العنف ضد المرأة هو العنوان الأبرز عالميا في 25 نوفمبر من كل عام. لأنه اليوم الذي تحتفل فيه الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء. لكن النساء ذوات الإعاقة يواجهن واقعا أكثر قسوة وتعقيدا.
يسلط هذا التقرير الضوء على آليات الحماية الضرورية لهذه الفئة المستضعفة. وفقا لتقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان، تتعرض هؤلاء النساء للعنف بنسب أعلى. في الوقت الذي يطغى فيه الصمت والتهميش، فإن العنف ضد المرأة في هذه الحالة يتغذى على هذا التجاهل.
العنف ضد المرأة وجذور الأزمة العميقة
تواجه النساء ذوات الإعاقة تمييزا مركبا يضاعف من احتمالية تعرضهن للأذى. حسب هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تعاني هؤلاء النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي. يضاف إلى ذلك التمييز القائم على أساس الإعاقة نفسها. حسب موقع منظمة الأمم المتحدة على الإنترنت.
يرتبط العنف غالبا باختلال موازين القوة بشكل فادح بين الضحية والمعتدي. حيث يستغل الجناة اعتماد المرأة على المساعدة في تلبية احتياجاتها اليومية. بسبب ذلك، تتحول العلاقة بين مقدم الرعاية والمتلقية إلى أداة للسيطرة.
لذا، يجب فهم ديناميات السلطة هذه لوضع خطط حماية فعالة. العنف ضد المرأة هنا ليس مجرد اعتداء، بل هو كسر لإرادة الإنسان.

أشكال العنف ضد المرأة وما وراء الإيذاء الجسدي
لا يقتصر الإيذاء على الضرب أو الاعتداء الجسدي المباشر كما يظن البعض. بل يشمل أشكالا فريدة ووحشية مثل الحرمان من الأدوية الضرورية. كما يعد سحب الأجهزة المساعدة كالكرسي المتحرك شكلا قاسيا من أشكال العنف.
لذلك، يجب توسيع تعريف العنف ضد المرأة ليشمل هذه الانتهاكات المحددة. علاوة على ذلك، تتعرض النساء ذوات الإعاقة للعنف الاقتصادي بشكل منهجي. حيث يتم الاستيلاء على مخصصاتهن المالية أو منعهن من العمل والإنتاج.
إن هذا النوع من العنف يهدف إلى تكريس التبعية والسيطرة المطلقة. كما يشمل العنف النفسي التقليل من شأنهن والسخرية من إعاقتهن باستمرار.
جدار الصمت العازل
يعتبر الاعتماد الكلي على مقدم الرعاية هو العائق الأكبر أمام الإبلاغ. حيث تخشى الضحية من فقدان المساعدة اليومية الحيوية إذا قامت بالشكوى. إضافة إلى ذلك، تفتقر مراكز الشرطة غالبا إلى وسائل التواصل المناسبة.
نتيجة لذلك، تظل جرائم العنف ضد المرأة ذات الإعاقة طي الكتمان لسنوات. من ناحية أخرى، قد لا تدرك بعض النساء ذوات الإعاقة الذهنية طبيعة الانتهاك. بسبب نقص التوعية، يستغل المعتدون هذا الجهل للاستمرار في جرائمهم.
لذا، فإن كسر حاجز الصمت يتطلب أدوات تواصل بديلة وآمنة وسرية. فهذا العنف يزدهر دائما في الظلام وغياب الرقابة.
الإعاقة الذهنية الفئة الأكثر تضررا
تشير الدراسات الحقوقية إلى أن النساء ذوات الإعاقة الذهنية هن الأكثر عرضة للاعتداء. وفقا لمنظمة الصحة العالمية، غالبا ما يتم التشكيك في مصداقيتهن عند الإبلاغ. إن هذا التشكيك يمثل عنفا مؤسسيا إضافيا يقع على الضحية بعد الاعتداء.
يجب توفير محققين مدربين خصيصا للتعامل مع هذه الحالات الحساسة. كما يجب استخدام وسائل مساعدة لشرح ما حدث دون ممارسة ضغط نفسي. إن حماية هذه الفئة تتطلب تشريعات صارمة لا تتهاون مع استغلال الضعف الإدراكي. العنف ضد المرأة في هذه الحالات يعد جريمة مضاعفة البشاعة وتستوجب عقابا رادعا.
الإطار القانوني من الاتفاقيات إلى التطبيق
يوفر القانون الدولي إطارا قويا للحماية عبر اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. تحديدا، تلزم المادة 16 الدول بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة من الاستغلال والعنف. مع ذلك، تكمن الفجوة الكبرى في التطبيق المحلي لهذه التشريعات الدولية. وفق «اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة».
العنف ضد المرأة يتطلب تفعيل القوانين الوطنية لمحاسبة الجناة بصرامة وناجزية. يجب أن تتضمن القوانين المحلية نصوصا تجرم حجب الرعاية أو الأجهزة المساعدة. كما يجب تغليظ العقوبة عندما تكون الضحية من ذوي الإعاقة لضعف حيلتها.
بالإضافة إلى ذلك، يجب ضمان وصول النساء إلى العدالة والمساعدة القانونية المجانية. إن القانون هو الدرع الأول والأساسي ضد هذا النوع من العنف الذي تتعرض له المرأة.

استراتيجيات الوقاية من العنف ضد المرأة
يعد التمكين الاقتصادي والتعليمي خط الدفاع الأول والعملي ضد الاستغلال. عندما تكون المرأة مستقلة ماديا، تقل احتمالية بقائها في علاقة مسيئة أو اعتمادية. لذا، يجب دمج النساء ذوات الإعاقة في برامج التدريب المهني وسوق العمل.
إن مكافحة العنف ضد المرأة تبدأ بمنحها القوة والقدرة لتقول «لا». تعزيز الاستقلالية المالية يقلل من سلطة المعتدي ويمنح الضحية خيارات بديلة. كما أن التعليم يرفع من وعي المرأة بحقوقها وحدود جسدها وكرامتها.
لذلك، يجب أن تكون المدارس والجامعات بيئات آمنة وشاملة للجميع. فالعنف ضد حواء يتراجع حتما أمام المرأة المتعلمة والمستقلة والقادرة.
دور المجتمع المدني بين الملاجئ والدعم
تلعب منظمات المجتمع المدني دورا حيويا في سد فجوة الخدمات الحكومية. حيث توفر الملاجئ الآمنة والدعم النفسي المتخصص للناجيات من العنف. يجب أن تكون هذه الملاجئ مجهزة هندسيا لاستقبال ذوات الإعاقة الحركية والحسية.
طالع: العنف الجنسي ضد ذوي الإعاقة.. أرقام صادمة والفتيات في المقدمة
بالمثل، يجب تدريب الطواقم العاملة على التعامل مع صدمات العنف ضد المرأة. وفقا لتقارير منظمة هيومن رايتس ووتش، تفتقر العديد من ملاجئ النساء إلى معايير الإتاحة. هذا يعني أن المرأة المعاقة قد تجد نفسها بلا مأوى عند الهرب من العنف.
لذا، يعد تجهيز الملاجئ وتأهيلها أولوية قصوى في استراتيجيات الحماية الوطنية.
المعلومات الميسرة والمعرفة قوة
لا يمكن للمرأة أن تدافع عن حق لا تعرف بوجوده من الأساس. لذلك، يجب توفير المعلومات حول العنف والحقوق بصيغ ميسرة ومتاحة للجميع. يشمل ذلك استخدام طريقة برايل للنساء الكفيفات والخطوط الكبيرة لضعاف البصر.
كما يجب استخدام لغة مبسطة وسهلة القراءة للنساء ذوات الإعاقة الذهنية. إن المعرفة هي السلاح الأقوى والفعال في وجه العنف ضد المرأة. يجب نشر هذه المعلومات في المراكز الصحية والاجتماعية والخدمية بشكل واسع.
أيضا يجب استخدام التكنولوجيا والتطبيقات الذكية لتوفير قنوات إبلاغ آمنة وسريعة. إن التوعية بحقوق الجسد والحدود الشخصية تحمي المرأة من الاستغلال المبكر. فالعنف ضدها يتغذى دائما على الجهل بالحقوق وغياب الوعي. حسب تقرير «التكنولوجيا كأداة لجعل المدن آمنة ومكافحة العنف ضد المرأة». المنشور على موقع منظمة اليونسكو على الإنترنت.
إشراك الرجال وتغيير الثقافة
يتطلب التغيير الحقيقي والمستدام إشراك الرجال والفتيان في جهود الوقاية. يجب تحدي الصور النمطية السلبية التي تنظر للمرأة المعاقة كهدف سهل. من الضروري تعزيز ثقافة الاحترام والمساواة داخل الأسرة والمجتمع ككل.
العنف ضد المرأة سينتهي فقط عندما يتغير فكر المجتمع تجاه الفئات المستضعفة. علينا أن نربي الأجيال القادمة على قيم الدمج والاحترام المتبادل وقبول الآخر. كما يجب دعم الرجال الذين يقومون بدور الرعاية لتقليل الضغوط النفسية.
إن الشراكة المجتمعية الكاملة هي مفتاح الحل الجذري لهذه المعضلة الإنسانية.
في الختام، حماية النساء ذوات الإعاقة هي مسؤولية جماعية وأخلاقية لا تقبل التجزئة. إن القضاء على العنف الذي تتعرض له المرأة يتطلب تضافر الجهود التشريعية والمجتمعية والاقتصادية معا. علينا أن نضمن أن لا تُترك أي امرأة خلف الركب بسبب إعاقتها أو ظروفها. إن العنف ضد المرأة وصمة عار يجب أن نمحوها بالعمل الجاد والعدالة الناجزة.


.png)


















































