«الهيكل الروبوتي» يعيد الأمل لمرضى الشلل في استعادة قدرتهم على المشي

يعيش كثير من الأشخاص حول العالم مع إعاقات حركية تجعل التنقل مهمة شاقة، في وقت تفتح فيه التكنولوجيا المساعدة أبوابًا جديدة للأمل، من بين هذه الابتكارات أجهزة «الهيكل الخارجي الروبوتي» التي تمكّن المصابين بشلل العمود الفقري من الوقوف والمشي من جديد، في خطوة ثورية تعيد تعريف مفهوم الإعاقة والاستقلالية.

قصة المزارع الأمريكي «دوج بوسويل» تجسد هذا التحول، فبعد أن قضى سنوات على كرسي متحرك إثر إصابة خطيرة في عموده الفقري، استطاع أن يستعيد القدرة على المشي بفضل التكنولوجيا الحديثة وإصراره الذي لم ينكسر.

حادث غيّر الحياة

نشأ بوسويل في مزرعة بجنوب أوكلاهوما، حيث كان يساعد والده في تربية الماشية وزراعة الأعلاف. وبعد انتقال أسرته إلى ولاية ميزوري، تبعهم ليواصل حلمه الزراعي. في عام 2014، اشترى مع زوجته «تيريزا» قطعة أرض مساحتها 160 فدانًا، نصفها مزروع والنصف الآخر غابات، ليبني هناك مزرعته التي حلم بها طويلًا.

لكن في نوفمبر 2017، تغيّر كل شيء. أثناء مطاردته لإحدى الأبقار الهاربة، انقلبت الدراجة الرباعية التي كان يقودها، فكسرت ضلوعه وأصيب بشلل تام في ساقيه نتيجة كسر في الفقرة T-11 من العمود الفقري. أخبره الأطباء بأنه لن يمشي مجددًا.

إصرار على العودة

رفض بوسويل الاستسلام، خضع لجراحات معقدة وجلسات تأهيل في عدة مستشفيات متخصصة، منها «مستشفى كريغ» في كولورادو، حيث تعرّف على مشروع «أجرا بيلتي» الوطني الذي يدعم المزارعين من ذوي الإعاقة عبر حلول تكنولوجية مخصصة.

زارت «كارين فانكنبوش»، مديرة المشروع في ميزوري، مزرعته لتقييم احتياجاته مع فريق هندسي وطبي. تم تعديل شاحنته لتعمل بنظام تحكم يدوي، وزُوّدت معداته الزراعية برافعات وكراسٍ متحركة تساعده على العمل دون مساعدة. كما حصل على كرسي متحرك مجنزر يمكنه من التحرك فوق الأراضي الوعرة.

قالت فانكنبوش: «كان دوج مصممًا على أن يظل مزارعًا نشطًا، ولم يقبل أن يكون مجرد متفرج».

الطريق إلى المشي مجددًا

رغم التحسينات التي مكنته من متابعة العمل في المزرعة، ظل هدف بوسويل الأكبر هو استعادة قدرته على المشي. بدأ المشاركة في تجارب سريرية لاستخدام أجهزة المشي الآلية، وبعد خمس سنوات من التدريب، بدأت قدمه تتحرك مجددًا أثناء اختبارات الانعكاس العصبي، وهو ما اعتبره الأطباء إنجازًا كبيرًا.

مع اعتماد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أجهزة الهيكل الخارجي للاستخدام المنزلي، فتح أمامه باب جديد. هذه الأجهزة عبارة عن هيكل معدني آلي يُثبت على الأطراف، ويعمل بمحركات دقيقة وبطارية محمولة، مما يسمح للمصابين بالوقوف والمشي بل وحتى صعود السلالم.

تجربة الهيكل الخارجي

قدّم بوسويل طلبًا للحصول على جهاز «ريووك»، وخضع لفحوص طبية مكثفة أثبتت أنه مؤهل لاستخدامه، بعد 37 جلسة تدريبية، تعلّم كيفية النهوض والجلوس والمشي على الأرض غير المستوية وصعود الدرج.

قال بوسويل: «عندما ضغطت الزر لأول مرة ووقفت على قدمي، كان شعورًا لا يوصف، كأنني أستعيد حياتي» بفضل دعم التأمين الصحي، حصل على الجهاز في فبراير 2024، وبدأ باستخدامه في منزله ومزرعته، حيث قطع أكثر من 100 ألف خطوة حتى الآن.

تحديات مستمرة

رغم النجاح الكبير، يعترف بوسويل بأن التقنية ليست مثالية بعد. فالهيكل يزن نحو 60 رطلًا ويحتاج إلى وقت لتركيبه، كما أن اليدين تظلان مشغولتين بالعكاكيز للموازنة. يقول: «في أعمال الزراعة لا يمكنك دائمًا استخدام الجهاز، لكنه يمنحني حرية لا تقدر بثمن».

يهدف بوسويل اليوم إلى المشي 2500 خطوة يوميًا، رغم الصعوبات التي يواجهها على الأسطح الزلقة أو في الطقس البارد.

وأضاف: «ما زلت أتعلم ما يمكنني فعله، لكنني أثق أن التكنولوجيا ستتطور أكثر».

تطور لا يتوقف

تؤكد فانكنبوش أن التقدم التكنولوجي المتسارع يمنح ذوي الإعاقة فرصًا حقيقية للاستقلال.

وتقول: «دوغ لم يتوقف عن الحلم، ومشروع أجرا بيلتي مستمر في دعم المزارعين لمواكبة هذه الابتكارات».

وبينما يستعد بوسويل هذا الشتاء لإصلاح أحد جراراته باستخدام الهيكل الآلي، يصر على أنه سيظل مثالًا على الإصرار والأمل. ويختم قائلًا: «ربما لا أستطيع العودة كما كنت، لكنني سأواصل السير بطريقتي الخاصة».