حَلَّت السيدة حنان العنزي، المدير التنفيذي ومؤسسة شركة “جسور”، ضيفة مساء أمس الثلاثاء على برنامج “مساء الخير يا كويت” على تليفزيون الكويت، تقديم الإعلامية ورود حيات والإعلامي عبدالله دشتي، وتحدثت عن منصة “جسور” التي تطورت من فكرة إلى مجلة مطبوعة ومنصة رقمية ومجموعة مبادرات إنسانية ميدانية، تهدف إلى تحويل مفهوم الدمج من خطاب شفهي إلى ممارسة يومية.
وقالت حنان العنزي خلال اللقاء: “فكرة جسور بدأت من إيماني الحقيقي وشعوري العميق بأن ذوي الإعاقة يجب أن يكون لهم صوت مسموع، وأن الدمج لا يجب أن يكون قضية موسمية تُناقَش في المؤتمرات، فالدمج يجب أن يُفعَّل على أرض الواقع وأن يكون أسلوب حياة ونهجًا، ومن هنا بدأت جسور”.

وعن سبب إصدار مجلة “جسور” بثلاث لغات، قالت العنزي: “جاء ذلك من منطلق تحقيق مبدأ الشمولية في المحتوى، وتصميم نسخ تلائم القرّاء المكفوفين لضمان أن الجمهور العربي والأجنبي والمكفوف لا يخرج من دائرة الاستفادة”، وكشفت العنزي عن مفاجأة للمشاهدين وقراء جسور بأن العدد القادم ستصدر نسخة منها باللغة الصينية.

وعن دور الإعلام في تغيير نظرة المجتمع لفئة ذوي الإعاقة، قالت مؤسسة جسور: “حرصت في الإعلام ألا أنظر لهذه الفئة بنظرة الشفقة، وضرورة أن تتغير النظرة من الشفقة إلى الافتخار والاعتزاز وتسليط الضوء على إبداعاتهم وإنجازاتهم، فعندما سلَّطنا الضوء على هذا الجانب وجدنا طاقات ومهارات تُرفع لها القبعات، وهذا هو دور الإعلام، ألا يوجِّه المجتمع للشفقة عليهم”.
أبجديات المبارزة محطة نجاح ودمج
وعن مبادرة “أبجديات المبارز“، أكدت حنان العنزي أنها واحدة من مبادرات كثيرة نفذتها “جسور”، وأنه من منطلق أن الرياضة أداة قوية في التمكين، كانت الفكرة قائمة على الدمج بين الأطفال من ذوي الإعاقة وأقرانهم من الأصحاء، لكنها حرصت على أن يكون المدرب من ذوي الإعاقة، حتى يفهم سيكولوجية التعاطي مع أطفالنا من ذوي الإعاقة مع أقرانهم من الأصحاء، وخرجنا بنتائج غير متوقعة، حيث كسر كثير من المشاركين من أبنائنا حاجز الخوف، وكانوا سعداء بهذه المبادرة، وطالبوا باستمرارها.

قصة ناصر وأبو جراح
وعند سؤالها عن قصة الطفل ناصر وأبو جراح، قالت العنزي: ناصر طفل جميل حقق معنى التلاقي في العمل الإنساني، وأبو جراح “يوسف العمران” بيننا تعاون مشترك في كثير من المبادرات، وهناك مبادرات سترى النور قريبًا، وهو شخص مبادر ولا يتردد في تنفيذ أية فكرة طالما تخدم الوطن والإنسانية.
واستكملت حديثها: “كنت على تواصل معه، وفي أحد فترات التدريب كنت في الصالة الرياضية مع أولياء أمور الأطفال أتحاور معهم، فذُكِر اسم أبو جراح ومبادراته الجميلة، وعندها لاحظت استياء ناصر وحزنه، وعندما سألت شقيقته عن سر غضب ناصر، قالت لي: “ناصر زعلان على بو جراح وما يحب يسمع اسمه”، قلت: “غريبة، هل فيه أحد يزعل من بو جراح؟ قالت لي إنه حاول يتواصل مع بو جراح لكنه ما بيرد عليه”.
وأضافت العنزي: سألتها ماذا كان يريد من أبو جراح، فجاءت إجابتها بأنه يريد مبادرة خاصة لذوي الإعاقة، فبادرت العنزي بتسجيل مقطع فيديو وأرسلته لأبو جراح، والذي استجاب سريعًا للرسالة ووعد بمقابلة ناصر في اليوم التالي، وتحول الموقف إلى لقاء ودي إنساني بينهما، وحضر أبو جراح تدريبات المبارزة.
المسرح الدمجي
وأوضحت السيدة حنان العنزي أن مبادرة المسرح الدمجي كانت فكرة مميزة، خاصة أنها تعتبر الفن جسرًا ووسيلة حقيقية للتمكين والدمج.
لذا تعاونت مؤسسة “جسور” مع المخرج خالد المظفر لأنه أيضًا كان يسعى لتحقيق هذا الهدف، مشيرة إلى أنها تواصلت معه للعمل سويًّا على أن يكون المسرح وسيلة للدمج.

ولأنه كان وقتها يعمل على العرض المسرحي “ملك المسرح”، تم الاتفاق على تخصيص هذا العرض لفئة الصم والبكم، بتوفير شاشات عرض ومترجمي لغة إشارة، لدرجة أن الممثلين والحضور عاشوا فكرة الدمج.
ووجهت العنزي الشكر لبعض شركات القطاع الخاص التي استجابت لطلبها بضرورة الاهتمام بتوظيف أبنائنا الخريجين من ذوي الإعاقة، لاسيما وأن بينهم حاصلين على تخصصات مطلوبة في سوق العمل، فرحبوا وطلبوا أصحاب بعض هذه التخصصات، مؤكدة حرصها على ربطهم بالشركات ومتابعة توظيفهم حتى لا يكون هناك تسرب وظيفي، ولمتابعة اندماجهم في أعمالهم والعمل على حل أية مشكلات تواجههم حتى داخل مكاتبهم.
وعن أكثر إنجاز تعتبره حنان العنزي يختصر مشوار “جسور”، قالت: رغم أن “جسور” عمرها عام واحد، لكن النجاحات كبيرة وكثيرة، وأهمها الدمج الحقيقي، فعندما أرى طفلًا من ذوي الإعاقة يلعب بكل أريحية مع أقرانه الأصحاء، فهذا بالنسبة لي الإنجاز الأعظم.
وتحدثت العنزي عن عملها في المشروعات الخيرية، وقالت إن أحب المشروعات إليها هو مشروع أطفال الأنابيب الذي أحدث أثرًا في حياة أسرٍ عانت من العقم، ومبادرة كفالة إيجارات الأسر المتعففة الكويتية من المطلقات والأرامل لمدة عام كامل، وأيضًا ترميم مساكن أخواتنا من الكويتيات المطلقات والأرامل لرفع المشقة الكبيرة عن كاهلهن.
وعن أكثر الحالات الإنسانية التي تركت أثرًا فيها، قالت العنزي: إن سيدة من المستفيدات من مبادرة أطفال الأنابيب أنجبت طفلًا بعد 16 عامًا من عدم الإنجاب، وكانت كل فترة ترسل لي صور هذا الطفل وهو يكبر، كان شعورًا رائعًا ولا يوصف، ويعطيني طاقة للاستمرار.
وذكرت حالة أخرى “مؤثرة” وقالت: عندما أطلقت “جسور” مبادرة لتوفير أجهزة تعويضية، وقتها كنا نسعى لتوفير جهاز نادر وباهظ الثمن، وهو جهاز يخدم مرضى التصلب اللوحي، بالتعاون مع الدكتورة مريم العريفان، وهذا المرض يحيل الشخص وكأنه “خشبة” يسمع ولا يحس ولكن لا يستطيع الحركة أو التعبير عن احتياجاته، وبفضل هذا الجهاز تعافى أحد المرضى وأصبح شخصًا منطلقًا ومشاركًا في المجتمع.