عبّرت المفوضية الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب عن “قلقها العميق والشديد” إزاء التصعيد المتواصل للعنف والجرائم الجماعية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور في السودان، مشيرة إلى أن ما يجري هناك يشكّل “كارثة إنسانية مروّعة” و”انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني”.
ذوو الإعاقة في قلب المأساة
وفي فقرة لافتة، شدّدت المفوضية على ضرورة “تعزيز الحماية للمدنيين، لا سيما النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة”، مؤكدة أن هذه الفئات تواجه خطراً مضاعفاً في ظلّ غياب الرعاية الطبية وانهيار الخدمات الإنسانية في المدينة المنكوبة.
كما دعت إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وإنشاء آلية مستقلة للمساءلة عن الجرائم والانتهاكات، على أن تشمل الانتهاكات المرتكبة ضد الأشخاص ذوي الإعاقة وغير القادرين على الفرار من مناطق النزاع.
وجاء البيان الصادر في 30 أكتوبر 2025 عن المفوضية عبر المفوّض حاتم عصيّم، المقرر الخاص للسودان ونائب رئيس المفوضية، والمفوّض سولومون أيله ديرسو، المكلّف بحقوق الإنسان في أوضاع النزاع، حيث أكّدا أن العمليات التي تنفذها قوات الدعم السريع (RSF) في مدينة الفاشر “ارتبطت بتقارير موثوقة عن ارتكاب جرائم قتل واغتصاب وتعذيب ونهب، وتدمير واسع للبنى التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والأسواق والمرافق الإنسانية”.
وأشار البيان إلى أن آلاف المدنيين ما زالوا محاصرين داخل المدينة دون طعام أو دواء أو ممرات آمنة للإجلاء، معتبرًا أن هذا الحصار “يمثّل عقابًا جماعيًا، وقد يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي”.
مطالبات بوقف فوري لإطلاق النار
البيان رحّب بنتائج الاجتماع الطارئ رقم 1305 لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، الذي عُقد في أديس أبابا يوم 28 أكتوبر الجاري، وأدان بشدة الفظائع المرتكبة في الفاشر، مطالبًا بـوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، وفتح ممرات إنسانية عاجلة، ومحاسبة جميع المسؤولين عن الجرائم.
كما جدّدت المفوضية دعوتها للاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية وفق المادة (4/هـ) من الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي، التي تتيح التدخل في حال وقوع جرائم جماعية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
دعوة إلى العدالة وعدم الإفلات من العقاب
وأكدت المفوضية أن “السلام الدائم في السودان لا يمكن أن يتحقق دون عدالة ومساءلة”، مشيرة إلى أن تقرير بعثة تقصّي الحقائق حول السودان، الذي نُشر في 21 أكتوبر 2025، خلص إلى ضرورة محاكمة مرتكبي الجرائم كشرط أساسي لكسر دوامة الإفلات من العقاب المستمرة منذ سنوات.
وفي ختام البيان، عبّرت المفوضية عن تضامنها الكامل مع شعب السودان، مؤكدة أن “الكرامة الإنسانية، وحماية المدنيين، ومحاسبة الجناة هي الأساس الوحيد لتحقيق الأمن والسلام والعدالة”.


.png)


















































