باسنت مدحت.. روائية وصانعة محتوى فاقدة للسمع تجبرك أن تبتسم

باسنت مدحت.. روائية وصانعة محتوى فاقدة للسمع تجبرك أن تبتسم

المحرر: ماهر أبو رماد - مصر
باسنت مدحت صانعة المحتوي والروائية فاقدة السمع

باسنت مدحت روائية وصانعة محتوى مصرية، تخطفك طلّتها البريئة، وملامحها الهادئة، وكلماتها الوديعة الصادقة، رسائلها تحريض رقيق على العطاء، والتسامح، والاندماج، التمسك بالأحلام.

وفي نهاية كل مقطع فيديو تبثه، تُلقي في وجه متابعيها قنبلة من التفائل، قائلة “ابتسم”.

في فترة زمنية قصيرة، استطاعت صانعة المحتوى، المصرية باسنت مدحت، أن تلفت انتباه رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، عبر مقاطع فيديو قصيرة تبثها عبر حساباتها الشخصية، باسنت فتاة موهوبة ومختلفة، فهي تعاني من فقدان السمع، وتعاني من صعوبة في النطق، بعدما أصيبت بارتفاع كبير في درجة الحرارة، وهى في الثالثة من عمرها، أثرت على قدرتها على التخاطب، لكنها تملك مغاليق النجاح، فلم يقلل ذلك من حضورها شيئا، رغم ترددها، وخوفها من سخرية وتنمر البعض.

باسنت مدحت تتجاوز خوفها بأول عمل أدبي.. همهمة الحروف

باسنت مدحت، عندما حاولنا في  «جسور» التواصل معها، كانت خائفة ومترددة، يبدو أن الفضوليين والمتنمرين أكسبوها حساسية من الغرباء، لكنها في النهاية عبرت عن سعادتها بإجراء حديث معها، تحكي لنا فيه عن أحلامها وذكرياتها، وإصرارها على تجاوز إعاقتها، لتثبت للعالم أنها تملك كنزا من الإرادة، والثقة بالنفس، ومواهب كثيرة،  فهي كاتبة مقال، وروائية، وقاصة، وصاحبة رؤية خاصة للحياة والناس.

باسنت مدحت تحمل روايتها حكاية ترويها حليمة

باسنت مدحت روائية وصانعة محتوى،  وهى من مواليد ١٩٨٩، بمحافظة الشرقية، خريجة كلية تجارة إنجليزي، دفعة ٢٠١١ من جامعة الزقازيق، نشرت أول عمل أدبي لها  في معرض الكتاب، يبدو جليا أنه كان تذكرة عبورها على جثة خوفها، من الفشل والتنمر، ونظرات الشفقة غير المفيدة، فكتبت عملها الأدبي الأول  «همهمة الحروف».

تقول: كتبت وأنا طالبة في المرحلة الثانوية، قصائد مدح في أساتذتي، في ذلك الوقت كنت أتفنن في كتابة موضوعات التعبير، وأحب اللغة العربية الفصحى، كانت أمي تقول لي: “لا بد أن تكوني مختلفة عن الجميع” كنت طفلة، ولم أفهم إلا بعد سنوات، من لطف الله، وجودها إلى جواري، وأثناء عملي، بعد التخرج، نشرت أول مقالة لي مجلة كلمتنا، وكانت عن ضعف السمع، شعرت يومها بسعادة لا يمكن وصفها.

ثم صدرت أعمالي الأدبية تباعا، كتب مشتركة، مثل”ركن وأكاذيب صادقة” ، ثم صدرت لي المجموعة القصصية “لا صلاة في الحب” وكتاب خواطر «همهمة الحروف»، والأهم، وما زلت أنتظر أن ينال إعجاب القراء، روايتي “حكاية ترويها حليمة”، وهناك مجموعة قصصية، ستُعرض في معرض الكتاب المقبل.

كنت أخاف أن يسخر الناس مني.. هذا الأمر مخيف

كيف دخلت عالم السوشيال ميديا وتقديم وصناعة المحتوى؟

منذ ثلات سنوات، وأنا أقدم محتوى على السوشيال ميديا، أتوقف كثيراً، لا أعرف أن هناك أحدهم يسمع لي، لكنني كنت أتوقف لسبب، أخاف أن يسخر مني الناس، يستمع إلى الجمهور كنوع من الشفقة أو السخرية، هذا الأمر مريب ومخيف، لهذا أتوقف، دائما ما أتوقف.

حتى الآن، أتلقى تعليقات غريبة، ورسائل أغرب، لا أدري ما يدور في عقل الناس، ثم استوقفني الناس، بعض الأصدقاء، وآخرين لا أعرفهم، أخبروني: لماذا تتوقفين، نحن نستمع إليك؟! .. لا أعرف حتى الآن، هل يجاملونني؟!

ثم عدت مرة أخرى كزائر خفيف، يُذكر الناس بأن هناك أمراً جميلاً يحدث، لا نراه وسط قبح العالم، أما أنا لا أعرف ماذا قد يحدث.

  • كيف قررتي أن يكون محتواكي مثير للتفاؤل؟

الكون معبئ بحكايات وأحداث متشحة بالقسوة والألم والوجع، في الحقيقة أنا أميل كثيراً للفن، أبحث عن المعاني المفقودة من الحب والخير والجمال، أهوى الكتابة، وأبحث عن غايات الجمال فيما أكتبه، والآن أما آن الأوان أن نستمع قليلاً، فقد كتبت وجمهوري ليس بقارئ فقط، لهذا أتحدث لعلني أترك أثراً.

  • ما حكاية “ابتسم” هل هي سر؟

بلى، ليس لها حكاية، الأمر بسيط، دائماً أسأل: لماذا لا يختار الناس الانفلات من الأمور ببساطة؟

لماذا لا يقولون (نعم)؟ فتمر الساعات بلا صراع أو شجار، يفتقد الناس الحب والدفء والطمأنينة بسبب مشاكل الدنيا، يفتقد الكلمة الطيبة في عز الهموم، لهذا أقول ابتسم.

كما أني أختار موضوعاتي بالبحث، أنا أبحث  كثيراً، لطالما أردت أن أكون على مقربة من قلب الناس.

رواية حكاية ترويها حليمة
رواية حكاية ترويها حليمة

باسنت مدحت الحمى أفقدتني السمع وعانيت كثيرا بسبب الاندماج

  • ما حكاية فقدانك السمع وأنت طفلة؟

لا شئ، أصابتني حُمى، أودى بي الأمر إلى فقداني السمع، كنت فقط في الثالثة من عمري.

  • هل واجهتك مشاكل في الدراسة بسبب فقدان السمع مبكرا؟

بالتأكيد، أذكر أنني عانيت كثيراً من الاندماج، حتى الآن، أصعب شئ مع ضعف السمع هو الاندماج، لا ننخرط في الحديث، ولا ننساق وراء أي مزاح بسهولة، هذا أمر نعاني منه حتى الآن، فقد كانت دروسي كلها في البيت حتى أعي جيداً.

  • صعوبة النطق عندك ما سببها؟

لا أفهم هذا الموضوع، بالتأكيد أنه طبياً، فلا أستمع جيداً لمخارج الحروف..

  • هل واجهتى صعوبات وتحديات بسبب الإعاقة في السمع والنطق؟

(كل مر يمر) هذا سؤال ليس له إجابة، أنا هنا الآن، صانعة محتوى، كاتبة، مسئول في العمل، أنا أصنع نفسي بنفسي بفضل الله، ثم أسرتي.

أصعب تحدي هو الاستمرار فيما أفعله الآن، أما ما حدث في الماضي لا أتذكره.

باسنت مدحت: من لطف الله أني لا أتذكر أني تعرضت للتنمر

  • هل تعرضتى للتنمر، وكيف واجهتي ذلك؟

لا لم أتعرض، أو ربما لا أتذكر، كنت في زمن جميل، أذكر أن زملائي يسألونني عن الشئ في أذني، وكنت أجيبهم ببساطة، أقول لك زماننا لا يشبه الآن، من لطف الله، أنني لا أتذكر شيئاً.

  • كيف كانت طفولتك؟ وكيف دعمتك أسرتك ؟

أنا أخت صغيرة لأخ يكبرني بثلاث سنوات، أسرتي ما زال لهم الفضل في دعمي حتى الآن، أمي وأبي وأخي، لولاهم لأصبحت لا شئ، تعلم تعلمت وأنا صغيرة ركوب الدراجة والـ skitting  ولعبة الهوكي، والكاراتيه، طول سنوات عمري، لكن كنت متميزة في تعليمي، كنت حائزة على درجات عالية في دراستي.

  • هل ثقافة المجتمع تسلب حق ذوي الإعاقة في الحب والارتباط والإنجاب، وممارسة الأمومة؟

أحيانًا، بدون الدخول في التفاصيل، كل ما يحدث هو ابتلاء، لكن الأمر يعود إلى أصل الناس والأخلاق والفضيلة.

  • ما هى طبيعة عملك الآن؟ وهل تتوفر لك سبل الإتاحة أم أن الأمر به صعوبات؟

أنا أعمل مراجع في مستشفى، أما عن الصعوبات وسبل الإتاحة، أعرف حكاية (موظف سليم طُرد من عمله لأنه خاف ربه)، الصعب في العقول فقط لا فينا، إذا كان الإنسان له جسد فقط بلا عقل، فبالتأكيد سيجد الأمر شاقاً، أما إذا اجتهد بكامل جسده وعقله، فيصبح حديث المكان بأسره..

ولم أوجه عوائق فى العمل بسبب فقدان السمع أو صعوبة النطق، الحمدلله، أنا مراجع في مكان عملي لسنوات كثيرة حتى الآن.

طريقي لا يزال مشوشاً وأحب نفسي وأنا أكتب

  • أكثر  موهبة ترين فيها مستقبلك؟

الكتابة بإذن الله، أهوي القراءة والكتابة، وأنا كاتبة قبل أنا أكون موظفة أو صانعة محتوى، فمن أنا بلا حروف تُقرأ، وعقل يعرف أكثر، أنا كاتبة وأحب نفسي وأنا أكتب.

كتبت في مجلة كلمتنا أول مرة، ومواقع الكترونية، ومازلت حتى الآن، وشاركت في كتب جماعية (ركن أكاذيب صادقة) ولي كتب فردية، كتاب خواطر «همهمة الحروف» ،المجموعة القصصية لا صلاة في الحب، رواية حكاية ترويها حليمة.

باسنت تقرأ في روايتها بمعرض الكتاب
باسنت تقرأ روايتها الأخيرة حكاية ترويها حليمة
  • أنت من الشرقية، كيف واجهتى مجتمع محافظ برغبتك في اثبات أن الاختلاف قوة؟

الكلاب تعوي والقافلة تسير، ما عاد يهمني أحد، في الحقيقة ما زلت في بداية حياتي، ولا زال طريقي مشوشاً، إلى أن يحدث الله أمرا، أنا فقط أسعى.

  • أنت تعبرين عن فئتين، المرأة أولا، وذوي الإعاقة ثانيا، هل التجربة سهلة؟

لا.. ما زال لا يستمع إلىَّ أحد، ومازالت رؤيتي شاحبة بعض الشئ.. أنا مجرد تلميذ تائه لم يعثر على وطنه بعد.

  • هل ترى أن الإعلام أصبح داعما أكثر لفئة ذوي الإعاقة؟

بالطبع، ألم تسمع عن المقدمة رحمة،  من ذوي متلازمة داون، وقدمت برنامجها عبر إحدى القنوات الفضائية، وتقدم حفلات يحضرها الرئيس عبد الفتاح السيسي.

  • ما أحلامك؟

أترك أثراً بوجودي وحضوري وقوتي (كلمة وصوت)

المقالة السابقة
الحويلة: الكويت تعتمد استراتيجية وطنية لدمج ذوي الإعاقة في خطط التنمية
المقالة التالية
دكتوراه في القانون.. شاب من ذوي الإعاقة بمصر يناشد محافظ سوهاج بتوفير وظيفة 

وسوم

الإعاقة (3) الاستدامة (33) التحالف الدولي للإعاقة (34) التربية الخاصة (2) التشريعات الوطنية (33) التعاون العربي (33) التعليم (4) التعليم الدامج (4) التمكين الاقتصادي (3) التنمية الاجتماعية (33) التنمية المستدامة (3) التوظيف الدامج (32) الدمج الاجتماعي (31) الدمج الجامعي (3) العدالة الاجتماعية (3) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (31) الكويت (5) المتحف المصري الكبير (4) المجتمع المدني (31) المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (4) المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة (3) الوقائع الإخباري (2) تكافؤ الفرص (32) تمكين (2) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (31) حقوق الإنسان (3) حقوق ذوي الإعاقة (3) دليل الكويت للإعاقة 2025 (30) ذوو الإعاقة (12) ذوو الاحتياجات الخاصة. (31) ذوي الإعاقة (9) ذوي الهمم (5) ريادة الأعمال (33) سياسات الدمج (33) شركاء لتوظيفهم (34) قمة الدوحة 2025 (35) كود البناء (36) لغة الإشارة (2) مؤتمر الأمم المتحدة (36) مبادرة تمكين (3) مجتمع شامل (36) مدرب لغة الإشارة (37) مصر (12) منظمة الصحة العالمية (37) وزارة الشؤون الاجتماعية (2)