.png)
الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر يولي اهتماما كبيرا ببناء منظومة دعم شاملة لذوي الإعاقات، من أجل تحويل معيار IMEI التقني( منظومة رقم التعريف الدولي) إلى درع لحماية المستهلكين -خصوصا ذوي الإعاقة – وتقديم خدمات مالية ورقمية ميسرة.
كما أن الهاتف المحمول أداة للرفاهية، فإنه أيضا شريانا أساسيا للحياة وفقا لمتغيرات العصر، خصوصا بالنسبة لذوي الإعاقات، فهو يمثل نافذتهم للتواصل وأداتهم لتحقيق الاستقلالية وبوابتهم للوصول إلى الخدمات الحيوية والمشاركة المجتمعية.
إدراكا لهذه الأهمية البالغة تبنى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر (NTRA) موقفا استباقيا يتجاوز مجرد توفير النفاذية الرقمية، إذ صاغ الجهاز استراتيجية متعددة الأوجه لا تقتصر على تسهيل الوصول، بل تهدف إلى بناء منظومة رقمية آمنة وممكنة، تضع احتياجات المستخدمين الأكثر عرضة للمخاطر في صميم أولوياتها.
رقم التعريف الدولي كيف يساعد ذوي الإعاقة؟
ونشر الجهاز على صفحته في فيسبوك، الثلاثاء، «فيديو بأهم المعلومات المتعلقة بمنظومة رقم التعريف الدولي للأجهزة المتنقلة (IMEI)، وأبرز النقاط التي تساعد ذوي الإعاقة على التعرف على كيفية الاستفادة من هذه المنظومة لضمان استخدام أجهزة أصلية وآمنة».
وهنا نسلط الضوء على كيفية تحويل معيار تقني عالمي وهو رقم التعريف الدولي للأجهزة المتنقلة (IMEI) من مجرد رمز تسلسلي إلى أداة فعالة لحماية المستهلك وتمكين ذوي الإعاقات.
فمن خلال الجمع بين التنظيم التقني الصارم، ومجموعة متكاملة من خدمات الدعم الموجهة، والتطبيقات الرقمية سهلة الاستخدام، يرسي الجهاز نموذجا رائدا في الدمج الرقمي الآمن.
ر
رقم التعريف الدولي مكون من 15 رقم؟
يعد رقم IMEI رمزا فريدا مكونا من 15 رقما يتم تخصيصه لكل جهاز يستخدم شبكات الاتصالات الخلوية، إنه بمثابة الحمض النووي لكل جهاز وهوية فريدة تميزه عن مليارات الأجهزة الأخرى حول العالم.
ومن المهم التأكيد على أن رقم IMEI مرتبط بالجهاز نفسه، وليس ببطاقة SIM، مما يعني أنه حتى عند تغيير الشريحة، يظل الرقم الخاص بالجهاز ثابتا، وتكمن الوظيفة الأمنية الأساسية لمنظومة IMEI في تمكين مشغلي الشبكات من تحديد وحظر أي جهاز يتم الإبلاغ عن فقدانه أو سرقته، مما يجعله عديم الفائدة للسارق بمجرد إدراجه في «القائمة السوداء».
كيف يحمي رقم التعريف الدولي IMEI خصوصية ذوي الإعاقة؟
تحمل هذه الميزة أهمية خاصة لذوي الإعاقات، حيث إن الشخص الذي يعتمد على هاتفه للتنقل أو للتواصل عبر الفيديو بلغة الإشارة أو للوصول إلى خدمات الطوارئ لا يفقد مجرد جهاز عند سرقة هاتفه، بل يفقد أداة مساعدة حيوية، وقد يحتوي الجهاز أيضا على معلومات شخصية وصحية حساسة.
والقدرة على تعطيل الهاتف عن بعد عبر حظر رقم IMEI لا تمنع فقط الاستفادة المادية من الجهاز المسروق، بل تحمي خصوصية وبيانات المستخدم، وتوفر له طبقة حماية رقمية لا غنى عنها.
رقم التعريف الدولي يمنعك من شراء الأجهزة المقلدة
كما تستخدم منظومة IMEI للتحقق من أصالة الجهاز، مما يحمي المستهلكين من الوقوع ضحية للهواتف المقلدة أو المغشوشة التي قد تفشل في دعم ميزات النفاذية الأساسية في أشد الأوقات حرجا، والتحقق من IMEI يضمن أن الجهاز أصلي وقادر على تلقي التحديثات الأمنية التي تحميه من التهديدات، ويرتبط تسجيل IMEI بالموافقة التنظيمية من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، مما يضمن أن الجهاز يلبي المعايير الصحية والبيئية المعتمدة.
تضمنت المبادرات آليات لخفض تكلفة خدمات الاتصالات بشكل مباشر، تشمل خصم 50% على باقات المحمول الشهرية لخدمات الصوت والإنترنت لجميع المستخدمين من ذوي الإعاقة
منظومة الدعم المتكاملة لذوي إعاقة
أطلق الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات حزمة من المبادرات النوعية التي تتجاوز مجرد توفير الخدمات لتصل إلى بناء منظومة دعم متكاملة، حيث يرى الجهاز أن التكنولوجيا هي أداة تمكين أساسية، وأن توفير نفاذية سهلة وآمنة لخدمات الاتصالات والإنترنت لهذه الفئة هو حق أصيل يعزز من استقلاليتهم ومشاركتهم الكاملة في المجتمع.
وتضمنت المبادرات آليات لخفض تكلفة خدمات الاتصالات بشكل مباشر، تشمل خصم 50% على باقات المحمول الشهرية لخدمات الصوت والإنترنت لجميع المستخدمين من ذوي الإعاقة، حيث يساهم هذا الخصم الكبير في جعل خدمات الاتصالات الأساسية في متناول الجميع، إضافة إلى إقرار تخفيض على رسوم المحافظ الإلكترونية للمحمول بنسبة 50% عند سداد فواتير المرافق العامة بالتعاون مع البنك المركزي.
إلى جانب الدعم المالي، ركز الجهاز بشكل خاص على إزالة عوائق التواصل التي تواجه المستخدمين من ذوي الإعاقات السمعية والبصرية، ففي خطوة مهمة أطلق الجهاز خدمة الشكاوى بلغة الإشارة عبر مكالمات الفيديو باستخدام لغة الإشارة، مما يضمن للمستخدمين قناة تواصل فعالة ومباشرة لحل مشكلاتهم.
كما أطلق الجهاز حملات توعوية متكاملة تستخدم مقاطع فيديو بلغة الإشارة لشرح حقوق المستخدمين، وكيفية الاستفادة من الخدمات المتاحة، والتعريف بأدوات الحماية مثل منظومة IMEI، مما يضمن وصول المعلومات الحيوية إلى هذه الشريحة من المجتمع بلغتهم الأم.
مترجمو لغة إشارة في فروع شركات المحمول
وامتدت جهود الجهاز لتشمل البيئة التي يتم فيها تقديم الخدمات، حيث ألزم الجهاز شركات المحمول بتطبيق «الكود الهندسي المصري» في أفرعها ومنافذ البيع لضمان سهولة الوصول والحركة، بما في ذلك توفير المنحدرات والمساحات المناسبة، كما ألزم الشركات بتخصيص عدد من الفروع لتوفير مترجمي لغة إشارة، إضافة إلى منح الأولوية المطلقة في الحصول على الخدمة لذوي الإعاقة فور وصولهم إلى الفرع، دون الحاجة للانتظار.
عقود بلغة برايل
ولضمان الشفافية الكاملة والموافقة المستنيرة، اتخذ الجهاز خطوة هامة بإلزام شركات الاتصالات بتوفير نسخ من عقود الاشتراك في الخدمات مطبوعة بطريقة «برايل»، مما يمكن المستخدمين من ذوي الإعاقة البصرية من قراءة وفهم جميع الشروط والأحكام بشكل كامل ومستقل قبل التوقيع.
طالع: مصر.. «القومي للإعاقة» و«الاتصالات» يوقعان بروتوكول لتعزيز الخدمات الرقمية
أدواتك لحياة رقمية آمنة
لترجمة السياسات التنظيمية إلى أدوات عملية في يد المواطن، أطلق الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات تطبيقين رئيسيين هما «تليفوني» و «My NTRA»، كواجهة رقمية تمكن المستخدمين من حماية أنفسهم وإدارة خدماتهم بسهولة وفعالية.
ويعتبر تطبيقا «تليفوني» و «My NTRA» الذراع التنفيذي الرقمي للجهاز، حيث يقدمان خدمات تفاعلية مصممة لتمكين المستهلكين وتقليل اعتمادهم على القنوات التقليدية مثل مراكز الاتصال أو زيارة الفروع.
تتمثل الوظيفة الأساسية لتطبيق «تليفوني» في تمكين أي مستخدم من التحقق من رقم IMEI الخاص بأي هاتف محمول قبل إتمام عملية الشراء، ويتيح هذا التحقق التأكد من أن الجهاز مسجل رسميا في قواعد بيانات الجهاز، ومتوافق مع اللوائح المصرية، وغير مطلوب عليه أي رسوم جمركية أو ضرائب غير مسددة.
ويمثل هذا التطبيق نقلة نوعية في ميزان القوى بين البائع والمشتري، فهو يمنح المستهلك أداة تحقق فورية وموثوقة، مما يمنعه من الوقوع ضحية لعمليات الاحتيال أو شراء جهاز قد يتم إيقافه عن العمل لاحقا، ويوفر طبقة إضافية من الحماية ضد المعلومات المضللة أو الضغوط البيعية لذوي الإعاقة.
أما تطبيق «My NTRA» فقد تم تصميمه ليكون منصة شاملة لإدارة الخدمات، مما يقلل حاجة المستخدمين لزيارة الفروع لإجراء معاملات بسيطة ويوفر لهم تحكما أكبر في خدماتهم.
ويقدم التطبيق ميزات رئيسية تدعم مفهوم الحياة المستقلة، مثل خدمة «أرقامي» التي تتيح للمستخدمين معرفة جميع أرقام الهواتف المحمولة المسجلة بأرقامهم القومية لدى جميع الشركات، مما يساعد في الكشف عن أي خطوط قد تكون قد تم تسجيلها باسمهم دون علمهم، إضافة الى إمكانية إدارة المحافظ الإلكترونية، وتقديم الشكاوى مباشرة إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والاطلاع على خرائط جودة الخدمة التي توضح جودة تغطية الشبكات في مناطقهم.
بالنسبة للأفراد الذين يواجهون صعوبات في التنقل، فإن القدرة على إدارة خدمات الاتصالات والخدمات المالية الأساسية عن بعد ليست مجرد راحة، بل هي عامل تمكين حاسم يعزز من استقلاليتهم وسيطرتهم على شؤونهم الخاصة.
منظومة IME أداة فعالة للدمج الاجتماعي
ويتضح أن منظومة IME عندما يتم تفعيلها من خلال إطار تنظيمي قوي وموجه لخدمة المجتمع مثل الذي يطبقه الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر، تتحول من مجرد معرف تقني إلى أداة فعالة لحماية المستهلك والدمج الاجتماعي.
والدمج الرقمي الحقيقي لا يقتصر على توفير الوصول إلى التكنولوجيا، بل يكمن في ضمان أن يكون هذا الوصول آمنا، وموثوقا، وميسور التكلفة، وهو ما تؤكده المبادرات التي تضمن الخصومات المالية والنفاذية عبر لغة الإشارة وطريقة برايل.
وتمثل المبادرات المذكورة علامة فارقة ومهمة في مسيرة مصر نحو بناء مجتمع رقمي شامل، ومع ذلك يجدر أن تظل هذه الجهود نقطة انطلاق وليست نهاية المطاف، فالطريق نحو الشمول الكامل يتطلب ابتكارا مستمرا، وتعاونا وثيقا بين جميع الأطراف المعنية، وتأكيدا على ضرورة تعزيز نفاذية التطبيقات بالتعاون مع مستخدمين من مختلف فئات الإعاقة، لضمان توافقهما الكامل مع معايير النفاذية العالمية ووضع احتياجات جميع المستخدمين، وخاصة الفئات الأكثر ضعفا، في طليعة تصميم السياسات والتقنيات المستقبلية.
