اليوم العالمي للشلل الدماغي، يتحد العالم في السادس من شهر أكتوبر للاحتفال به كل عام، في مبادرة إنسانية انطلقت عام 2012 بهدف رفع الوعي بهذه الحالة الصحية المعقدة والمزمنة، التي تُعدّ من أكثر الإعاقات الحركية شيوعًا بين الأطفال والبالغين على حد سواء.
الاحتفال باليوم العالمي للشلل الدماغي هذا العام 2025، يأتى تحت شعار «فريدون ومتّحدونUnique and United»، ليعبّر عن رسالة مزدوجة: الاحتفاء بفرادة كل شخص ينتمي إلى مجتمع الشلل الدماغي من جهة، والتأكيد على قوة الوحدة والتضامن في مواجهة التحديات المشتركة من جهة أخرى.
ما هو الشلل الدماغي؟
بحسب موقع The Federal الهندي، فإن الشلل الدماغي Cerebral Palsy هو مجموعة من الاضطرابات الدائمة التي تؤثر في الحركة والوضعية والتوازن، نتيجة تلف في الدماغ خلال مراحل النمو المبكرة.
ولا تزال أسبابه الدقيقة غير معروفة تمامًا، غير أن الدراسات تشير إلى أن بعض الحالات ترتبط بمشكلات أثناء الحمل أو الولادة، أو بعدوى أو إصابة في الدماغ خلال السنوات الأولى من العمر.
وتختلف مظاهر الإصابة من شخص لآخر، فبعض المصابين يعانون من تيبّس العضلات وصعوبة الحركة، في حين يواجه آخرون مشكلات في النطق أو البلع أو التوازن. ومن أبرز أنواع الشلل الدماغي:
_النوع التشنّجي Spastic : وهو الأكثر شيوعًا، يتميز بتصلب العضلات وردود الفعل المفرطة.
_النوع اللاتناغمي Dyskinetic : تظهر فيه حركات لا إرادية ومتفاوتة في السرعة.
_النوع الترنّحي Ataxic: يرتبط بمشكلات في التوازن والتنسيق الحركي.
ولا يقتصر تأثير الشلل الدماغي على الجوانب الجسدية فحسب، إذ يعاني العديد من المصابين من آلام مزمنة أو نوبات صرع أو اضطرابات في الرؤية والسمع والتواصل، ما يجعل الحاجة إلى الرعاية الصحية الشاملة والدعم النفسي والاجتماعي أمرًا بالغ الأهمية.
جذور المبادرة العالمية
بدأ الاحتفال باليوم العالمي للشلل الدماغي بمبادرة من منظمتين رائدتين هما: الاتحاد الأمريكي للشلل الدماغي (United Cerebral Palsy) في الولايات المتحدة، وتحالف الشلل الدماغي (Cerebral Palsy Alliance) في أستراليا.
وجاءت الحملة الأولى تحت شعار«غيّر عالمي Change My World» لتشجع الأفراد والمنظمات على اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين جودة حياة المصابين.
ومنذ ذلك الحين، تحوّل هذا اليوم إلى حركة عالمية واسعة النطاق، يشارك فيها أكثر من 75 دولة، ويقدَّر عدد المستفيدين والمشاركين بنحو 25 مليون شخص حول العالم حتى عام 2024.
في عام 2025، يواصل تحالف CP360 دوره القيادي في تنظيم الفعاليات والمناصرة. إذ يعتزم عقد حدث دولي في جنيف بسويسرا بمشاركة الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية (WHO)، بالتوازي مع لقاء آخر في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، للدعوة إلى اعتماد قرار أممي يعترف رسميًا بالشلل الدماغي كأولوية صحية عالمية.
الشلل الدماغي .. الواقع والتحديات
تشير تقديرات منظمة CP360 إلى أن هناك نحو 50 مليون شخص حول العالم يعيشون مع الشلل الدماغي، فيما يتأثر أكثر من 350 مليون شخص من أسرهم ومقدمي الرعاية بهذه الحالة بشكل مباشر.
المقلق في الأمر أن 85% من المصابين يعيشون في دول منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث تفتقر النظم الصحية والبنى التحتية إلى الخدمات المتخصصة، وتظل فرص التعليم والتوظيف والرعاية محدودة للغاية.
ويؤكد الخبراء أن التحدي لا يقتصر على الجانب الطبي، بل يمتد إلى نطاق العدالة الاجتماعية والحقوق الإنسانية. فالأشخاص المصابون بالشلل الدماغي يواجهون في كثير من الأحيان التمييز وضعف الاندماج في المدارس وسوق العمل، إضافة إلى قلة الوعي المجتمعي بحالتهم.
نحو مستقبل أكثر شمولًا
يمثّل اليوم العالمي للشلل الدماغي فرصة لتجديد الالتزام الجماعي بتحقيق المساواة والكرامة والتمكين للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية. ويُشجع هذا اليوم المؤسسات الصحية والتعليمية والحكومات على تبنّي سياسات دامجة تتيح للمصابين المشاركة الكاملة في الحياة المجتمعية.
كما يدعو الخبراء إلى زيادة الاستثمارات في الأبحاث لفهم الأسباب الدقيقة للشلل الدماغي وتحسين تقنيات العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، إلى جانب توفير برامج تدريب ودعم نفسي للأسر ومقدمي الرعاية.
وفي ظل شعاره لهذا العام «فريدون ومتّحدون»، يحمل اليوم العالمي للشلل الدماغي رسالة إنسانية بليغة: أن الاختلاف ليس ضعفًا، بل جزء من التنوع الإنساني الذي يجب أن يُحتفى به ويُصان.
وفي هذا اليوم، تتجدد الدعوة إلى العمل الجماعي من أجل بناء عالم أكثر شمولًا يضمن الكرامة والمساواة لكل إنسان