وصل الطفل الفلسطيني محمد سلوت إلي إيطاليا. لبدء رحلة العلاج. بعد أن تدهورت حالته الصحية بشكل خطير خلال الأسابيع الماضية. إثر إصابته بفيروس كورونا.
والآن يرقد محمد في غرفة معزولة. داخل المستشفى ، بينما يحاول الأطباء التعامل مع التقرحات الحادة. بسبب الشظايا المستقرة في عموده الفقري.
الطفل الفلسطيني محمد سلوت يصل إيطاليا لبدء رحلة العلاج
تقول والدة الطفل محمد السلوت لـ«جسور»: «محمد تعبان جدًا، التقرحات أكلت ظهره، والعظم ظاهر. الدكتور قال لي إن حالته حساسة وخطرة، ولازم عناية شديدة. وهو محجوز في غرفة معزولة لأنه مصاب بكورونا، وما بقدر أشوفه غير من بعيد. كل ما بشوفه هيك قلبي بينكسر».
وتضيف الأم: «من يوم ما وصلنا إيطاليا والأطباء بيحاولوا يسيطروا على التقرحات أولًا، لأنها بتشكل خطر أكبر من أي شيء تاني. جسمه ضعيف كتير من الألم ومن القعدة الطويلة، والالتهابات شديدة. بحس إنه عم يجاهد بكل قواه، وهو طفل صغير ما لازم يعيش كل الوجع ده».

وتكمل الأم حديثها: «إحنا ناشدنا كتير عشان يسافر، حسينا إن الوقت عم يخلص. ولما جت الموافقة وحملناه للمطار كنت بدعي بكل ثانية إنه يوصل قبل ما يحصل له شيء. والحمد لله وصل، بس حالته صعبة جدًا ولسه طريق العلاج طويل».
وتختم الأم كلماتها بدعاء من قلب موجوع: «بدعي ربنا يشفيه، نفسي أشوفه واقف على رجليه تاني، يجري ويلعب، يرجع الطفل اللي كان يملأ البيت كله شقاوة وضحك».
سباق مع الوقت لإنقاذ محمد السلوت وتفاصيل الإصابة
إصابة محمد كانت نقطة تحوّل قاسية مزّقت طفولته. وبدّلت ملامح حياته إلى الأبد. كان محمد، ذو الأحد عشر عامًا، يلهو أمام منزله كعادته كل صباح، يركض خلف كرة صغيرة. ويملأ المكان ضحكًا وحركة، قبل أن يهتزّ الحي على صوت انفجار ضخم استهدف سيارة في قطاع غزة. في ثوانٍ معدودة، تحولت الضحكة إلى صرخة، والشارع الذي يعرف خطواته الصغيرة إلى ساحة دم وحطام.
شظية حادة اخترقت ظهره أولًا، استقرت في عموده الفقري، ثم انطلقت داخل جسده لتحدث سلسلة من الإصابات المعقدة. مزّقت الشظية أجزاء من كبده، وسببت تهتكًا في إحدى كليتيه، وأصابت الاثني عشر والمثانة إصابات بالغة. وبينما كان جسده الصغير يننزف من الداخل، كان الحبل الشوكي يتعرض لقطع جزئي، حوّله خلال لحظات إلى طفل عاجز عن تحريك نصف جسده.

نُقل الطفل الفلسطيني محمد السلوت إلى المستشفى وهو بين الحياة والموت، لكنه ظل يقاوم الألم، بينما كانت الشظايا التي لم يستطع الأطباء استخراجها تستقر في عموده الفقري، مهددة بتدهور مفاجئ في أي لحظة. ومع استمرار الرقود الطويل على السرير، بدأت التقرحات العميقة في الظهور، تتحول يومًا بعد يوم إلى جروح مفتوحة تلتهم جسده بلا رحمة، حتى وصلت وفق تقديرات الأطباء إلى مرحلة تآكل العظم نفسه.
تدهور الأوضاع الصحية داخل غزة
معاناة الطفل محمد السلوت وغيره من الآلاف لم تقف هنا، فمع كل محاولة للتأهيل أو العلاج داخل غزة، كانت الأوضاع الصحية المتدهورة ونقص الإمكانيات يعيدان محمد إلى نقطة الصفر. والدته كانت تراقبه وهو يتراجع يومًا بعد يوم، وتخشى أن ينهار جسده الصغير قبل أن يحصل على فرصة إنقاذ حقيقية. ولهذا بدأت المناشدات، صرخة أمّ لا تريد سوى أن ترى طفلها يعيش، أن يتحرك أو حتى يبتسم دون ألم.
محمد لم يكن مجرد رقم جديد في قائمة الجرحى، بل قصة طفل انتُزع من قلب اللعب إلى غرفة رعاية عاجلة، ومن عالم الطفولة إلى صراع مع الموت. وكل يوم يمر كان يضيف طبقة جديدة من الألم، ويزيد الحاجة الملحّة للسفر والعلاج قبل أن تخطفه جراحه.


.png)


















































