Skip to content

الأدب الحقيقي يُنصف ذوي الإعاقة .. 3 أعمال أمريكية في الصدارة

الأدب الحقيقي يُنصف ذوي الإعاقة .. 3 أعمال أمريكية في الصدارة

الولايات المتحدة – جسور – فاطمة الزهراء بدوي 

صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية، في سنوات مختلفة، ثلاث روايات، وسير ذاتية مهمة، تناولت الإعاقة من زوايا إنسانية وعاطفية واجتماعية معقدة، وقدمت شخصيات حقيقية وقوية، لا تبحث عن الشفقة ولا البطولات الزائفة، حيث تفرض نفسها على القارئ بمزيج من الإبداع والصدق.

هذه الأعمال تميزت بنجاحها النقدي، وبعضها نفد من المكتبات فور صدوره؛ لجودته الأدبية، ولفتح أبوابًا جديدة لفهم الإعاقة بعيدًا عن الكليشيهات القديمة.

رواية You, Me, and Our Heartstrings للكاتبة الأمريكية ميليسا سي، تقدم قصة رومانسية بين عازفي موسيقى مراهقين: دايزي، فتاة مصابة بالشلل الدماغي، ونوح، عازف تشيلو يعاني من اضطراب القلق. يتشاركان حلم دخول معهد جوليارد، ويجتمعان في عزف ثنائي أثناء الحفل المدرسي.

لكن بعد أن ينتشر فيديو أدائهما، يتحول تركيز الإعلام والجمهور من موهبتهما إلى قصة “الإلهام المزيف”: دايزي تُصوَّر كفتاة “تتجاوز إعاقتها”، ونوح يُلقَّب بـ”القدّيس” الذي أحبها رغم اختلافها. الرواية تنتقد هذه النظرة الرومانسية السطحية وتُصر على أن الحب لا يحتاج إلى تصفيق مشوّه، ولكن إلى مساواة وتفاهم واحترام للحلم المشترك.

الكتاب الثاني، The Country of the Blind: A Memoir at the End of Sight لأندرو ليلاند، هو سيرة ذاتية مكتوبة بحس فني راقٍ ووعي فكري نادر. يحكي المؤلف تجربته مع العمى التدريجي الناتج عن مرض وراثي في الشبكية، لكنه لا يسرد القصة من زاوية الفقد، بل من منظور التحوّل.. يصف انتقاله من مجتمع المبصرين إلى عالم المكفوفين، ويتأمل كيف تتغير مفاهيم الرغبة، الاستقلال، القراءة، وحتى الذكورة حين تتغير الحواس.. ما يميز الكتاب هو قدرته على جعل القارئ يعيد التفكير في معنى الإدراك ذاته.

أما العمل الثالث فهو Being Heumann للناشطة الأمريكية الشهيرة چوديث هيومان، التي تُعد من أبرز رموز حركة حقوق ذوي الإعاقة في العالم. تقدم الرواية سيرة ذاتية نابضة بالحياة، لامرأة خاضت معارك قانونية ومجتمعية من أجل تحقيق العدالة. 

تبدأ حكايتها حين رُفضت من العمل كمعلمة، رغم كفاءتها، فقط لأنها تستخدم كرسياً متحركاً، تقود لاحقاً أطول اعتصام مدني شهدته أمريكا من أجل تمرير المادة 504 التي تضمن حقوق ذوي الإعاقة، لا تكتفي چوديث بسرد المواقف، حيث تربط كل محطة بتاريخ الحركات الحقوقية، وتُظهر كيف يكون النضال الفردي بوابة لتغيير جماعي.

هذه الكتب الثلاثة لا تكتفي بتمثيل الإعاقة في الأدب، ولكنها تعيد تشكيل صورتها، مع طرح نماذج بشرية كاملة ليست بحاجة للشفقة ولا التمجيد، بل للفهم والتفاعل.. كل كتاب منها يضيء زاوية مظلمة في سردية مجتمعية تعودت على تجاهل صوت ذوي الإعاقة أو اختزاله. في هذه الأعمال، نقرأ الحياة كما هي، لا كما تُجمل.

المقالة السابقة
معرض فني يدعم ذوي الإعاقة الفارين من جحيم الحرب بأوكرانيا
المقالة التالية
مؤسسة زايد تنظم زيارة لذوي الإعاقة إلى متحف الاتحاد في دبي