أول مبرمجة في التاريخ.. آدا لوفلايس عبقرية قهرت الشلل وبشّرت بالذكاء الاصطناعي

أول مبرمجة في التاريخ.. آدا لوفلايس عبقرية قهرت الشلل وبشّرت بالذكاء الاصطناعي

المحرر: محمود الغول - مصر
أول مبرمجة في التاريخ

أول مبرمجة في التاريخ هو اللقب الذي استحقه آدا لوفلايس بجدارة. والتي في مثل هذا اليوم 27 نوفمبر من عام 1852، رحلت هذه العبقرية الفذة عن عالمنا. لكن، قصتها لم تنته بوفاتها المبكرة، بل بدأت للتو.

حيث تركت إرثا علميا غير وجه التكنولوجيا الحديثة للأبد. لذلك، نستعرض في هذا التقرير حياتها المليئة بالتحديات والإنجازات. وكيف أن أول مبرمجة في التاريخ واجهت المرض بالعلم والألم بالمعادلات.

أول مبرمجة في التاريخ وطفولة مؤلمة

ولدت آدا في لندن عام 1815 لأب شاعر وأم عالمة. لكن، حياتها لم تكن سهلة أو مريحة منذ البداية. فقد عانت من أمراض عديدة وخطيرة في طفولتها المبكرة.

تحديدا، أصيبت بمرض الحصبة الذي ترك أثرا مدمرا على جسدها. نتيجة لذلك، أصيبت بشلل نصفي جعلها مقعدة في الفراش. ووفقا للمؤرخين، استمرت هذه الحالة المقعدة لفترة طويلة من طفولتها.

مع ذلك، لم تستسلم آدا لهذا العجز الجسدي القاسي. بل، استغلت فترة مرضها الطويلة في القراءة والتعلم المستمر. لذا، كانت هذه الفترة هي التي صقلت عقلها الفذ.

أول مبرمجة في التاريخ آدا لوفلايس
أول مبرمجة في التاريخ آدا لوفلايس

الهروب من الجنون إلى الرياضيات

من ناحية أخرى، حرصت والدتها على تعليمها الرياضيات والعلوم بصرامة. حيث أرادت إبعادها عن «جنون» والدها الشاعر اللورد بايرون. بناء على ذلك، تلقت تعليما علميا غير معتاد للنساء في عصرها. حسب الموسوعة البريطانية.

في الواقع، وجدت آدا في الأرقام ملاذا من قيود جسدها. كما أن تفوقها الرياضي كان واضحا ومبهرا لكل من عرفها. لهذا السبب، أصبحت رمزا للمرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا.

اللقاء المصيري بساحرة الأرقام

التقت آدا بالمخترع شارلز باباج في حفل عام 1833. حيث عرض عليها نموذجا لمحركه التحليلي الذي أبهرها تماما. علاوة على ذلك، أدركت فورا الإمكانات الهائلة لهذه الآلة الميكانيكية.

لذلك، بدأت مراسلات طويلة ومثمرة مع باباج حول تطوير الآلة. وفي هذا السياق، قامت بترجمة مقال لعالم إيطالي حول المحرك. لكنها، لم تكتف بالترجمة الحرفية، بل أضافت ملاحظاتها العبقرية الخاصة.

أطلق عليها باباج لقب «ساحرة الأرقام» لشدة ذكائها. إذ كانت أول مبرمجة في التاريخ ترى ما عجز عنه الرجال. إذ تجاوزت في رؤيتها حدود الآلة الحاسبة التقليدية.

تضمنت ملاحظات آدا خوارزمية معقدة لحساب «أعداد برنولي» بواسطة الآلة. بناء على ذلك، اعتبر المؤرخون هذه الخوارزمية عمل أول مبرمجة في التاريخ. إذ كانت أول شفرة برمجية تكتب لآلة وليست للبشر.

من هنا، تجاوزت آدا دور المترجمة لتصبح مبتكرة حقيقية. كما أن ملاحظاتها كانت أطول بثلاث مرات من المقال الأصلي. نتيجة لذلك، خلد التاريخ اسمها كأم للبرمجة الحاسوبية الحديثة.

طالع: عباقرة هزموا الإعاقة وحولوا تحدياتهم إلى اختراعات غيرت وجه العالم

حسب موسوعة بريتانيكا، كانت هذه الخوارزمية دقيقة وسابقة لزمنها. لذا، يتم تدريس هذا الإنجاز اليوم في كليات الحاسبات. أول مبرمجة في التاريخ وضعت حجر الأساس للعصر الرقمي.

أول مبرمجة في التاريخ والتنبؤ بالذكاء الاصطناعي

لم تنظر آدا للكمبيوتر كآلة حاسبة فقط كما فعل معاصروها. بل، توقعت أن الآلة يمكنها معالجة أي شيء يتحول لأرقام. على سبيل المثال، تنبأت بإمكانية تأليف الموسيقى وإنتاج الرسومات بواسطة الحاسوب.

هذا يعني، أنها توقعت العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي قبل حدوثه بقرن. وفقا لموقع بي بي سي، كانت رؤيتها تتجاوز الحسابات الرياضية البحتة. لذلك، تعتبر آدا لوفلايس سابقة لعصرها بمراحل ضوئية.

أول مبرمجة في التاريخ رأت في الآلة شريكا للإبداع البشري. حيث تخيلت عالما تتكامل فيه التكنولوجيا مع الفنون والموسيقى. إن هذه الرؤية الشمولية هي ما يميز عبقريتها الفريدة.

الإبداع وسط الألم

على الرغم من نجاحها، ظلت معاناتها الصحية تلاحقها طوال حياتها. حيث عانت من مشاكل في الجهاز الهضمي والتنفسي بشكل مستمر. لكن، الألم لم يمنعها من مواصلة شغفها العلمي والرياضي.

في الحقيقة، كانت تستخدم الرياضيات كمهرب من أوجاع جسدها المنهك. وكما ذكر كتاب سيرتها، كانت عزيمتها أقوى من جسدها الضعيف. لهذا، تعد قصتها إلهاما لكل من يواجه تحديات صحية.

أول مبرمجة في التاريخ لم تكن تملك جسدا قويا. بل كانت تملك عقلا لا يقهر وإرادة من حديد. لذلك، نجحت فيما فشل فيه الأصحاء في عصرها.

توفيت آدا في سن السادسة والثلاثين في 27 نوفمبر. حيث كان سبب الوفاة هو سرطان الرحم المؤلم. للمفارقة، هو نفس العمر الذي توفي فيه والدها الشاعر.

مع ذلك، ظل إرثها مخفيا لفترة طويلة بعد وفاتها. حتى أعاد العالم آلان تورينج اكتشاف أعمالها في الحرب العالمية. بناء على ذلك، عاد اسمها ليلمع في سماء العلم مجددا.

لغة أدا لبرمجة الكمبيوتر
لغة أدا لبرمجة الكمبيوتر

لغة آدا ويومها العالمي

تقديرا لجهودها، أطلق عليها العالم تكريمات عديدة ومستحقة. فقد أطلقت وزارة الدفاع الأمريكية اسم «آدا» على لغة برمجة. إضافة إلى ذلك، يحتفل العالم في أكتوبر بيوم آدا لوفلايس.

يهدف هذا اليوم إلى الاحتفاء بإنجازات النساء في العلوم. كما يسعى لتشجيع الفتيات على السير على خطى آدا. أول مبرمجة في التاريخ أصبحت أيقونة عالمية للمرأة في التكنولوجيا.

في الختام، تظل آدا لوفلايس منارة للعلم والإرادة الإنسانية. حيث أثبتت أن الإعاقة الجسدية لا تمنع الإبداع الفكري. بالإضافة إلى ذلك، مهدت الطريق للنساء في مجالات التكنولوجيا المعقدة.

أخيرا، أول مبرمجة في التاريخ لم تكن مجرد عالمة رياضيات. بل كانت، كما وصفت نفسها، «محللة ميتافيزيقية» رأت المستقبل. لذلك، ستبقى قصتها درسا خالدا في تحدي المستحيل.

المقالة السابقة
جامعة الفيوم تنظم فعالية لليوم العالمي للإعاقة في مصر.. الأحد المقبل
المقالة التالية
تحقيق أمريكي بعد منع ذوي الإعاقة من دخول متنزهات في فلوريدا

وسوم

الإعاقة (3) الاستدامة (33) التحالف الدولي للإعاقة (34) التربية الخاصة (2) التشريعات الوطنية (33) التعاون العربي (33) التعليم (4) التعليم الدامج (4) التمكين الاقتصادي (3) التنمية الاجتماعية (33) التنمية المستدامة (3) التوظيف الدامج (32) الدمج الاجتماعي (31) الدمج الجامعي (3) العدالة الاجتماعية (3) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (31) الكويت (5) المتحف المصري الكبير (4) المجتمع المدني (31) المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (4) المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة (4) الوقائع الإخباري (2) تكافؤ الفرص (32) تمكين (2) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (31) حقوق الإنسان (3) حقوق ذوي الإعاقة (3) دليل الكويت للإعاقة 2025 (30) ذوو الإعاقة (12) ذوو الاحتياجات الخاصة. (31) ذوي الإعاقة (9) ذوي الهمم (5) ريادة الأعمال (33) سياسات الدمج (33) شركاء لتوظيفهم (34) قمة الدوحة 2025 (35) كود البناء (36) لغة الإشارة (2) مؤتمر الأمم المتحدة (36) مبادرة تمكين (3) مجتمع شامل (36) مدرب لغة الإشارة (37) مصر (12) منظمة الصحة العالمية (37) وزارة الشؤون الاجتماعية (2)