الولايات المتحدة – جسور
اجتمع هذا الصيف، في مدينة أوماها بولاية نبراسكا الأمريكية، فنانون ومبرمجون وأشخاص من ذوي الإعاقة في عمل فني غير تقليدي، دمج بين الأوبرا والذكاء الاصطناعي، بهدف منح الأشخاص غير القادرين على النطق وسيلة جديدة للتعبير عن أنفسهم.
عُرض العمل ضمن مهرجان فني سنوي، واستعرض تساؤلات عميقة حول من يملك الصوت فعلًا في مجتمعاتنا، ومن يُسمح له بأن يُسمع، واعتمد العرض على تقنيات متقدمة لتحويل حركات الوجه أو الإشارات الجسدية أو حتى نشاط الدماغ إلى أصوات غنائية حقيقية؛ مما سمح للأشخاص غير الناطقين بالمشاركة في أداء فني حي، عبر واجهات تفاعلية تحلل رغباتهم وتحولها إلى موسيقى وصوت بشري.
خرجت الفكرة من تعاون مشترك بين فنانين ومختصين في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتواصل البديل، حيث طُور نظام يقرأ إشارات المستخدم العصبية أو الجسدية، ويحولها إلى صوت غنائي يعكس إحساسه الداخلي، ولم يكن الهدف تقنيًا بحتًا، فإن العمل حمل بُعدًا إنسانيًا عميقًا، وعبّر عن رغبة دفينة لدى كثيرين بأن يُنظر إليهم باعتبارهم أفرادًا قادرين على التأثير والتعبير، وليسوا مجرد حالات طبية.
وأعد المراسل الفني جيفري براون Jeffrey Brown تقريرًا عن هذا العمل الاستثنائي ضمن السلسلة الثقافية “كانفاس”، مع تسليط الضوء على تجربة المشاركين الذين وجدوا في العرض وسيلة لأول مرة للظهور بشكل حقيقي أمام الجمهور، فكانت الأوبرا نتاج لتفاعل شخصي مع التقنية، يعكس مشاعرهم الحقيقية في الزمن الفعلي.
إحدى المشاركات في العرض، فتاة تبلغ من العمر 22 عامًا وتعاني من شلل دماغي، استطاعت من خلال واجهة تكنولوجية متقدمة أن تغني أمام الجمهور، بكلمات مشحونة بالعاطفة والتجربة الذاتية، مما جعل الحضور في حالة تأثر صادق.
جاء العمل الفني مصحوبًا بنقاشات عامة وورش عمل حول أهمية دمج ذوي الإعاقة في الحياة الثقافية عبر حلول تقنية مبتكرة، مع طرح سؤال “كيف نعيد توزيع أدوات التعبير؟ ومن يقرر من يستحق أن يُستمع له؟.
وأشار المهرجان إلى تحول جذري في فهم الفن، بوصفه مساحة للتفاوض على الحقوق والعدالة، فالذكاء الاصطناعي في هذه التجربة، يعد وسيلة للعبور إلى إنسانيته العميقة، التي حُرمت طويلًا من الظهور.