الهند – جسور – فاطمة الزهراء بدوي
أكدت الهند تصدرها لمشهد الابتكارات التكنولوجية الدامجة، حيث لعب براتيك مادهف، المؤسس المشارك، والرئيس التنفيذي لمؤسسة “أسستك” AssisTech الهندية (ATF)، دورًا محوريًا في إطلاق تقرير “تكنولوجيا الإعاقة العالمية” الصادر عن الجمعية الملكية البريطانية في لندن، وذلك ضمن لجنة توجيهية ضمت أبرز رواد التكنولوجيا والعلوم عالميًا، من بينهم الإحصائي الشهير في جامعة أكسفورد السير برنارد سيلفرمان، وأحد مؤسسي الإنترنت الدكتور فينت سيرف.
جاء تقرير الجمعية الملكية بوصفه وثيقة استراتيجية تستشرف مستقبلًا أكثر عدلًا وإدماجًا للأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم، ويُعد هذا الظهور القوي للهند في منصة دولية رفيعة رسالة واضحة تعكس تقدمها في مجال الابتكار التكنولوجي الداعم لحقوق أصحاب الإعاقة.
تحدث براتيك مادهف خلال حفل الإطلاق من داخل القاعة التاريخية للجمعية الملكية، مطالبًا باتخاذ إجراءات عاجلة وشاملة من قبل الجهات الحكومية ومراكز الأبحاث والمجتمع المدني في الهند، لمواكبة الثورة التكنولوجية بطريقة تضمن العدالة الرقمية. وقال: “الهند تضم أكثر من 90 مليون شخص من ذوي الإعاقة، والتنوع الجغرافي واللغوي الكبير في البلاد يحتم علينا أن نبتكر حلولًا من سياقنا المحلي”.
وأكد على ضرورة جمع بيانات دقيقة ومحدثة عن الأشخاص ذوي الإعاقة، لضمان أن تكون الحلول مبنية على واقع فعلي، وليست استجابات نظرية بعيدة عن حاجات المستخدمين الحقيقيين. مشيرًا إلى أن الفجوة الرقمية التي يعاني منها أصحاب الإعاقة ليست فقط أزمة تكنولوجيا، ولكنها انعكاس مباشر لتصميم غير عادل، وسياسات غير دامجة، وتخيلات محدودة.
أشار مادهف إلى النمو المتسارع الذي يشهده مجال تكنولوجيا الإعاقة في الهند. فعندما بدأت مؤسسة “أسستك”، لم يكن هناك سوى 15 شركة ناشئة تعمل في هذا المجال، بينما اليوم تجاوز العدد 500 شركة، بعضها وصل للعالمية. وأضاف: “نشهد الآن ما يُعرف بالابتكار العكسي، حيث تُنتج حلول في الهند وتُعتمد لاحقًا في دول الغرب”.
يدعو التقرير إلى الاعتراف بالهواتف الذكية باعتبارها أدوات مساعدة رقمية، ويوصي بضرورة تصميم واجهات استخدام ميسرة، وتدريب المستخدمين، والحفاظ على بدائل تناظرية لتلبية احتياجات شرائح متعددة. كما شدد على أهمية أن تكون جميع مراحل تطوير التكنولوجيا بمشاركة فعلية من المستخدمين.
كما نوّه مادهف إلى أهمية تقنيات الأوامر الصوتية، معتبرًا إياها وسيلة تمكينية شاملة تخدم شرائح واسعة، ومؤكدًا على أن تصميم التكنولوجيا يجب أن ينطلق من قاعدة جماهيرية وليس من فئة محدودة.
من جانبه، أشار السير برنارد سيلفرمان إلى أن التقرير يُعد امتدادًا لرؤية الراحل ستيفن هوكينغ، الذي لطالما نادى بدور التكنولوجيا في فتح أبواب الإمكانات أمام الأشخاص ذوي الإعاقة.
تقرير الجمعية الملكية لا يكتفي بوصف التحديات، حيث يقدم خارطة طريق طموحة تستند إلى البيانات، والتصميم الشامل، والتكنولوجيا الناشئة، من أجل تمكين الأفراد، لا سيما في دول الجنوب العالمي. ويعيد التقرير الاعتبار للهند كقوة صاعدة قادرة على تقديم حلول جذرية تتجاوز حدودها.
ويعد الحضور الهندي البارز في هذا المحفل العلمي اعترافًا بجهود مادهف ومؤسسته، واعتراف عالمي بقدرة الجنوب العالمي على المساهمة في صياغة مستقبل أكثر إنصافًا في المجال الرقمي.