الولايات المتحدة – جسور
كسر أستاذ أمريكي من أصول كورية حاجز الصمت حول اضطرابه الكلامي داخل مدرجات الجامعة، محولًا تجربته الشخصية إلى مصدر إلهام وتعاطف، سواء لطلابه أو لنفسه.
بدأ دونغميونغ آهن Dongmyung Ahn، المتخصص في تاريخ الموسيقى الغربية، أول محاضرة في الفصل الدراسي بالإعلان الصريح: “أنا أستاذ آهن.. وأتأتئ”، هذا التصريح البسيط أحدث تحولًا عميقًا في علاقته بطلابه، وفي طريقة تعامله مع نفسه.
اختار أن لا يخفي اضطرابه أو يتجاهله، واعتبره جزءًا من شخصيته الأكاديمية، يعلق بأنه لم يعد يشعر بالحاجة لأن يكون فصيحًا طوال الوقت، حيث يرى في حضوره ذاته وتجاوزه اليومي للتأتأة فعلًا طبيعيًا لكسر الصور النمطية، هذا الوضوح كان حصيلة سنوات من الألم والاستهزاء، بدءًا من المدرسة، حيث ظل يُنادى باسم ساخر “دَمب-أند-يونغ Dumb-and-young” بدلًا من اسمه الحقيقي.
على الرغم من تلك الصدمات، اختار أن يصبح معلمًا، وطور استراتيجيات خاصة، مثل المحاضرات التفاعلية والأسلوب القصصي، لتخفيف الضغط الناتج عن التحدث أمام الآخرين، كما اعتمد على تقنيات طورتها تجربته الشخصية، مثل تهجئة الكلمات شفهيًا؛ ما أضفى على محاضراته طابعًا فريدًا جعل الطلاب يتفاعلون معه بإنسانية واهتمام.
ذات مرة، أثناء تدريب لفرقة موسيقية طلابية، تجمد صوته أمام كلمة، فاضطر للبوح باضطرابه أمام الجميع: “أنا أتأتئ!”، حينها، طمأنته إحدى الطالبات بقولها “أنت بخير”، وهذا الموقف غيّر مسار يومه، وجعله يدرك أن الشفافية قد تكون بوابة للقبول والدعم.
في فصل دراسي آخر، اقترب منه طالب يُدعى “بيتر” واعترف بأنه أيضًا يُعاني من التأتأة، رأى آهن في هذا الطالب نسخة أكثر شجاعة من ذاته في شبابه، إذ لم يخجل بيتر من الحديث أو المشاركة، بل كان يبتسم بثقة، وهذا التبادل بين الأستاذ والطالب يعتبر نموذج لعلاقة أكاديمية جديدة، أفقية وإنسانية.
ختم آهن الفصل الدراسي بجملة مازحة بلاتينية “Ite missa est”، بمعنى “انتهت القداس”، ليعلن انتهاء الحصة، ولاحقًا تلقى رسالة من بيتر قال فيها إن رؤية أستاذ يتحدث مثله جعلته يشعر بالقوة والانتماء.
تلقي قصته الضوء على أهمية الإفصاح عن التحديات الشخصية كجزء من رحلة تعلم مشتركة، في بيئة جامعية غالبًا ما تتسم بالصرامة، نجح هذا الأستاذ في تحويل لحظات التأتأة إلى مواقف تعليمية وإنسانية، تفتح المجال لفهم أعمق للتنوع البشري داخل الفصول.