الاحتفال باليوم العالمي للشلل الدماغي في السادس من أكتوبر من كل عام، مناسبة لنشر الأمل، والمناصرة، والدعم لذوي الإعاقة بشكل عام، ولمصابي الشلل الدماغي بشكل خاص.
ونشر الأمل لا يكتمل إلا بنشر قصص عشرات المبدعين والملهمين من ذوي الإعاقة، الذين تحدوا أنفسهم وتحدوا الشلل الدماغي أيضا، ليكونوا علامات إنسانية فارقة، للأصحاء قبل المعاقين، من بينهم اختارت «جسور» خمس شخصيات بارزة عالمياً، عاشت مع الشلل الدماغي، ونجحت في تخطي قيود المرض، كل بقصته الملهمة.. طالع التفاصيل
كريستي براون «قدمي اليسرى» تكتب التاريخ
وُلد كريستي براون في دبلن عام 1932، وهو من أكثر الأسماء شهرة في معركة الحياة مع الشلل الدماغي، لقد كان معظم جسده مشلولاً تقريبًا، ولم يكن يتحكَّم سوى في قدمه اليسرى التي استخدمها للكتابة والرسم.
نشأ في عائلة كبيرة، وكان الأطباء يعتقدون بأنه لا يفقه شيئًا، لكن والدته رفضت الاستسلام، فقد علمته القراءة والكتابة بالرغم من ضعف تحكّمه الجسدي.

في عام 1954 أصدر سيرته الذاتية بعنوان «قدمي اليسرى.. My Left Foot» التي سجّلت نقلة تاريخية في الأدب العالمي، وتحولت إلى فيلم سينمائي حاز على جائزتي أوسكار في عام 1989.
خلال حياته أنتج عدة روايات ومجموعات شعرية ولوحات فنية، وكان له حضور فعّال في الأوساط الأدبية والفنية رغم الظروف الصعبة.
توفّي كريستي براون في 7 سبتمبر 1981 في إنجلترا عن عمرٍ يقارب 49 سنة، وما تزال قصته تمثّل رمزًا للتحدي والإصرار.
آر جي ميتّ.. الشلل الدماغي بين الواقع والفن
آر جي ميتّ هو ممثل أمريكي، اشتهر بدور والتر جونيور في مسلسل Breaking Bad، وقد استفاد من شخصيته على الشاشة ليتحدّث بصراحة عن تجربته مع الشلل الدماغي.
وُلد في ميسيسيبي، ونُقل إلى عائلة بالتبني، وتم تشخيص حالته بعجز دماغي في عمر الثلاث سنوات، ما استدعى تركيب دعامات وتقويمات لتقويم الساقين.

خلال نشأته، تعرّض للتنمّر والعنف من زملائه، قال إنه «تعلم أن يتكيف وينمو»، وأكد أن الإعاقة صارَت جزءًا من هويته وليس عائقًا دائمًا.
مع تقدمه في السن، تجاوز الحاجة إلى الأدوات المساعدة بفضل التمارين والدعم، وارتقى ليصبح ناشطًا مرموقًا في تمثيل حقوق ذوي الإعاقة في الإعلام والفن.
كما شارك في حملات مناصرة مثل مكافحة التنمر، وهو سفير لمنظمات معنية بمرضى الشلل الدماغي، قصته تُظهِر كيف يمكن للممثل أن يحوّل اسمه إلى جسر بين الفن وقضايا الإنسانية.
جوش بلو.. الكوميديا كرسالة
جوش بلو هو كوميدي أمريكي ولد في عام 1978، يعاني من شلل دماغي نصفي (Hemiplegic CP) يؤثر بشكل أكبر على اليد أو الجانب الأيسر، منذ طفولته لاحظ والديه تأخّرًا في الحبو والمشي، وتمّ تشخيصه بمرض الشلل الدماغي في سن مبكرة.
اشتهر بلو بعد فوزه في النسخة الرابعة من برنامج المواهب الكوميدية Last Comic Standing عام 2006، حيث استخدم مواقف الإعاقة في نكاته بطريقة ساخرة تثير الضحك والتفكير في آنٍ واحد.

يقول بلو إنه لا يحب أن يُنظر إليه كمُلهم فقط، بل كفنان يقدّم فكاهة حقيقية، ويعمل كالسفير لمنظمة Cerebral Palsy Foundation لرفع الوعي حول التحديات التي تواجه مرضى الشلل الدماغي.
كما شارك في فعاليات رياضية على مستوى الشلل الدماغي، مثل مشاركته في فريق الولايات المتحدة لكرة القدم في الألعاب البارالمبية لعام 2004.
حكاية جوش بلو تؤكّد أن الضحك يمكن أن يكون أداة قوية لكسر الحواجز وكسر الصمت المحيط بالإعاقة.
دان كبلينجر.. فن من خلال العجز
دان كبلينجر فنان أمريكي وُلد عام 1973، وهو أحد أبرز الأمثلة على قدرة الإبداع في تجاوز القيود الجسدية، عانى كبلينجر من الشلل الدماغي، ما جعله يركّب كرسيًا متحركًا ويعتمد في التعبير على أدوات مخصصة، مثل قلم يُمسَك بالفم، ليرسم لوحاته ويُعبّر عن رؤيته الفنية.
قصة دان لُقّبت في فيلم وثائقي باسم «King Gimp»، وهو الفيلم الذي فاز بجائزة أوسكار وجعله وجهًا ملهماً في عالم الإبداع رغم الإعاقة.

في الفن، يركّز دان على تصوير التجربة الإنسانية للإعاقة، وتحدي المراقب لتجاوز الانطباع السطحي للجسد، كما يشارك في محاضرات وفعاليات تحفيزية ويزور مدارس للتوعية بقناع الإعاقة—أن الإبداع لا يعترف بالحواجز.
حكاية دان تُظهر أن الشلل الدماغي لا يمحو القدرة على الإبداع، بل قد يفتح أبوابًا لفهم أعمق للفن والحياة.
جيري جيويل.. اختراق الشاشة
وُلدت في مدينة بفالو، نيويورك، وكانت تُشخَّص مع الشلل الدماغي منذ طفولتها، تم تشخيص حالتها في عمر حوالي 18 شهرًا، وتمّ دمجها في مدارس مخصصة في البداية، ثم انتقلت إلى التعليم المختلط لتواجه التحديات الاجتماعية.
حقّقت جيري شهرة كبيرة عندما أصبحت أول شخص ذو إعاقة ظاهرية يظهر في مسلسل تلفزيوني في وقت ذروة العرض، حيث لعبت دور “جيري تايلر” في مسلسل Facts of Life من عام 1980 إلى 1984.

منذ ذلك الحين، استخدمت منصتها للتوعية بقضايا الإعاقة، وشاركت في برامج تلفزيونية ومسرحية، وكتبت كتبًا تناولت تجربتها في مواجهة الأحكام المسبقة، تقول جيري إن وجودها على الشاشة لم يكن مجرد تمثيل، بل تغيير في التصوّر العام للإعاقة أمام الجمهور.
قصة جيري جيويل تقدّم درسًا في كيف يُمكن للشخص أن يحوّل تمثيله إلى سلاح ناعم للتغيير الاجتماعي.
جدير بالذكر أن الاحتفال باليوم العالمي للشلل الدماغي، بدأ منذ عام 2012، عندما عقدت مؤسّستان عالميتان هما Cerebral Palsy Alliance الأسترالية و United Cerebral Palsy الأمريكية مبادرة لإطلاق “اليوم العالمي للشلل الدماغي” كمنصة دولية متحدّة للتعريف بالمرض، وطرح أفكار مبتكرة لتحسين جودة حياة المصابين.
وقد أُطلقت الحملة الأولى عام 2013 تحت شعار “Change My World in 1 Minute”، حيث دُعي الأشخاص المصابون لتقديم مقترحاتهم لتقنيات أو حلول تسهم في تغيير عالمهم خلال دقيقة واحدة، وقد وصلت فكرة الاحتفال إلى أكثر من مئة دولة منذ انطلاقها، وأصبحت مناسبة سنوية يُستغلها الناشطون والمنظمات لنشر الأمل والمناصرة.