Skip to content

إيمان كريم.. امرأة ترفع لواء الدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة في مصر

إيمان كريم.. امرأة ترفع لواء الدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة في مصر

مصر – جسور – سماح ممدوح حسن

فتحت الدكتورة إيمان كريم، المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، وأستاذة اللغة الألمانية، بجامعة عين شمس،  خزائن أسرارها، الشخصية والمهنية، في اللقاء التلفزيوني الذي أجرته عبر القناة الثانية المصرية،  وكيف تحوّلت حياتها من طفلة إلى عادية، ثم تمر بحادث رياضي غيّر مسار حياتها، في سن الرابعة عشرة، وصعودها على رأس مؤسسة، تُعدّ من أبرز الكيانات المعنية بالدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة في مصر.

نقطة التحول: من الإصابة إلى بداية التحدي.

بدأت الرحلة من حادث مؤلم غيّر مسار حياتها. أثناء ممارستها لرياضة الغطس، وهي في الرابعة عشرة من عمرها، تعرّضت لإصابة خطيرة في فقرات الرقبة أدت إلى مضاعفات أثّرت على حركتها. في ذلك الوقت، لم تكن هناك رعاية طبية كافية لحالات إصابات العمود الفقري، وهو ما زاد من تعقيد حالتها. لكن انتقالها للعلاج في مستشفيات القوات المسلحة ثم لاحقًا في إنجلترا، كان نقطة انطلاق حقيقية.

هناك، لم تتلقَّ فقط العلاج الطبي، بل خضعت لبرنامج تأهيل نفسي واجتماعي شامل، ساعدها على فهم ذاتها وتحمّل المسؤولية، وفتح أمامها بابًا جديدًا للحياة والمشاركة والوعي بدورها في المجتمع.

التعليم كأداة للتمكين: من الثانوية إلى الدكتوراه

عادت إيمان كريم إلى مقاعد الدراسة بروح جديدة، ورفضت أن تبقى أسيرة للحادث. تفوقها في المرحلة الثانوية بالمدرسة الألمانية مكنها من دخول كلية الآداب قسم اللغة الألمانية، رغم أن أمامها بدائل أخرى أكثر شيوعًا.

اختارت دراسة الألمانية لأنها أحبتها، وتفوقت فيها، ووجدت في الثقافة الألمانية ما يمكن أن يثري شخصيتها ويُسهم في بناء رؤيتها. أكملت دراستها الجامعية بتخصص دقيق في علوم اللغة، ثم حصلت على الماجستير والدكتوراه في اللغويات التطبيقية، موجهة بحوثها نحو تحليل صعوبات تعلم اللغة الألمانية لدى الناطقين بالعربية.

اختارت دراسة تطبيقية ترتبط بسوق العمل وواقع المتعلمين، فأجرت مقابلات ودراسات ميدانية، ونجحت في إنتاج رسالة علمية حظيت باهتمام الأكاديميين الألمان أنفسهم، لأنها سلطت الضوء على أسباب الفجوة بين اللغتين وطرق معالجتها.

الطفولة والتعليم المبكر: دبلومات وخبرة ميدانية.

لأنها آمنت بأن التأسيس يبدأ من الطفولة، حصلت على دبلوم في التعليم الأساسي للأطفال، وشاركت في العمل مع حضانات، واهتمت بتطوير مناهج تعليمية تعتمد على اللعب والمسرح.

تقول “الطفل مثل الإسفنجة، يلتقط كل شيء من حوله. لذلك اهتممت بدراسة كيف يفكر الطفل، وكيف أستطيع أن أقدّم له المعلومة وأعزز استقلاله.”

كما حصلت على دبلوم في مهارات التواصل داخل بيئة العمل، إيمانًا منها بأن النجاح الفردي لا يكتمل بدون قدرة على بناء علاقات صحية ومستقرة مع الآخرين.

العمل التطوعي والعام: من النادي إلى الهلال الأحمر

نشأت رغبة العمل لديها منذ الطفولة، وتحوّلت مع الوقت إلى جزء من شخصيتها ومسارها. بدأت بتطوعها في لجنة الطفولة بناديها، ثم لجنة الاحتياجات الخاصة، ثم تقدمت لانتخابات مجلس الإدارة بناءً على رغبة المحيطين بها، وتم اختيارها.

استمر نشاطها في الهلال الأحمر المصري، حيث أصبحت عضوًا بمجلس الإدارة. وأكدت في الحوار أن العمل التطوعي ليس فقط لمنح الآخرين، بل يمنح المتطوع ذاته إحساسًا بالمعنى والانتماء، خاصة في وقت الأزمات الكبرى مثل أزمة غزة والسودان، حيث لعب الهلال الأحمر دورًا محوريًا في تنسيق المساعدات الإنسانية.

رئاسة المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، مسؤولية وطنية

تحدثت الدكتورة إيمان عن لحظة تلقّيها نبأ تعيينها المشرف العام للمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، واصفةً إياه بالشرف والمسؤولية الثقيلة في آنٍ واحد. شعرت بأنها تمثل شريحة من المواطنين يصل عددها إلى 15 مليون شخص، وهو ما دفعها إلى تحويل تجربتها الشخصية إلى طاقة لتطوير السياسات العامة.

ترى أن المنصب ليس سلطة، بل”رسالة” يجب أن تتحقق على أرض الواقع، من خلال التكامل بين الوزارات، ورسم السياسات، وإطلاق المبادرات.”

مبادرات ومشاريع: من “أسرتي قوتي” إلى دعم الصندوق

استعرضت في اللقاء أهم المبادرات التي أطلقها المجلس، وفي مقدمتها “أسرتي قوتي” التي تستهدف دعم وتمكين أسر الأطفال من ذوي الإعاقة، ليس فقط معرفيًا ولكن أيضًا نفسيًا وتربويًا، حتى يصبحوا بدورهم سفراء للوعي في المجتمع.

كما تحدّثت عن دور”صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة”، الذي يقدّم تمويلًا للمشروعات الصغيرة، وخدمات صحية وتعليمية، ويشارك في استراتيجية تنموية شاملة تدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في برامج الدولة.

دور القانون والوعي المجتمعي

أكدت أن صدور دستور 2014 وقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 10 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية، كانا بمثابة نقلة نوعية في الاعتراف بحقوق هذه الفئة. لكن القانون وحده لا يكفي، على حد قولها، بل لا بد من وعي مجتمعي يتعامل مع الإعاقة باعتبارها تنوعًا إنسانيًا، وليس عبئًا أو استثناءً.

الثقافة والفنون والتعليم الدمجي

في نهاية اللقاء، شددت على أهمية الثقافة والفنون في بناء وعي شامل بحقوق الإنسان، وضرورة دمج ذوي الإعاقة في الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية، باعتبارها أدوات فعّالة في بناء الشخصية ودعم الثقة بالنفس.

كما أكدت أن التعليم الدامج ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية، لأن الطفل المختلف إذا حصل على فرصته، قد يتحول إلى نموذج ملهم وقائد ناجح، تمامًا كما حدث معها.

لم يكن الحوار مجرد سيرة ذاتية، بل خريطة ملهمة لمفهوم التحدي. تحوّلت الدكتورة إيمان كريم من بطلة جمباز وسباحة إلى ضحية حادث إلى رائدة في العمل الحقوقي والتنموي، ومن طالبة تتلقى الدعم إلى مسؤولة تضع السياسات وتُطلق المبادرات، ورسالتها أن التمكين يبدأ من الوعي، ويتحقق بالإرادة، ويستمر بالتعليم والعمل الجماعي.

المقالة السابقة
“جسور” تحتفى بشيماء الموسوي مترجمة لغة الإشارة لمسرحية “ملك المسرح”
المقالة التالية
لذوي الإعاقة.. مصاحف بلغة “برايل” وأماكن للصم وترجمة بلغة الإشارة في الحرمين