تستمر فعاليات مبادرة أسبوع التوعية بـ الإعاقات غير الظاهرة Invisible Disabilities Week حتى يوم 25 أكتوبر الجاري، والتي تستهدف رفع الوعي العام حول الإعاقات غير الظاهرة، والتي تؤثر بعمق في الحياة اليومية لأصحابها .
الاحتفال انطلق عام 2014 بمبادرة من منظمة الإعاقات غير الظاهرة Invisible Disabilities Association – IDA، وهي مؤسسة أمريكية غير ربحية مقرها ولاية كولورادو الأمريكية ، أسسها الناشط Wayne Connell عام 1996 بعدما شخصت زوجته بمرض التصلب المتعدد، وذلك لدعم الأشخاص الذين يعيشون مع إعاقات غير مرئية، مثل التوحد والتنوع العصبي والأمراض المزمنة واضطرابات المناعة والألم المزمن وغيرها .

ومنذ ذلك الحين، أصبح الأسبوع حدثًا عالميًّا تتبناه مؤسسات تعليمية وصحية واجتماعية في مختلف الدول.
والعام الجاري 2025، يُقام «أسبوع الإعاقات غير الظاهرة» في الفترة من 19 إلى 25 أكتوبر، تحت شعار«الاصغاء، التصديق، الدعم». ويهدف الحدث إلى تسليط الضوء على قصص وتجارب الأشخاص الذين يواجهون إعاقات لا تظهر للعيان، والتشجيع على بناء مجتمعات أكثر تفهمًا وعدلاً.

ما المقصود بأسبوع الإعاقات غير الظاهرة؟
الإعاقة غير الظاهرة هي حالة صحية أو وظيفية لا يمكن تمييزها من خلال المظهر الخارجي، وتشمل طيفًا واسعًا من الاضطرابات مثل الأمراض المزمنة، اضطرابات المناعة، الصعوبات الحسية أو التعليمية، اضطرابات القلق والاكتئاب، واضطرابات طيف التوحّد الخفيفة.
وغالبًا ما يواجه أصحاب هذه الإعاقات سوء فهم من المجتمع، إذ يُفترض أنهم «أصحاء» لمجرد أن الإعاقة غير مرئية، ما يضيف عبئًا نفسيًا واجتماعيًا إلى تحدياتهم اليومية.

يأتي هذا الأسبوع كمنصة تثقيفية وحوارية لتغيير النظرة التقليدية إلى الإعاقة، فإلى جانب حملات التوعية الرقمية، تُنظم ورش عمل ومحاضرات في المدارس وأماكن العمل حول مفهوم الإعاقات غير الظاهرة، وطرق تقديم الدعم المناسب لأصحابها.
كما يتم تشجيع نشر القصص الإنسانية الواقعية لتقريب التجربة إلى الجمهور، وتذكير المؤسسات بضرورة تطبيق سياسات شمولية لا تقتصر على الحالات الظاهرة فقط.
الأنشطة الأبرز هذا العام
- تقديم موارد تعليمية مجانية يمكن للمعلمين استخدامها لتوعية الطلاب.
- عقد ندوات تعاونية بين أصحاب الإعاقات وممثلي الشركات لبحث سبل توفير بيئات عمل دامجة.
- إطلاق حملات على وسائل التواصل الاجتماعي للتأكيد على شعار العام: «الاصغاء. التصديق. الدعم»
الجهات المشاركة في أسبوع الإعاقات غير الظاهرة
تشرف منظمة الإعاقات غير الظاهرة (IDA) على تنظيم الحدث عالميًا، بالتعاون مع عدد من المؤسسات الدولية، من بينها Twinkl التعليمية وPerkins School for the Blind وProject Sleep، التي تسهم في توفير موارد رقمية وبرامج تدريبية، كما تنضم مؤسسات وحكومات في كندا والمملكة المتحدة وأستراليا إلى المبادرة ضمن تقاويمها الوطنية لأسابيع الوعي بالإعاقة.
تكمن أهمية هذا الأسبوع في أنه يذكّر العالم بأن «ما لا يُرى» لا يعني «أنه لا يُعاني»، وأن الإعاقات غير الظاهرة تحتاج إلى نفس القدر من الدعم والاحترام الممنوح للإعاقات الظاهرة، وهو أيضًا دعوة لتبنّي سياسات مرنة في التعليم والعمل والرعاية الصحية، تُراعي احتياجات الأفراد بعيدًا عن الأحكام المسبقة.

مشاركة عربية أوسع في أسبوع الإعاقات غير الظاهرة
عربيا، ربما نستطيع الاستفادة من هذا الحدث لترجمة مواده التوعوية إلى العربية وتنظيم فعاليات في المدارس والجامعات ومقار العمل، لشرح المفهوم وتصحيح الصور النمطية، كما يُنصح بإشراك أشخاص من ذوي الإعاقات غير الظاهرة في الحوارات العامة كما فى الحدث الأصلي، ليتحدثوا بأنفسهم عن تجاربهم مما يعزز ثقافة الاعتراف والتقبّل.
يمثل «أسبوع الإعاقات غير الظاهرة 2025» أكثر من مجرد حملة توعوية، إنه حركة عالمية تسعى إلى إعادة تعريف مفهوم الإعاقة ليشمل كل من يواجه تحديات داخلية لا تُرى لكنها تُعاش كل يوم، ومن خلال هذا الوعي، يمكن بناء مجتمع لا يترك أحدًا خلفه، كما هو شعار مرحلة الدمج العربية الحالية، ومجتمع يُقدّر المرونة ويحتفي بالفرح ويشجع كل فرد على أن يكون على حقيقته.
ويُعدّ هذا الأسبوع تذكيرًا بأن الإنسانية في جوهرها تقوم على الاحترام والتفهّم، لا على الأحكام الظاهرة أو المقاييس الشكلية، فكل شخص يواجه معركته الخاصة بصمت، ومن واجب المجتمع أن يمدّ له يد الدعم لا أن يطالبه بالإثبا، إن الاعتراف بالإعاقات غير الظاهرة خطوة نحو عالمٍ أكثر رحمة وإنصافًا وشمولًا للجميع.