في عالم كرة القدم، نعتاد دائما على سماع أخبار الإصابات العضلية، تمزق الأربطة، أو كسور العظام. في الواقع، نادرا ما نسمع عن إصابة لا تمنع اللاعب من الركض، لكنها تمنعه من الابتسام أو إغلاق عينيه. مؤخراً، استيقظ جمهور الكرة اللاتينية والعالمية على خبر صادم يتعلق بالنجم الأرجنتيني لوكاس أوكامبوس. حيث تعرض اللاعب لهجوم فيروسي مفاجئ أدى إلى شلل في عضلات الوجه. يسلط هذا التقرير الضوء على إصابة أوكامبوس بالشلل، وكيف يواجه الرياضي المحترف عدواً غير مرئي يضرب جهازه العصبي.
إصابة أوكامبوس بالشلل
أعلن نادي «مونتيري» المكسيكي (الذي يلعب له أوكامبوس حاليا بعد مسيرة حافلة في أوروبا) عن غياب نجمه لفترة غير محددة. وفقا للتقارير الطبية الأولية، اشتكى اللاعب من تنميل مفاجئ وصعوبة في تحريك جانب واحد من وجهه. بعد الفحوصات، تأكدت إصابة أوكامبوس بالشلل الوجهي. وأرجع الأطباء السبب إلى عدوى فيروسية هاجمت العصب السابع، وهو المسؤول عن التحكم في تعابير الوجه. حسب حساب النادي على إكس.
قبل الغوص في تفاصيل المرض، يجب أن نعرف من هو هذا المقاتل. إذ يعتبر لوكاس أوكامبوس واحداً من أبرز الأجنحة الأرجنتينية في العقد الأخير. تألق بشدة مع نادي إشبيلية الإسباني وحقق معهم لقب الدوري الأوروبي، كما لعب لأندية عريقة مثل موناكو ومارسيليا وريفر بليت. يتميز أوكامبوس بقوته البدنية الهائلة وروحه القتالية العالية، مما جعل إصابته بمرض عصبي مفاجأة قاسية لمحبيه الذين اعتادوا رؤيته كـ «ثور» لا يتوقف.
وطبياً، ما حدث لأوكامبوس غالباً ما يشخص كحالة «شكل بيل» الناتجة عن التهاب فيروسي. في هذه الحالة، يتورم العصب الوجهي (العصب القحفي السابع) أثناء مروره في قناة عظمية ضيقة بالجمجمة. يؤدي هذا الضغط إلى توقف الإشارات العصبية الواصلة لعضلات الوجه. النتيجة هي ارتخاء كامل لنصف الوجه، فيبدو المصاب وكأنه فقد السيطرة على ملامحه، مع انحراف الفم وصعوبة في إغلاق العين في الجانب المصاب. وفق موفع مايوكلينك.
الفيروس الغادر
أشارت التقارير إلى أن السبب وراء إصابة أوكامبوس بالشلل هو عدوى فيروسية. تشير الدراسات الطبية إلى أن فيروسات مثل «الهربس البسيط» هي المتهم الأول في مثل هذه الحالات. يهاجم الفيروس العصب فجأة، وقد يكون ذلك نتيجة ضعف مؤقت في المناعة أو إجهاد بدني ونفسي شديد. تثبت هذه الحالة أن الرياضيين، رغم لياقتهم العالية، ليسوا محصنين ضد الهجمات الفيروسية التي تستهدف الأعصاب. وفق موقع onefootball.
قد يظن البعض أن المشكلة تجميلية فقط، لكنها في الحقيقة وظيفية ومؤلمة. يعاني أوكامبوس حالياً من جفاف شديد في العين لأنه لا يستطيع الرمش بها لترطيبها. كما يواجه صعوبة في تناول الطعام والشراب، حيث قد يتسرب السائل من زاوية الفم المصابة. إضافة إلى ذلك، هناك ألم خلف الأذن وحساسية مفرطة تجاه الأصوات العالية. كل هذه الأعراض تجعل ممارسة كرة القدم الاحترافية أمراً شبه مستحيل في المرحلة الحادة.
تأثير الإصابة على لاعب كرة القدم
يطرح الجمهور سؤالا هاما: هل تمنعه هذه الإصابة من اللعب؟ نظرياً، قد تكون قدمه سليمة، لكن إصابة أوكامبوس بالشلل تؤثر على توازنه وتركيزه البصري. عدم القدرة على إغلاق العين يعرضها للخطر من الهواء والغبار والعرق أثناء الركض. لذلك، يمنع الأطباء اللاعبين من المشاركة في المباريات حتى استعادة القدرة على حماية العين (الرمش) على الأقل. كما أن الحالة النفسية للاعب تكون غير مستقرة للظهور أمام الكاميرات والجماهير. حسب شبكة TyC Sports الأرجنتينية.
أصعب ما في هذه الإصابة هو العامل النفسي، أو ما يسمى بـ «اختبار المرآة». يستيقظ اللاعب القوي ليجد وجهه متغيرا في المرآة. يشعر المصابون عادة بنوع من الخجل الاجتماعي أو القلق من أن تكون الإصابة دائمة. بالنسبة لنجم مشهور تلاحقه العدسات، يكون الضغط مضاعفاً. يحتاج أوكامبوس في هذه الفترة إلى دعم نفسي كبير لتجاوز صدمة تغير الملامح المفاجئ.

بروتوكول العلاج المتوقع
بدأ الجهاز الطبي لنادي مونتيري فوراً في بروتوكول علاجي مكثف. يعتمد العلاج عادة على جرعات عالية من «الكورتيزون» لتقليل تورم العصب بسرعة. بالإضافة إلى مضادات الفيروسات إذا تم تأكيد السبب الفيروسي في الأيام الأولى. كما يخضع اللاعب لجلسات علاج طبيعي وتدريبات خاصة لعضلات الوجه لتحفيز العصب على العمل مجدداً. تعتبر قطرات العين والمراهم والمرهم الليلي ضرورة قصوى لحماية القرنية من التلف. وفق موقع نادي مونتيري.
الخبر الجيد في قصة إصابة أوكامبوس بالشلل هو أن معظم هذه الحالات مؤقتة. تشير الإحصاءات الطبية إلى أن 85% من المصابين يتعافون تماماً. تتراوح مدة الشفاء عادة بين أسبوعين إلى 6 أشهر حسب شدة تضرر العصب. من المتوقع أن يعود أوكامبوس للتدريبات الخفيفة قريباً، لكن عودته للمباريات التنافسية تعتمد على استجابة العصب وسرعة تعافي العين.
ليست الحالة الأولى في الملاعب
لم يكن أوكامبوس أول لاعب يواجه هذا العدو الخفي. في الواقع، شهدت الملاعب حالات مشابهة، مثل اللاعب البرازيلي «كايو» في الدوري الإماراتي الذي أصيب بنفس الحالة وعاد للتألق. تؤكد هذه السوابق أن الإصابة لا تعني نهاية المسيرة. بل هي مجرد «استراحة محارب» إجبارية فرضها الفيروس.
بمجرد انتشار خبر إصابة أوكامبوس بالشلل، انهالت رسائل الدعم من زملائه وأندية العالم. نشر ناديه السابق إشبيلية رسالة تضامن مؤثرة تتمنى له الشفاء. كما تفاعل الجمهور المكسيكي والأرجنتيني عبر هاشتاجات داعمة. يعكس هذا التضامن الجانب الإنساني في كرة القدم، حيث يتوحد الجميع عندما يتعلق الأمر بصحة الإنسان بعيداً عن المنافسة.
طالع: الأسطورة أليكس روكا.. أول عدّاء في العالم يهزم الشلل الدماغي ويجتاز ماراثونًا كاملًا
وتسلط هذه الحادثة الضوء على مفهوم «الإعاقة المؤقتة». فجأة، يتحول شخص كامل اللياقة إلى شخص من ذوي إعاقة وظيفية (في الوجه). يعلمنا هذا أن الصحة نعمة هشة قد تتغير في لحظة بسبب كائن مجهري. كما يبرز أهمية تقدير النعمة اليومية المتمثلة في القدرة على الابتسام أو الرمش دون تفكير.
ماذا بعد إصابة أوكامبوس بالشلل؟
على الرغم من قسوة المشهد الحالي، إلا أن التوقعات إيجابية. يتمتع أوكامبوس ببنية جسدية قوية ومناعة رياضي محترف، مما يسرع عملية التعافي. ننتظر عودته للملاعب قريبا، ربما بابتسامة «غير مكتملة» في البداية، لكن بقلب أكثر قوة وإصراراً. ستكون عودته انتصاراً للإرادة على الفيروس.
في الختام، تعد إصابة أوكامبوس بالشلل فصلا دراميا مؤلما في مسيرة نجم كبير. لكننا واثقون أن «الثور الأرجنتيني» لن يستسلم لهذا المرض الصامت. قريبا، سيعود أوكامبوس للركض والاحتفال بالأهداف، وستعود الابتسامة لتضيء وجهه ووجه عشاق كرة القدم مرة أخرى. كل التمنيات بالشفاء العاجل للنجم لوكاس أوكامبوس.


.png)


















































