حذرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الحكومة الفرنسية من أن قانون، المساعدة على الموت، قد يعرّض الأشخاص ذوي الإعاقة لمخاطر جسيمة. مشيرة إلى أن المشروع الحالي يحتوي على ثغرات قد تؤدي إلى انتهاك حقهم في الحياة وحمايتهم من التمييز.
وبحسب موقع the Evangelical Focus فإن الجمعية الوطنية الفرنسية قد أقرت النسخة الأولى من القانون في 27 مايو، وقد أرسلت لجنة الأمم المتحدة خطابًا إلى باريس، أفادت فيه بتلقيها معلومات موثوقة تفيد بأن اعتماد القانون قد يخرق التزامات الدولة بحماية وضمان حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة.
وأوضحت اللجنة أن معايير الأهلية المقترحة تبدو مبنية على تصورات تمييزية حول جودة وحياة الأشخاص ذوي الإعاقة، متجاهلة تأثير التمييز وعدم المساواة على معاناتهم.
وأبدت اللجنة قلقها على عدد من النقاط في القانون مثل نقص البدائل المتاحة للأشخاص الراغبين في الدعم النفسي أو الطبي، وتجريم محاولات منع شخص من الموت عبر القتل الرحيم، والتي قد تصل عقوبتها إلى سنتين سجناً وغرامة 30 ألف يورو، إضافة إلى الفترة القصيرة للغاية التي تبلغ يومين فقط بين تقديم طلب المساعدة على الموت والموافقة عليه، مما قد يحد من قدرة الشخص على اتخاذ قرار واعٍ، وأخيرا غياب آليات واضحة لضمان حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الاختيار، والحماية من الإكراه أو التأثير غير المبرر أو استغلال السلطة.
وبناءً على ذلك، فتحت اللجنة تحقيقًا رسميًا مطالبة فرنسا بتقديم مزيد من المعلومات حول هذا القانون.
وردّت الحكومة الفرنسية على لجنة الأمم المتحدة بأن مشروع القانون لم يُعتمد بعد، لأنه في مرحلة القراءة الأولى، وقد تم تعليق مناقشته نتيجة حل البرلمان في يونيو 2024.
وأوضح المجلس الفرنسي أن وجود إعاقة لا يجعل الشخص أكثر أو أقل أهليّة للحصول على المساعدة على الموت. وأن استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة سيكون تمييزًا وانتهاكًا لمبدأ المساواة.
كما أشاروا إلى مشروع قانون آخر في مرحلة القراءة الأولى يهدف إلى ضمان الوصول المتساوي للجميع إلى الرعاية التلطيفية والدعم الطبي، والذي مع مشروع قانون المساعدة على الموت، يهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية.
وأكدت الحكومة أن مصطلح، المساعدة على الموت (Aide à mourir) يستخدم بعناية، متجنبًا كلمات مثل القتل الرحيم أو الانتحار بمساعدة الغير، لضمان الكرامة والاستقلالية وضمانات نموذج الرعاية الفرنسية لنهاية الحياة.
ومع ذلك، لاحظت الأمم المتحدة أن الحكومة لم ترد على مخاوف اللجنة بشأن التصريحات العامة التي توحي بشكل خاطئ بأن المساعدة على الموت تتماشى مع اتفاقية حقوق الإنسان.
توصيات الأمم المتحدة
أصدرت لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عدة توصيات غير ملزمة للحكومة الفرنسية، منها:
• إجراء تقييم شامل بالتشاور مع الأشخاص ذوي الإعاقة، لتحديد المخاطر المحتملة إذا تم اعتماد القانون.
• توفير دعم نفسي مجتمعي متكامل، وخدمات رعاية منزلية وتلطيفية، ومساعدة شخصية، ودعم توظيف للأشخاص ذوي الإعاقة.
• منع التصريحات العامة المضللة بشأن حق الموت، وتنفيذ حملات توعية حول اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
سياق القانون والمبادرة القانونية
يأتي هذا التحرك بعد عريضة أطلقها المركز الأوروبي للقانون والعدالة (ECLJ)، وهي منظمة مسيحية للدفاع القانوني، وسلمت العريضة إلى لجنة الأمم المتحدة في أبريل 2025، بعد أن وقع عليها أكثر من 17 ألف مواطن فرنسي.
بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إعادة فتح النقاش حول حق الموت في 2022، لكن العملية لم تبدأ فعليًا إلا في 2024 مع مشروع القانون الحالي، الذي من المتوقع ألا يُعتمد قبل 2027، وسط مخاوف من المجتمع المدني والمسيحيين الإنجيليين بشأن حماية الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويحذر خبراء الأمم المتحدة من أن القانون الفرنسي الحالي، دون إجراءات حماية واضحة، قد يؤدي إلى استغلال الأشخاص ذوي الإعاقة وزيادة تعرضهم للخطر، ويؤكدون على ضرورة تشاور الحكومة مع الفئات المتأثرة قبل أي خطوات تشريعية، مع تعزيز الخدمات الصحية والدعم المجتمعي لضمان حقوق هذه الفئة بشكل كامل.