منذ سنوات طويلة، كرّست الدكتورة إيمان كريم حياتها للعمل الخيري والاجتماعي التطوعي، لتكون نموذجًا ملهمًا لقوة الإرادة والتحدي.
بعد حادث تعرضت له أثناء ممارسة رياضة الغطس في سن الرابعة عشرة، بدأت مرحلة جديدة ومختلفة من حياتها على كرسي متحرك، لكنها لم تتوقف عند حدود التجربة القاسية، بل استكملت دراستها في المدرسة الألمانية ثم الجامعية وصولًا إلى الماجستير والدكتوراه.
حملت كريم رسالة عميقة للمجتمع وطلابها وكل من يحيط بها، مفادها أن الإنسان لا بد أن يواجه تحدياته بصمود وطموح، وأن يحولها إلى رسالة أمل لغيره، فينجح رغم الصعوبات، ويساعد من يحتاج الدعم، ويعيش حياة ذات جودة، ويترك أثرًا بعمله وإنجازاته.
واليوم، تقود المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة برؤية شاملة تهدف إلى تمكين ذوي الإعاقة في مصر، وضمان حقوقهم في التعليم والعمل والرعاية الصحية والدمج المجتمعي، وتحويل التحديات إلى إنجازات ملموسة.

في هذا الحوار الخاص تكشف الدكتورة إيمان كريم لـ « جسور » عن أبرز خدمات المجلس، والتطور الذي شهدته حقوق ذوي الإعاقة في مصر، وخطط المستقبل لتعزيز الحماية والتمكين، إضافة إلى رؤيتها لتغيير الصورة النمطية عن ذوي الإعاقة في المجتمع والإعلام.
ما الخدمات التي يقدمها المجلس لذوي الإعاقة، وكيف يتم التوعية بهذه الخدمات للوصول إلى مستحقيها؟
يقدم المجلس وفقًا لقانون إنشائه رقم 11 لسنة 2019 العديد من الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة، منها استقبال الشكاوى عبر الخط الساخن 16736 وخدمة الفيديو كول للصم، وتقديم الدعم القانوني والنفسي وخدمات الترجمة الإشارية. كما ينظم ندوات توعوية ومبادرات مثل “صوتك حقك” لتعزيز المشاركة السياسية، و”أسرتي قوتي” لدعم أسر الأشخاص ذوي الإعاقة، بجانب تنظيم معارض لتسويق منتجاتهم ودورات تدريبية لتأهيلهم لسوق العمل ودمجهم في الفعاليات الثقافية والرياضية.
كيف ترين تطور حقوق ذوي الإعاقة في مصر منذ إقرار القانون والدستور الحالي؟
شهدت حقوق ذوي الإعاقة تطورًا ملحوظًا منذ إقرار دستور 2014 والقانون رقم 10 لسنة 2018 الذي ترجم المبادئ الدستورية إلى التزامات عملية مثل تخصيص نسب للتوظيف وتوفير التسهيلات في التعليم والمواصلات والإسكان. كما انعكس ذلك في إطلاق برامج مثل “تكافل وكرامة” وإعلان عام 2018 عامًا لذوي الإعاقة، مع استمرار بعض التحديات التنفيذية وتهيئة البنية التحتية.
ما هي الخطوات التي يتخذها المجلس لضمان تنفيذ مواد القانون على أرض الواقع وأن لا تكون مجرد نصوص؟
يقوم المجلس بالتشبيك مع كافة الوزارات والجهات المعنية، ووضع استراتيجية قومية للإعاقة، ورصد الانتهاكات ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة إلى تقديم تقرير سنوي لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والبرلمان يتضمن توصيات لتعزيز وحماية حقوقهم.

كيف تقيمون تجربة الدمج التعليمي لذوي الإعاقة داخل المدارس الحكومية والخاصة؟
شهدت تجربة الدمج تقدمًا ملحوظًا من خلال تطوير غرف المصادر وتدريب آلاف المعلمين وتوفير وسائل تكنولوجية مساعدة ومواءمة المناهج لتلبية احتياجات الطلاب ذوي الإعاقة. ومع ذلك، ما تزال هناك تحديات تتعلق بضعف البنية التحتية وقلة الكوادر المؤهلة.
هل هناك خطة لتأهيل المعلمين وتزويد المدارس بالتقنيات المساندة لتسهيل التعليم لهؤلاء الطلاب؟
تم تدريب أكثر من 110 آلاف معلم وأخصائي وقيادة مدرسية على حزم تدريبية متخصصة ومتنوعة تهدف إلى ضمان حصول جميع الأطفال ذوي الإعاقة على تعليم عالي الجودة يلبي احتياجاتهم وينمي قدراتهم.
هل يحصل الأشخاص ذوو الإعاقة على رعاية متكاملة في جميع المحافظات؟
يحصل الأشخاص ذوو الإعاقة على خدمات صحية وتأهيلية عبر شبكة واسعة من المستشفيات ومراكز التأهيل، مع إصدار نحو 1.3 مليون بطاقة خدمات متكاملة لتيسير حصولهم على الرعاية. ورغم هذا، ما تزال هناك تحديات في بعض المناطق تتعلق بتفاوت مستوى الخدمات وقوائم الانتظار.
إلى أي مدى يلتزم القطاعان العام والخاص بنسبة الـ 5% في توظيف ذوي الإعاقة؟
لا يزال الالتزام غير كامل سواء في القطاع العام أو الخاص، لكن المجلس يتابع التنفيذ بالتنسيق مع وزارة العمل، ويدعم المشروعات الصغيرة وريادة الأعمال بما يتناسب مع سوق العمل.
كيف يستهدف المجلس تغيير الصورة النمطية السلبية عن الأشخاص ذوي الإعاقة في الإعلام والمجتمع؟
ينظم المجلس دورات تدريبية وندوات للإعلاميين والصحفيين لتصحيح المصطلحات وتعزيز مفاهيم الدمج، بجانب مشروعات مثل “اكتشفني” لدمج الأطفال ذوي الإعاقة مع أقرانهم في فعاليات رياضية وفنية وترفيهية.
ما هي أبرز التحديات التي تواجه النساء والفتيات ذوات الإعاقة في مصر؟
تتعرض النساء والفتيات ذوات الإعاقة لتمييز مضاعف على أساس النوع الاجتماعي والإعاقة، ويواجهن صعوبات في التعليم والتدريب وفرص العمل، إضافة إلى مخاطر العنف الأسري والمجتمعي وقلة البرامج الموجهة لدعمهن.
وهل توجد برامج لحماية الأطفال ذوي الإعاقة من العنف أو الإهمال الأسري؟
بالتأكيد، فقد تم إدراج قضايا الأطفال ذوي الإعاقة في الاستراتيجيات الوطنية بالتعاون مع المجلس القومي للطفولة والأمومة ومنظمة اليونيسف، مع تفعيل وحدات حماية الطفل بالمحافظات لرصد التدخلات اللازمة وحماية الأطفال في حالات الخطر.

ما أبرز التحديات التي يواجهها المجلس حاليًا في تنفيذ استراتيجيته؟
غياب قاعدة بيانات دقيقة للأشخاص ذوي الإعاقة، قلة الوعي المجتمعي بحقوقهم، ندرة التمويل، وقلة الكوادر المتخصصة.
ما هي أهم المشروعات المستقبلية لتعزيز حقوق ذوي الإعاقة خلال السنوات القادمة؟
إطلاق الاستراتيجية الوطنية للإعاقة 2025–2030 التي تشمل محاور التمكين الشامل، الحماية الاجتماعية، الثقافة والوعي المجتمعي، الحد من الإعاقة، والإتاحة والتنقل.
كيف يواجه المجلس قضايا التلاعب في حقوق ذوي الإعاقة مثل استيراد سيارات المعاقين؟
قدم المجلس توصيات لمجابهة استغلال حقوق ذوي الإعاقة من قبل غير المستحقين، ويعمل على توعيتهم بحقوقهم وبالعقوبات القانونية لحمايتهم من الاستغلال.
كيف يتعامل مع بعض الانتهاكات التي قد يتعرض لها ذوي الإعاقة؟
يعمل المجلس عبر آلية تلقي الشكاوى بالتنسيق مع مكتب النائب العام، وينفذ زيارات ميدانية لرصد الانتهاكات، مع متابعة قانونية لأي اعتداء أو تمييز.