أطلقت كلية التمريض بجامعة ييل بالولايات المتحدة الأمريكية مبادرة غير مسبوقة تهدف إلى تعليم طلابها كيفية تقديم رعاية صحية متخصصة للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية، وذلك بدعم مالي ضخم يبلغ 7.7 مليون دولار. وتُعد هذه الخطوة من أبرز التحولات في تاريخ الكلية نظرًا لكونها أول برنامج من نوعه يُدمج هذا النوع من الرعاية بشكل كامل في المناهج الدراسية.
وتعود جذور هذه المبادرة إلى لحظة فارقة لاحظت فيها البروفسورة كريستين رودريجيز الأستاذة المساعدة للتطبيقات السريرية ونائبة عميد كلية التمريض، نقصًا حادًا في نماذج التدريب المحاكية للواقع. فبينما تتوفر الدمى الطبية بألوان بشرة متنوعة نادرًا ما نجد دمى تمثل ملامح جسدية لأشخاص من ذوي الإعاقة.
لكن الوضع تغيّر مع”جوين” دمية طبية فائقة الواقعية صُنعت من مسح ثلاثي الأبعاد لطفلة عمرها سبع سنوات من متلازمة داون. هذه الدمية لا تُجسد فقط السمات الشكلية بل تتيح أيضًا تدريبًا عمليا على الإجراءات الطبية المعقدة مثل إدخال أنابيب التنفس للأطفال من ذوي الإعاقة.
أكثر من مجرد دمية
ما بدأ كأداة تعليمية تطورت فكرته سريعًا إلى مبادرة تعليمية شاملة بدعم من المانحين الذين يدعمون برامج الإعاقة في مؤسسات تعليمية مختلفة.
بموجب المبادرة الجديدة ستطلق كلية التمريض تخصصًا جديدًا على مستوى الماجستير في رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة. يتضمن مقررين دراسيين متخصصين إلى جانب دمج محتوى ذي صلة بالإعاقات الذهنية والنمائية في جميع التخصصات الأخرى.
تقول رودريجيز “غالبًا ما يغيب محتوى الرعاية الخاصة بذوي الإعاقات الذهنية والنمائية عن مناهجنا. هذه الفجوة تترجم مباشرة إلى ضعف في الخدمات الصحية المقدمة لهذه الفئة”. وتضيف “الأمر شخصي بالنسبة لي. فأنا كأم أعرف تمامًا تلك الأسئلة القاسية التي يطرحها الأهل: كيف نضمن سلامة طفلنا في عالم لا يفهمه دائمًا؟”
المبادرة الجديدة ستعتمد أيضًا على التعليم بالمحاكاة ما يسمح للطلبة بالتدرب على حالات طبية دون تعريض المرضى للخطر. كما سيتم إنشاء شراكات سريرية مع أطباء وممرضين متخصصين في مجال الإعاقة، إلى جانب منظمات مجتمعية مثل الأولمبياد الخاص.
تُشدد رودريجيز على أن جوهر المبادرة يكمن في تبني نهج “الرعاية المرتكزة على الشخص” قائلة “دوري كممرضة ليس أن أفرض، بل أن أرافق وأدعم وأمنح المعرفة ليقرر الشخص ما هو الأفضل له”، ولن يقتصر البرنامج على الجانب الأكاديمي بل يشمل أيضًا سلسلة محاضرات وندوات وفرصًا للمشاركة في مؤتمرات دولية وتطوير دورة تدريبية رقمية للمهنيين الصحيين خارج مجتمع ييل.
من جهتها أعربت عميدة الكلية الدكتورة أزيتا إمامي عن فخرها بهذه الخطوة، مؤكدة”بفضل شراكاتنا مع المجتمع والخبراء سنكون في طليعة تطوير أفضل أساليب تعليم التمريض المتخصص بذوي الإعاقة. هذه المبادرة تضع ييل في موقع الريادة الوطنية”.