سلّط تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية للكاتبة ريانون لوسي كوسليت، الضوء على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التى أثارت جدلا فى أغلب أنحاء العالم والخاصة بالتوحد، معتبرة أنها مثّلت أسبوعًا محبطًا ومثيرًا للغضب للعديد من المصابين بالتوحّد وأسرهم.
ترامب كان قد ردد مزاعم حول تناول النساء الحوامل لدواء للباراسيتامول، وبأنه قد يكون من أسباب التوحّد، كما دعا إلى تكثيف الأبحاث لإيجاد«علاج»، ما أثار انتقادات واسعة باعتباره تصويرًا للتوحّد كـمأساة أو مرض ينبغي التخلص منه.
ولذا أراد التقرير نفي فكرة مأساوية التوحد لأن المصابين به يمتلكون قدرات وسمات إنسانية إيجابية يمكن أن تشكّل مصدر إلهام، بل ودروسًا لا يستطيع ترامب نفسه أن يتعلمها. ومن أبرز هذه الدروس:
القدرة على التركيز العميق: كثير من المصابين بالتوحّد يتمتعون بقدرة على الانغماس الكامل أو التركيز الشديد في موضوعات محددة، وهو ما ساهم تاريخيًا في تقدم البشرية في مختلف المجالات. ويذكر التقرير طفلًا في السابعة يعرف تفاصيل دقيقة عن الإمبراطورية الرومانية أكثر مما يعرفه بعض القادة السياسيين.
التمسّك بالحقائق والمنطق: كثير من الأطفال المصابين بالتوحّد يرفضون المواربة أو الكذب، ويميلون إلى التدقيق الصارم في المعلومات. ويلفت التقرير إلى أن هذا يتناقض مع سجل ترامب، الذي أطلق، بحسب إحصاءات، أكثر من 30 ألف ادعاء كاذب أو مضلِّل خلال ولايته الأولى.
التعاطف والإحساس بالعدالة الاجتماعية: وخلافًا للصورة النمطية، يتمتع العديد من المصابين بالتوحّد بتعاطف عميق تجاه البشر والحيوانات، لدرجة قد تكون مرهقة نفسيًا. وتورد الكاتبة مثالًا لأطفال مصابين بالتوحّد أظهروا تضامنًا لافتًا مع فلسطين عبر رفع الأعلام وقرع الأواني. كما تشير إلى تجربة الناشطة البيئية جريتا تونبرج التي حركها تعاطفها العميق لتصبح من أبرز وجوه الدفاع عن المناخ.
الذاكرة الاستثنائية: بعض المصابين بالتوحّد يمتلكون قدرة مذهلة على تذكر تفاصيل دقيقة مثل مواعيد القطارات ونصوص الأفلام والتواريخ، أو سلاسل الأرقام.
الفرح: وصفت الصحيفة، فرح المصابين بالتوحّد، بأنه من أنقى أشكال الفرح. مشيرة إلى أن حركات مثل “رفرفة اليدين” للتعبير عن السعادة هي سلوك طبيعي يُظهر الانفعال الجسدي الكامل.
الحب: تختم الكاتبة بالتأكيد على أن الحب يشكل عنصرًا أساسيًا لدى المصابين بالتوحّد، حتى وإن لم يُعبّر عنه دائمًا بالعناق أو الكلمات التقليدية. وتنقل عن تجربة شخصية أن عبارة بسيطة يكررها شقيقها المصاب بالتوحّد تحمل في جوهرها حبًا إنسانيًا أكبر من خطابات الكراهية السياسية.
ويشير التقرير إلى أن هذه الجوانب الإيجابية تكشف عن زوايا مهمّة في فهم التوحّد بعيدًا عن الصورة النمطية التي تربطه بالمرض أو المأساة، مؤكّدًا أن ما يجعل البشر بشرًا في النهاية هو الحب والقدرة على العطاء.