الهند- جسور – فاطمة الزهراء بدوي
أعلنت الهند عن اختيار اللاعب “رافيندرا جوبيناث سانتي” من مومباي قائدًا للمنتخب الوطني المختلط لذوي الإعاقة، والذي يستعد لجولة تاريخية في إنجلترا تتضمن سلسلة من سبع مباريات دولية في لعبة الكريكيت بنظام T20. ويُعد تشكيل هذا الفريق المختلط، الذي يضم لاعبين من ذوي الإعاقات الجسدية والذهنية والسمعية، خطوة غير مسبوقة في تاريخ الكريكيت الهندي.
رافيندرا، الذي يبلغ من العمر 36 عامًا وينتمي إلى قرية كوليجاون بمدينة دومبيفلي، تغلب على شلل دائم في يده اليمنى منذ طفولته، نتيجة حقنتين طبيتين خاطئتين. ورغم هذه الإعاقة، نجح في فرض نفسه كأحد ألمع نجوم بطولات الكريكيت المحلية في مومباي، بعد مشاركته في بطولات شهيرة مثل “كانغا ليج” و”تايمز شيلد”، إلى جانب لاعبين أصحاء منهم من مثلوا الهند دوليًا.
بدأ سانتي مسيرته في عالم الكريكيت من خلال فريق كليته، حيث لفت الأنظار بعد تسجيله نصف قرن في إحدى المباريات، وهو ما اعتبره نقطة التحول الحقيقية في مشواره. لاحقًا، اكتشف عالم كريكيت ذوي الإعاقة بالصدفة خلال مباراة استعراضية نظّمها أحد أعضاء المجالس المحلية، وهناك التقى بمدربه “رافي باتيل”، الذي أصبح له تأثير بالغ في مسيرته. ولسنوات، كان رافيندرا يسافر يوميًا لمسافة تتجاوز 110 كيلومترات من دومبيفلي إلى فيرار، من أجل التدريب تحت إشرافه.
سانتي يعمل اليوم موظفًا بهيئة السكك الحديدية المركزية، ويشارك في بطولات محلية مثل دوري “كانغا” و”كوزموبوليتان شيلد” ضمن فريق نادي “جاروار”، كما يلعب لصالح اتحاد رياضي يتبع هيئة السكك الحديدية في “تايمز شيلد” بالفئة الثالثة. وهو أب لطفلين، ويؤمن بأن الرياضة غيّرت مجرى حياته بالكامل.
وأكد في تصريحاته لصحيفة Mumbai Mirror أنه يشعر بالفخر لقيادة المنتخب المختلط، مشيرًا إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تُدمج فيها الإعاقات الثلاث المختلفة في فريق واحد، مما يمثل تجربة جديدة كليًا. وأضاف أن اللاعبين يخوضون هذه الجولة بثقة كبيرة، خاصةً بعد الأداء القوي في مبارياتهم التحضيرية أمام الفريق الإنجليزي المماثل.
من أبرز محطات الجولة، المباراة الثالثة المقررة في استاد “لوردز” الشهير بلندن يوم 25 يونيو، وهو حدث نادر يحمل قيمة رمزية عالية بالنسبة للاعبين. كما ستُقام مباراة مزدوجة في بريستول يوم 1 يوليو، تسبق مواجهة بين منتخب السيدات الهندي ونظيره الإنجليزي. وتُنقل مباريات الفريق المختلط على منصة Sony LIV في الهند، بينما يُبث لقاء بريستول أيضًا على قناة Sky Sports.
وأشار سانتي إلى التحسن الواضح في دعم منظومة كريكيت ذوي الإعاقة، مُشيدًا بدور أشخاص مثل رافي شوهان، الأمين العام لمجلس الكريكيت الخاص بذوي الإعاقة في الهند، في تحسين ظروف السفر والتدريبات والرعاية، بمشاركة اتحادات كبرى مثل المجلس الدولي للكريكيت (ICC) والمجلس الإنجليزي (ECB) والمجلس الهندي (BCCI).
على الصعيد الشخصي، قال إن والده، الذي توفي قبل عشر سنوات، كان داعمًا أساسيًا له، ولم يجبره يومًا على البحث عن وظيفة مستقرة بعيدًا عن الرياضة. وعن مثله الأعلى، اختار رافيندرا نجم الهند السابق “يوفراج سينغ”، مشيرًا إلى أنه تأثر كثيرًا بعزيمته، وخاصة خلال مشاركته البطولية في كأس العالم 2011 رغم إصابته بالسرطان، واعتبر لقاءه به في منزله بغورجاون قبيل جولة أفغانستان عام 2016 من اللحظات التي لا تُنسى في حياته.
تمثل رحلة رافيندرا سانتي تجسيدًا ملهمًا لقوة الإرادة والتحدي، وترسل رسالة أمل لكل رياضي من ذوي الإعاقة بأن الحلم لا حدود له طالما وُجد الشغف والدعم والفرص العادلة.