في قلب غزة المحاصرة حيث الموت يزاحم الحياة عند كل قصف، تقف الشابة نيبال الهسي، 25 عامًا، كرمزٍ للصمودٍ، تصارع الألم والذكريات بين أطلال البيوت وزحام الخيام.
هنيبال التى بترت يديها أمٌ لطفلة رضيعة تُدعى ريتا، فقدت أيضا بيتها وعائلتها، وبقي لها حلم صغير بأن تمنح ابنتها فرصة للعيش بلا إعاقة بعيدًا عن رعب الحرب، إن كتبت لها الهروب من الموت.
تروي نيبال قصتها لـ”جسور” بصوتٍ متعجب:”أنا نيبال، طالبة ترجمة إنجليزية، وأمٌ لريتا، الحرب سرقت أحلامي منذ 7 أكتوبر 2023، وتركتني أعيش وسط أنقاض الذكريات”.
بدأت مأساتها حين دُمّر منزل أعمامها في قصفٍ إسرائيلي مباغت، راح فيه 14 فردًا من عائلتها في لحظة واحدة، لم تنتهِ الكارثة عند هذا الحد، إذ اضطرت في مارس 2024 إلى النزوح مع طفلتها إلى إحدى الخيام.

لكن القذائف لم ترحمها، ففي 7 أكتوبر 2024 أصابتها قذيفة مدفعية وهي تحتضن ابنتها، لتستيقظ في المستشفى بلا يديْن، مصابة فى كبدها، وبحروق بالغة، تقضي أربعين يومًا بين الألم الجسدي والنفسي.
وتقول”حاولت أن أتقبل واقعي الجديد، لكن القلب لا يعرف التأقلم مع الفقدان”.
وكأنها لم تُختبر بما يكفي، ففي أبريل 2025، خسرت أختها أولادها الثلاثة تحت أنقاض بيتٍ آخر قصفته الطائرات الإسرائيلية، تقول نيبال: “كل يوم أعيش رعب القصف، أعيش خوفًا على ريتا وأخشى أن يأتي يومٌ يُفجعني أكثر”.
ورغم الجراح العميقة، تتمسك نيبال بحلمٍ واحد، تقول: “أحلم بتركيب أطراف صناعية تعيد لي استقلاليتي، أريد أن أحتضن ابنتي بيديّ من جديد، وأن أبني لها مستقبلًا آمنًا بعيدًا عن أصوات القصف ودوي الانفجارات.
لكن واقع النزوح يضاعف ألمها، فقد دُمّر منزل العائلة الذي آواها بعد تخلي زوجها عنها، واضطرت للخروج مع والديها المسنّين بعد إنذار بالإخلاء لم يتجاوز 15 دقيقة، وتضيف بأسى”أعاني منذ إصابتي من آلام لا تفارقني، وأعتمد على الأدوية والمسكنات إن وُجدت، لكن أسعارها فلكية ونادرًا ما تتوفر”.
قصة نيبال ليست استثناءً في غزة، بل وجه من وجوه المأساة المستمرة، لكنها أيضًا شهادة على إرادة لا تنكسر إذ تُصر أن تتمسك بحلم الحياة من أجل ريتا، وتُصر أن تقول للعالم”أستحق حياةً أستعيد فيها نفسي التي سُرقت”.