أستراليا تطوّر جهاز محاكاة لتعزيز مهارات قيادة السيارات لدى ذوي الإعاقة

أستراليا تطوّر جهاز محاكاة لتعزيز مهارات قيادة السيارات لدى ذوي الإعاقة

المحرر: سماح ممدوح حسن - أستراليا

نجح مركز إقليمي يدعم الأشخاص ذوي الإعاقة في جنوب أستراليا في تطوير جهاز محاكاة للقيادة، يهدف إلى مساعدة الشباب من ذوي الإعاقة على اكتساب الثقة خلف مقود السيارة، في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها في المنطقة.

وقد أثبتت التقنية الجديدة فاعليتها في رفع كفاءة القيادة بنسبة تقارب 50% بين المستخدمين.

جهاز المحاكاة من الداخل

حلم يتحقق بعد سنوات من التحدي

كايتي فرانسيس، البالغة من العمر عشرين عامًا، كانت تظن منذ طفولتها أنها لن تتمكن يومًا من قيادة سيارة، إلا أن هذا الحلم بدأ يتحول إلى حقيقة بفضل محاكي القيادة الذي أتاحه مركز Support & Connect المتخصص في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة.

وُلدت كايتي بمتلازمة نادرة تُعرف باسم MPS النوع الأول، وهى متلازمة تسببت في ضعف بصري حاد جعلها تُصنّف قانونيًا كفاقدة للبصر، إلى جانب قصر القامة وصعوبات حركية عامة.

تقول كايتي:«كنت أعلم أن القيادة ستكون مهمة صعبة، فقصر قامتي جعلني أشعر بالعجز أمام مقود السيارة، بينما كان أقراني في الريف يعيشون تجربة القيادة منذ الصغر، وكنت أنا محرومة منها تمامًا».

لكن بعد خضوعها لعملية زراعة قرنية عام 2022، تمكنت كايتي من اجتياز اختبار القيادة النظري بنجاح، غير أن فكرة الجلوس خلف المقود للمرة الأولى كانت تثير في داخلها الكثير من القلق والخوف. وتضيف: «عندما جلست في مقعد السائق أول مرة لم يكن الأمر كما تخيلت، كانت تجربة مرهقة للغاية جعلتني أتراجع لفترة عن فكرة القيادة».

كايتي خلال تدربها على القيادة

20  متدربًا يحصلون على رخص القيادة

من جانبه، أوضح ديلان بلاكلي، مدير مركز Support & Connect في منطقة ريفرلاند، أن حالة كايتي ليست استثناء، إذ يعاني العديد من عملائه من خوف مماثل عند التفكير في القيادة.

وقال:«القيادة بالنسبة للكثيرين منهم تجربة مرعبة. لذلك رغبت في سد هذه الفجوة ومنحهم فرصة عادلة مثل أي شخص يعيش في المدن الكبرى».

وأضاف أن قلة الموارد في المناطق الريفية تحرم كثيرين من هذه الخدمات، ما دفعه إلى تطوير محاكي قيادة حقيقي باستخدام تكنولوجيا برنامج  MyDriveSchool، وتحويل سيارة من طراز فورد فالكون، إلى جهاز محاكاة متكامل مزود بعجلة قيادة ودواسات متصلة بنظام كمبيوتر وشاشة عرض كبيرة تمنح المتدرب تجربة واقعية.

وأكد بلاكلي أن نحو 20 متدربًا من ذوي الإعاقة تمكنوا حتى الآن من الحصول على رخص القيادة بفضل هذه التجربة، مشيرًا إلى التحول الكبير في ثقتهم بأنفسهم.

تعزيز فرص الوصول في المناطق الريفية

كانت كايتي من أوائل المشاركين في التجربة، وأكدت أن وجود المحاكي في بلدة قريبة مثل «بيري» سهل عليها التعلم كثيرًا. تقول: «سعدت جدًا حين علمت أن الجهاز المحاكاة موجود بالقرب منا، فلم أعد مضطرة للسفر طوال اليوم إلى أديلايد من أجل جلسة تدريبية قصيرة».

وأضافت: «لقد انتقلت من مرحلة عدم معرفة أي شيء عن القيادة إلى معرفة كيفية التصرف في المواقف الطارئة الواقعية، وأصبحت أكثر ثقة بنفسي. لولا هذا المحاكي لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم»

بدورها، أوضحت برودي طومسون، الأخصائية الداعمة بالمركز، أن كايتي أصبحت أكثر ثقة بعد إنهاء البرنامج، مشيرة إلى أن التجربة ساعدت في تحسين قدرتها على اتخاذ القرارات أثناء القيادة.

أثر ملموس ونتائج علمية

من جانبها، كشفت ليزا سكاييف، الرئيسة التنفيذية لشركة  MyDriveSchool، عن أن فكرة تطوير تكنولوجيا المحاكاة جاءت استجابة لمعدلات الحوادث المرتفعة بين المراهقين الأستراليين.

وقالت: «قمنا بإجراء دراسة مستقلة استندت إلى تقييم مدربين لم يكونوا على علم بمن استخدم المحاكي، وأظهرت النتائج أن الطلاب الذين خضعوا للتجربة تحسنت كفاءتهم بنسبة 48% وأصبحوا أقل قلقًا بنسبة 17%».

وأضافت سكاييف أن التقنية تم الاستشهاد بها في التقرير النهائي للجنة البرلمانية للتحقيق في سلامة الطرق لعام 2022، مؤكدة أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة تعليمية وطنية لتقليل الحوادث وفتح فرص عمل جديدة للأشخاص ذوي الإعاقة.

تجربة محاكاة لقيادة السيارة أشبه بالواقعية

وتابعت:«خسرنا العام الماضي 243 شابًا تتراوح أعمارهم بين 17 و25 عامًا في حوادث الطرق، بينما لا يوجد برنامج إلزامي لتعليم القيادة في المدارس، رغم أن لدينا ست سنوات من دروس السباحة. التكلفة البشرية والاقتصادية هائلة، إذ تصل خسائر حوادث الطرق إلى نحو 30 مليار دولار سنويًا».

وأشارت إلى أنه يمكن تنفيذ برنامج محاكاة القيادة في كل المدارس الحكومية الأسترالية بتكلفة لا تتجاوز 0.001% من إجمالي خسائر الحوادث المرورية.

أما كايتي، التي قضت ثلاث سنوات في برنامج التأهيل، فتستعد حاليًا للحصول على رخصة القيادة الكاملة  P-plates.

وتقول:«رحلتي كانت طويلة ومليئة بالتحديات، لكنني اليوم أشعر بأنني أستعيد حريتي مثل أي شخص آخر. فكرة أنني سأقود وحدي بعد ثلاثة أشهر ما زالت تخيفني قليلًا، لكنها في الوقت ذاته تمنحني شعورًا رائعًا بالاستقلالية والإنجاز».

المقالة السابقة
خطوة تاريخية.. تعليم جامعي مجاني لذوي الإعاقة في غانا
المقالة التالية
ليبيا تتسلّم شحنة جديدة من دواء ضمور العضلات قادمة من سويسرا