Skip to content

البحرين ترفع بدل الإعاقة الشهري وسلطنة عمان تناقش تجربتها بنيويورك

البحرين ترفع بدل الإعاقة الشهري وسلطنة عمان تناقش تجربتها بنيويورك

لا توجد تعليقات

نيويورك – جسور –  فاطمة الزهراء بدوي

اتخذت مملكة البحرين خطوة نوعية في إطار تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة، عبر رفع بدل الإعاقة الشهري من 100 إلى 200 دينار بحريني لفئات محددة من المستحقين، أبرزهم ذوو الإعاقات الشديدة مثل الشلل الدماغي، التوحد، والمتلازمات الوراثية المعقدة.

هذا القرار الذي بدأ تطبيقه مطلع عام 2025، يأتي تتويجًا لجهود استمرت أعوامًا من التقييم والمطالبة المجتمعية، ويعكس توجه الدولة نحو تقديم دعم مباشر وفعال للفئات الأشد احتياجًا، دون الاكتفاء بالشعارات أو المبادرات الموسمية.

الأرقام تتحدث

بحسب وزارة التنمية الاجتماعية، فإن عدد المستفيدين من الزيادة الجديدة تجاوز 15,000 شخص، وهو رقم يعكس حجم الشريحة المجتمعية التي ستتأثر إيجابًا من القرار. البدل الجديد يُصرف شهريًا، ويُضاف إلى حزمة من الامتيازات والخدمات الأخرى مثل الرعاية الصحية، التعليم الدامج، وإعفاءات من بعض الرسوم الحكومية.

الزيادة المالية تُعد مضاعفة كاملة للقيمة السابقة، في وقت تواجه فيه الأسر تحديات معيشية متزايدة. إذ تشير تقديرات غير رسمية إلى أن كلفة رعاية طفل واحد من ذوي الإعاقات الشديدة قد تتجاوز ألف دينار شهريًا، تشمل الجلسات العلاجية، الأدوات المساعدة، النقل، والدعم الأكاديمي.

خلفية تشريعية وتنفيذية

قرار رفع البدل جاء استنادًا إلى مراجعات شاملة لأوضاع ذوي الإعاقة في البحرين، بالتعاون بين الوزارة والمجلس الأعلى للمرأة، وعدد من الجمعيات الأهلية. واستند القرار إلى تقييمات طبية دقيقة ونظام تصنيف للإعاقات يأخذ في الحسبان درجة الإعاقة وتأثيرها على الأداء الوظيفي للفرد.

التنفيذ تم عبر منصة إلكترونية موحدة تُسجل من خلالها الحالات المؤهلة بعد مراجعة تقارير طبية معتمدة. وحرصت الوزارة على تقليل الإجراءات البيروقراطية وتسريع زمن الاستجابة، تيسيرًا على الأسر.

أكثر من دعم مالي

الزيادة في البدل لا تمثل مجرد دعم نقدي إضافي، بل تؤشر على تحول في النظرة العامة لحقوق ذوي الإعاقة. ففي السابق، كانت أغلب السياسات الاجتماعية تُبنى على منطق “الرعاية” لا “التمكين”، أما اليوم فثمة ميل واضح نحو الاعتراف بحقوقهم كمواطنين كاملي الأهلية، يستحقون التمكين الاقتصادي والمعنوي على حد سواء.

كما أن توفير هذا البدل بشكل منتظم يتيح للعائلات تخطيطًا أفضل لنفقات العلاج والتعليم، ويمنح ذوي الإعاقة أنفسهم شعورًا بالاستقلال والكرامة. ذلك أن الدعم الحكومي لم يعد مرهونًا بالمساعدات الطارئة، ولكن أصبح جزءًا من هيكل ضمان اجتماعي أوسع.

استجابة المجتمع المدني

القرار قوبل بترحيب واسع من الجمعيات المعنية بذوي الإعاقة، والتي رأت فيه خطوة إيجابية تعكس استجابة الدولة لمطالب طال انتظارها. كما أشار عدد من أولياء الأمور إلى أن الزيادة ستحدث فارقًا كبيرًا في حياة أطفالهم، خصوصًا في ظل ارتفاع أسعار جلسات التخاطب والعلاج الطبيعي، التي لا تغطيها معظم التأمينات الصحية.

الطريق ما زال طويلًا

رغم أهمية القرار، إلا أن التحديات لا تزال قائمة. فهناك مطالب بتوسيع مظلة الدعم لتشمل فئات إضافية مثل ذوي الإعاقات المتوسطة، وضمان توفير فرص العمل المتكافئة والتأهيل المهني. كما يطالب بعض الأهالي بربط قيمة البدل بتضخم الأسعار، لضمان استدامة الدعم وواقعيته.

أيضًا، لا تزال هناك فجوات في البنية التحتية، كالمواصلات العامة غير المهيأة بشكل كافٍ، والمباني الحكومية التي تفتقر إلى معايير الوصول الشامل. ومن هنا، يصبح رفع البدل خطوة أولى ضمن سلسلة من الإجراءات المطلوبة لإحداث تغيير شامل.

البحرين والإقليم

الخطوة البحرينية تنسجم مع التوجهات الإقليمية والعالمية، لا سيما في ظل توقيع المملكة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. كما أنها تتقاطع مع أجندة التنمية المستدامة 2030، التي تدعو إلى “عدم ترك أحد خلف الركب”.

في دول الخليج الأخرى، تختلف مستويات الدعم، فالإمارات والسعودية مثلًا تقدمان إعانات مالية وتسهيلات مهنية، لكن البحرين استطاعت في هذا الملف أن تسجل سبقًا نوعيًا على مستوى مضاعفة القيمة الشهرية، وربطها بدرجة الإعاقة بشكل موضوعي.

مشاركة سلطنة عمان في مؤتمر الأطراف

من جانبه شارك أمس السبت،  أسامة بن صالح العلوي، وزير التنمية الاجتماعية في سلطنة عُمان، ورئيس الدورة الرابعة والأربعين لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، في الحدث الجانبي رفيع المستوى الذي انعقد ضمن أعمال الدورة الثامنة عشر لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والذي استضافته الأمم المتحدة في نيويورك.

الحدث نظم بالتعاون مع قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، وشهد حضور عدد من الجهات الإقليمية والدولية العاملة في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث ناقش المشاركون سبل تعزيز سياسات التنمية الاجتماعية التي تستهدف دعم وتمكين هذه الفئة في مجالات ريادة الأعمال والتمويل المبتكر.

كلمة العلوي في الأمم المتحدة

ألقى العلوي كلمة افتتاحية أكد فيها أهمية تطوير السياسات الاجتماعية في الدول العربية لتكون أكثر شمولًا وإنصافًا. أشار إلى ضرورة مراعاة احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في برامج ريادة الأعمال، والتأكيد على توفير أدوات تمويلية مرنة تسهم في خلق بيئات اقتصادية حاضنة للابتكار والمبادرة الفردية. تناول الوزير في حديثه تجربة سلطنة عُمان، موضحًا أن الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تمثل إطارًا شاملًا للتنمية يهدف إلى دمجهم في مختلف مجالات الحياة، عبر تعزيز فرص التمكين الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي. وأكد أن الجهود المبذولة على مستوى السلطنة تنسجم مع التوجهات العربية في المرحلة الحالية، وتستند إلى التعاون الفاعل بين الجهات الرسمية والمجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص.

أوضح العلوي أن رئاسة سلطنة عُمان للدورة الحالية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب تشكل فرصة حقيقية لدفع ملف الإعاقة إلى الواجهة ضمن أولويات التنمية العربية، وأن تعزيز السياسات الاجتماعية الخاصة بهذه الفئة يتطلب مشاركة حقيقية من أصحاب المصلحة، وبناء شراكات تنموية مستدامة. تطرق الوزير إلى أهمية إدماج التكنولوجيا والابتكار في سياسات التشغيل والتدريب، مشيرًا إلى أن التحولات العالمية تفرض تبني أدوات جديدة لضمان وصول ذوي الإعاقة إلى فرص متكافئة.

خلال مشاركته، عقد العلوي لقاءً ثنائيًا مع سيما بحوث، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، حيث ناقش الطرفان آفاق التعاون المشترك لتعزيز المبادرات الداعمة للأشخاص ذوي الإعاقة، وخاصة النساء. تضمن اللقاء استعراض مبادرات تعزز من العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص، بما في ذلك التمكين الاقتصادي والدعم المؤسسي للفئات المهمشة. وأشاد الجانبان بالتقدم المحرز في المنطقة العربية في مجالات التشريع والدعم المؤسسي، مؤكدين أهمية تنسيق الجهود على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

لقاءات واجتماعات على هامش المؤتمر

كما التقى العلوي الدكتور آدم كوسا، وزير الدولة لسياسات الإعاقة في وزارة الداخلية بالمجر. تناول اللقاء تبادل الخبرات والتجارب المتعلقة بإعداد السياسات الموجهة لدعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وسبل التعاون بين البلدين في مجالات التدريب الفني، وتطوير برامج الدمج المجتمعي. عبر الجانبان عن رغبتهما في بناء نموذج شراكة مبنية على التبادل المستمر للمعرفة والتجارب الناجحة، بما يسهم في رفع مستوى جودة الخدمات الموجهة لهذه الفئة.

الحدث الجانبي شهد مشاركات متعددة من ممثلي الدول والمنظمات، حيث ركزت المداخلات على أهمية اعتماد سياسات إنمائية دامجة، وتطوير أدوات تمويل مبتكرة تدعم مبادرات ذوي الإعاقة في تأسيس مشروعاتهم الخاصة، إلى جانب دعم المهارات الرقمية والمهنية المطلوبة في سوق العمل المتغير. وأكد المشاركون أن بناء مجتمع شامل يتطلب استثمارًا مستمرًا في القدرات، وتوفير مساحات حرة للإبداع والمشاركة النشطة في الحياة العامة.

العلوي اختتم مشاركته بالتأكيد على التزام سلطنة عمان بتنفيذ برامج حقيقية تترجم المبادئ الدولية إلى سياسات وطنية قابلة للتطبيق. أشار إلى جهود السلطنة في تطوير البنية التحتية، وتحديث التشريعات، وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات، بما يشمل التعليم والتوظيف والرعاية الاجتماعية. مؤكدًا أهمية التكامل بين الأطر الوطنية والإقليمية والدولية، من خلال إطلاق مبادرات جماعية تعزز العدالة والمساواة والاستدامة.

الوزير دعا في ختام اللقاء إلى تعزيز الشراكات الدولية، وتنسيق الجهود نحو بناء إطار تمويلي عربي مشترك يسهم في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم من المساهمة الفاعلة في تنمية مجتمعاتهم، مشيرًا إلى أن التنمية الاجتماعية الناجحة تبدأ من الاعتراف الكامل بالحقوق، وتنتهي بفتح أبواب الحياة أمام الجميع دون استثناء.

المقالة السابقة
ندى ثابت: إعاقة ابنى سبب تأسيس”قرية الأمل” وترشيحي لـ”نوبل” شرف
المقالة التالية
الإمارات تُطلق مجلتين متخصصتين في التأهيل والإعاقة والصحة النفسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed