Skip to content

إعمار غزة .. مبان تراعى احتياجات مبتوري الأطراف وذوي الإعاقة

إعمار غزة .. مبان تراعى احتياجات مبتوري الأطراف وذوي الإعاقة

غزة – جسور – فاطمة الزهراء بدوي

تفرض الأزمات المتتالية على سكان غزة، اختبارات قاسية، في التحمل والإبداع، من بين الناجين من القصف الإسرائيلي الأخير، الآلاف ممن فقدوا أطرافهم، وأصبحوا في حاجة ملحة إلى بيئة عمرانية مهيأة، لحياتهم الجديدة. ورغم الانهيار شبه الكامل للبنية التحتية، تنبثق أفكار غير تقليدية لإعادة الإعمار، لا تكتفي بالمنحدرات والمصاعد والأبواب الأوتوماتيكية، حيث تمتد إلى تصورات مستقبلية تُعلي من كرامة الإنسان وتسهل حركته واستقلاله.

ونقلا عن المنصة الإعلامية الدولية Meer.com تقول ريم، شابة من غزة، تقيم في قلب المدينة، وتتابع تطورات التصميم الشامل حول العالم: “أعرف تمامًا ما يحتاجه الأشخاص ذوو الإعاقة هنا. ليس لأنني أقرأ عنه فقط، ولكن لأنني أراه في الشارع، في الحي، في بيتي”. تتحدث عن الرؤية الممكنة لإعادة إعمار غزة بما يخدم المصابين. تصف مقترحات لمبانٍ ذكية لا تحتاج إلى مصاعد ولا سلالم؛ إنما تعتمد على تصميم أفقي بانسيابية تسمح بالحركة بالكرسي المتحرك دون عوائق. توضح أن الأبواب يجب أن تكون قابلة للتشغيل بالصوت أو بالإيماءة، ومزودة بحساسات ذكية تفهم احتياجات الداخلين وتتكيف معها.

واحدة من الأفكار التي تتحدث عنها ريم، تبدو بسيطة لكنها ثورية: إنشاء محطات شحن عامة موزعة في شوارع المدينة. هذه المحطات لن تُستخدم فقط لشحن الهواتف، ولكن أيضًا لشحن أطراف صناعية ذكية، وكراسي متحركة كهربائية، وأجهزة طبية مثل مضخات الإنسولين ومنظمات ضربات القلب. “كثير من الناس في غزة يسيرون مسافات طويلة للعثور على نقطة كهرباء. في مدينة مهيأة للمصابين، لا يجب أن تكون الكهرباء رفاهية”.

لا يقتصر تصور ريم على البنية التحتية الثابتة، بحيث يمتد إلى تصميم الحدائق والمساحات العامة لتُصبح أماكن آمنة للترفيه وإعادة التأهيل. تقترح أرضيات مطاطية مرنة تقلل من احتمالات السقوط، ومسارات مخصصة لكل نوع من الإعاقة الحركية، مع لوحات إرشادية بلغة برايل ومجسات ناطقة.

تُؤمن أن البناء يعد مسؤولية أخلاقية تجاه الذين فقدوا أطرافهم في ظروف غير إنسانية. وترى أن كل مبنى لا يراعي سهولة الحركة والاستقلال الذاتي لمبتوري الأطراف، هو مبنى ناقص، حتى وإن اكتمل من الخارج.

لكن الحوار ينقطع. ريم تتوقف عن الرد. تقول في آخر رسالة: “أشعر بتوتر شديد، لدي أخت وأخ في جباليا، والمنطقة تشهد تصعيدًا عنيفًا”. ثم صمتت. لا رد بعد ذلك، لا خبر يؤكد أنها بخير، ولا حتى كلمات وداع. يتوقف سيل الأفكار فجأة. تذوب الأحلام الصغيرة في غبار المعارك. ويظل الأمل معلقًا برسالة لم تكتمل.

في النهاية، قد لا تأتي ريم لتكمل حديثها. وربما نعيد البناء دونها. لكن ما قالته يكفي ليدفع نحو نمط جديد من التفكير: لا نُرمم ما كان، فعلينا أن نبتكر ما يجب أن يكون.. نجعل من إعادة الإعمار فعلًا إنسانيًا شاملًا، لا مجرد ترميم حجارة مهدمة.

المقالة السابقة
وزير الثقافة المصري يحضر لقاء “تحدي الإعاقة” بمكتبة القاهرة الكبرى
المقالة التالية
الجمعية الكويتية لقضايا المعاقين تتمسك بنظام “المكلف”وعدم المساس بحقوق ذوي الإعاقة