أمير السروجي.. اقتصادي بدرجة فارس يعيد الحياة والكرامة لمرضى الجذام

أمير السروجي.. اقتصادي بدرجة فارس يعيد الحياة والكرامة لمرضى الجذام

المحرر: سحر شيبة - مصر
الدكتور أمير السروجي

حين فر الجميع خوفًا أو جهلًا أو سذاجة، كفارس نبيل قرر المواجهة، بمد يد العون للمتألمين بالعزلة والمرض، هو أمير السروجي، أستاذ الاقتصاد الذي كتب قصته بحروف مدادها الرحمة والإنسانية والشجاعة، مع مرضى الجذام.

اختار السروجي، وهو مؤسس جمعية أصدقاء مرضي الجذام، أن يلمس الجرح، ليفتح بابًا للأمل، ويبعث  برسالة إنسانية تُعيد للمنسيين منهم حقهم في الحياة والكرامة.

يحكى السروجي لـ « جسور» عن أهم محطات رحلته مع مرضى الجذام، يقول” خلف جدران الألم والعزلة، حملت حلمًا لم يجرؤ أحد على تقاسمه معي، حلم بدا غريبًا للآخرين، لكنني قررت أن أعيشه بشجاعة الفرسان وبعين الرحمة، قبل نحو عشر سنوات، اقتحمت عالم مستعمرة الجذام، حيث يعيش المرضى في مدينة صغيرة معزولة، كنت أراهم محاطين بصمت قاسٍ ووحشة خانقة، عيونهم تبحث عن بصيص أمل لكن اليأس يسيطر على ملامحهم.

ورغم أنهم تخلصوا من المرض تمامًا، إلا أن وصمته ما زالت تلاحقهم، كنت أعلم أنني لا أنتمي إلى المجال الطبي، لكن قلبي قادني إليهم، ومع مجموعة من الشباب صرنا نزورهم باستمرار، نحاول أن نمد لهم يد العون، ونخفف عنهم العزلة، لم يكن الأمر سهلًا، فقد كان كثيرون يخافون مجرد ذكر المكان، وكأن المرض ما زال عالقًا في الهواء.

يقول السرجي، من هنا جاءت فكرة تأسيس جمعية “أصدقاء مرضى الجذام”، لأكسر هذا الحاجز بين المرضى والمجتمع، منذ البداية، حرصت أن تكون الجمعية سندًا لهم في كل تفاصيل حياتهم، بدأنا بتوزيع وجبات ساخنة مرتين أسبوعيًا، كل يومي الاثنين والخميس.

ومع تزايد الاحتياجات، استطعنا أن نوفر أكثر من 150 كرسيًا كهربائيًا لمن فقدوا القدرة على الحركة، بالتعاون مع وزارة التضامن ووزارة الصحة، وبدعم أهل الخير من المتبرعين، لم نتوقف عند هذا الحد، بل رممنا 52 سقفًا، ووصلنا 33 خط مياه لمنازلهم، وساعدنا نحو 135 مريضًا بأدوية وعمليات جراحية، وأطلقنا قوافل طبية متنوعة، شملت عمليات عيون وتوزيع نظارات طبية لـ198 شخصًا، إلى جانب توفير مستلزمات النظافة الضرورية بالتنسيق مع وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.

ويضيف مؤسس جمعية أصدقاء مرضى الجذام،  كنت مقتنعًا أن العون المادي وحده لا يكفي. لذلك أطلقنا مبادرة “أنا مبخوفش”، لنقول للناس إن مرض الجذام قابل للعلاج تمامًا، وإن من شُفي لا يشكل خطرًا على أحد، كنت أريد أن أزيل حاجز الرهبة والجهل، أن أجعل المجتمع يفتح أبوابه من جديد لهؤلاء الذين حُكم عليهم بالعزلة ظلمًا، وبالفعل، بدأت هذه الرسالة تغيّر النفوس، وأصبح البعض يزور المرضى ويشاركهم الطعام في المناسبات بعدما كانوا منسيين.

وفي رحلة البحث عن كرامتهم، فكرنا في أن نفتح لهم أبواب العمل والإنتاج، لم نرد أن يبقوا أسرى المساعدات، بل أن يتحولوا إلى قوة منتجة، بعضهم صار يزرع الخضروات، وبعضهم بدأ مشروعات صغيرة، فتحولوا من متلقين للدعم إلى مشاركين في صناعة الخير.

ورغم أن عالم الجذام مليء بالقسوة والجروح المتراكمة عبر السنين، إلا أنني وجدت فيه معنى آخر للحياة، لقد تحولت وصمة المرض إلى فرصة لبناء إنسانية أعمق، لم أعد مجرد زائر أو داعم، بل أصبحت صديقًا حقيقيًا لمرضى الجذام، أقضي معهم الساعات أستمع لقصصهم، أضحك معهم، وأشاركهم لحظات الفضفضة والمرح، لم أرَ فيهم مرضى، بل وجوهًا تضيء حين تجد من يقترب دون خوف.

يقول السرجي: اليوم، حين أنظر إلى الجمعية وما حققته، أشعر أن الرسالة التي حملتها لم تكن مجرد حلم فردي، بل بذرة أمل كبرت، لتثبت أن العطاء وحده قادر على ترميم ما هدمه النبذ، وأن الإنسانية الحقيقية تبدأ حين تختار أن تحتضن من هرب منهم الجميع.

المقالة السابقة
مصر.. ختام فعاليات مشروع «تعزيز الحقوق الصحية لذوي الإعاقة»
المقالة التالية
ترامب يلتقي أطفالًا ناجين من السرطان ويعلن مبادرة جديدة للعلاج

وسوم

أمثال الحويلة (397) إعلان عمان برلين (463) اتفاقية الإعاقة (608) الإعاقة (142) الاستدامة (1102) التحالف الدولي للإعاقة (1075) التشريعات الوطنية (847) التعاون العربي (517) التعليم (83) التعليم الدامج (66) التمكين الاقتصادي (90) التنمية الاجتماعية (1097) التنمية المستدامة. (84) التوظيف (65) التوظيف الدامج (830) الدامج (56) الدمج الاجتماعي (637) الدمج المجتمعي (164) الذكاء الاصطناعي (86) العدالة الاجتماعية (74) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (511) الكويت (87) المجتمع المدني (1080) الولايات المتحدة (63) تكافؤ الفرص (1072) تمكين (89) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (527) حقوق الإنسان (77) حقوق ذوي الإعاقة (95) دليل الكويت للإعاقة 2025 (373) ذوو الإعاقة (158) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1040) ذوي الإعاقة (533) ذوي الهمم (58) ريادة الأعمال (396) سياسات الدمج (1060) شركاء لتوظيفهم (386) قمة الدوحة 2025 (652) كود البناء (452) لغة الإشارة (72) مؤتمر الأمم المتحدة (342) مجتمع شامل (1067) مدرب لغة الإشارة (640) مصر (90) منظمة الصحة العالمية (663)