه.
ومع أن الطريق طويل وقاسٍ، إلا أن إرادتهم ما زالت صامدة وسط الرماد.


.png)


















































