بتر ساق ياسمين، الطفلة المصرية ذات الأربعة عشر ربيعاً. سيكون السيناريو الأقل كارثية لإنقاذ حياتها. بعد تجهيزها لعملية جراحية معقدة ستخضع لها يوم الخميس المقبل 11 ديسمبر.
ياسمين وأسرتها سيكونون أمام اختبار إنساني وطبي قاسٍ للغاية. حيث تفرض الظروف الصحية لحالتها الطبية المتراجعة. معادلة صعبة لا تقبل القسمة على اثنين، البتر مقابل الحياة.
وبعد نشر أحد الأطباء منشورا على فيسبوك حول الحالة. والحديث عن فكرة البتر مقابل إنقاذ حياة ياسمين. انتشرت موجة من التعاطف مع ياسمين.
بتر ساق ياسمين ثمن الحياة
هنا نستعرض الساعات الحرجة التي تسبق بتر ساق ياسمين بعد دخولها غرفة العمليات. لذلك، نغوص في تفاصيل قصتها التي بدأت منذ الطفولة المبكرة ووصلت الآن إلى ذروتها الدرامية. ياسمين ليست مجرد حالة طبية، بل هي أيقونة للصبر والرضا بقضاء الله.
لم يتبقَ سوى ساعات قليلة تفصلنا عن بتر ساق ياسمين. سيكون يوم الخميس 11 ديسمبر هو اليوم الذي سيغير مسار حياتها للأبد. حسب الجدول الطبي للمستشفى، ستدخل ياسمين الغرفة وهي تعلم أنها ستخرج منها بجسد مختلف.
مع ذلك، يحمل هذا التاريخ في طياته أملاً كبيراً بالخلاص من الألم المستمر. لأنّ الهدف الأساسي من هذه المخاطرة الكبرى هو إنقاذ الروح قبل الجسد. لذلك، تتوجه أنظار وقلوب كل من يعرف قصتها نحو غرفة العمليات في ذلك اليوم الموعود.

تفاصيل الورم والوحش الذي يلتهم الجسد
تعاني ياسمين من ورم ضخم وعدواني للغاية يمتد من منطقة الخصر وحتى البطن. وفقاً للتقارير الطبية الخاصة بحالتها، تسبب هذا الورم في ضغط هائل وخطير على أعضائها الحيوية الداخلية. علاوة على ذلك، وصل تأثير الضغط إلى الرئتين، مما جعل عملية التنفس معركة يومية شاقة. ما يجعل قرار بتر ساق ياسمين أمرا حتمياً.
من الواضح أن استمرار هذا الورم يعني تهديداً مباشراً ومؤكداً لبقائها على قيد الحياة. بسبب ذلك، أصبح التدخل الجراحي الجذري أمراً لا مفر منه رغم قسوته. هنا تتجلى بوضوح قسوة الخيار المطروح: بتر ساق ياسمين مقابل ابقائها على قيد الحياة.
لم تأتِ هذه الأزمة من فراغ، بل هي نتاج حالة نادرة رافقت ياسمين منذ نعومة أظافرها. حيث بدأت الأعراض تظهر عليها وهي لم تتجاوز الثانية من عمرها فقط. طوال هذه السنوات، عاشت ياسمين طفولة مغايرة تماماً لأقرانها، بين ممرات المستشفيات والأدوية.
في الواقع، تسببت الحالة النادرة في نمو غير طبيعي ومتسارع في ساقها اليسرى. نتيجة لذلك، عانت من سلسلة لا تنتهي من الالتهابات الحادة والآلام المبرحة. لذا، فإن قرار العملية اليوم هو محاولة لوضع حد لهذا التاريخ الطويل من العذاب.
مقاومة العلاج عندما تفشل الأدوية
تواجه ياسمين تحديا طبيا إضافيا يزيد من تعقيد الموقف وخطورته. إذ يعاني جسدها الصغير من ظاهرة مقاومة المضادات الحيوية الشرسة. حسب تحذيرات منظمة الصحة العالمية، تعد هذه المقاومة واحدة من أكبر التهديدات الصحية، حيث تصبح البكتيريا محصنة ضد العلاج.
بسبب ذلك، فإن أي التهاب يصيب ياسمين يتحول فوراً إلى خطر يهدد حياتها. هذا الوضع جعل الأطباء في سباق مع الزمن لإجراء الجراحة قبل حدوث عدوى لا يمكن السيطرة عليها. لذلك، تعتبر الجراحة هي الحل الجذري الوحيد المتبقي في جعبة الطب.
طالع: برميل سقط على رأسها.. سمر طفلة يتيمة من غزة تصارع الموت وتطرق باب النجاة
وصلت شدة الآلام التي تهاجم جسد ياسمين إلى مستويات تفوق قدرة البشر على التحمل. لذلك، اضطر الفريق الطبي المعالج إلى وضعها بشكل دائم على مضخة مورفين (Morphine Pump). وفقا لبروتوكولات إدارة الألم في الحالات الحرجة، يعد هذا الإجراء ضرورياً لتمكين المريض من التنفس والنوم.
في الحقيقة، لولا هذه المضخة، لدخل جسد ياسمين في صدمة عصبية من شدة الألم الناتج عن ضغط الورم. ياسمين تعيش الآن بفضل هذه المسكنات القوية التي تخفف عنها وطأة الساعات الطويلة. مع ذلك، يبقى الحل الجذري هو استئصال مصدر الألم، وهو ما يجسد مبدأ بتر ساق ياسمين من أجل الحياة.
بتر ساق ياسمين والاختيارات القاسية
يدرك الأطباء والأهل أن بتر ساق ياسمين. تزيد فيه نسبة الخطورة على حياتها بشكل كبير. حسب تصنيف العمليات الجراحية الكبرى، فإن إزالة ورم ممتد للبطن مع بتر طرف سفلي يتطلب دقة ومهارة فائقة. حيث يوجد خطر كبير للنزيف الشديد أو تأثر الأعضاء الملاصقة للورم.
رغم كل هذه المخاطر المحيطة، لا يوجد بديل آخر لإنقاذ الفتاة. لأنّ البقاء دون عملية يعني الموت البطيء والمؤلم والمحقق. لذلك، يدخل الجميع هذا التحدي وهم متسلحون بالأمل واليقين بأن الله سينجيها.
قد يبدو قرار بتر ساق فياسمين. وهي فتاة في مقتبل العمر أمراً كارثيا للوهلة الأولى. لكن في حالة ياسمين، المعادلة واضحة وصريحة: الساق هي مصدر التهديد، والحياة هي الهدف الأسمى. بناء على ذلك، رسخ الأهل في عقل ابنتهم الحقيقة التي عاشوا بها: «لو الاختيار بين رجلك وحياتك… حياتك أهم».
هذه الجملة البسيطة في كلماتها، والعميقة في معناها، هي التي منحت ياسمين القوة للقبول. فقد أدركت بوعي يفوق سنها أن التخلي عن جزء من الجسد هو ثمن زهيد للبقاء على قيد الحياة. إذن، شعار المرحلة الحالية هو بوضوح: بتر ساق ياسمين مقابل الحياة.
شجاعة التقبل ونضوج مبكر
استقبلت ياسمين الخبر الصادم بشجاعة وثبات انفعالي أذهل كل من حولها. رغم أنها تعلم تماماً أنها ستفقد ساقها اليسرى، إلا أنها اختارت الابتسام والرضا. هذا القبول ليس استسلاماً لليأس، بل هو تمسك قوي بالحياة ورغبة في المستقبل.
من المؤكد أنّ السنوات الطويلة التي قضتها في أروقة المستشفيات صقلت شخصيتها مبكرا. حيث تعلمت أن الصحة هي الكنز الحقيقي، وأن الجسد يمكن تعويضه، لكن الروح لا تعوض. لذلك، تدخل ياسمين العملية بروح المقاتل الذي يعرف هدفه جيداً

خلف هذه الطفلة البطلة، يقف والدان عظيمان قدما أروع الأمثلة في الصبر والدعم. فقد كانا بجوارها في كل لحظة ألم، يمسحان دمعتها ويزرعان الأمل في قلبها. من الواضح أنّ قرارهما بالموافقة على البتر كان أصعب اختبار يمر به أي أب أو أم.
لكنهما اختارا بتر ساق ياسمين مقابل الحياة، وفضلا رؤية ابنتهما تكبر أمامهما ولو بطرف واحد. لذلك، يستحق هذان الوالدان كل التقدير والاحترام والمساندة من الجميع. ياسمين تستمد قوتها اليومية من نظرات الحب والثقة في عيون والديها.
مرحلة ما بعد الجراحة
لن تنتهي القصة بـ بتر ساق ياسمين عند خروجها من غرفة العمليات يوم الخميس بسلام. بل ستبدأ مرحلة جديدة ومهمة من التأهيل الجسدي والنفسي للتعايش مع الوضع الجديد. حيث ستحتاج إلى جلسات علاج طبيعي مكثفة لتقوية عضلاتها وتجهيزها لاحتمالية تركيب طرف صناعي.
وفقاً لخبراء التأهيل النفسي، سيكون الدعم المعنوي في هذه المرحلة أهم من العلاج الدوائي. لذا، يجب أن يتكاتف المجتمع والأصدقاء حولها ليشعرونها بأنها كاملة ومحبوبة كما هي. في النهاية، رحلة التعافي هي جزء لا يتجزأ من معادلة البتر مقابل الحياة. حسب مقال بعنوان «أهمية الدعم النفسي للمرضى وتأثيره الفعال على التعافي». على موقع مجموعة الموسى الصحية.
في هذه الساعات القليلة المتبقية، لا تملك ياسمين وأسرتها سوى التضرع إلى الله. نحن جميعاً مدعوون لمشاركتهم هذا الدعاء بقلوب صادقة ومخلصة. لعل دعوة صادقة من غريب تكون سبباً في نجاتها وتخفيف ألمها ونجاح عمليتها.
قصة ياسمين تلامس وجدان كل إنسان، وتذكرنا بضعفنا وقوتنا في آن واحد. لذلك، فلنجعل من يوم الخميس 11 ديسمبر يوماً للدعاء الجماعي لهذه البطلة الصغيرة. ياسمين، أنتِ أقوى مما تتخيلين، ونحن ننتظر عودتك للحياة.
في الختام، تؤكد قصة ياسمين أن غريزة البقاء هي الأقوى دائماً في النفس البشرية. لقد اختارت ياسمين بشجاعة نادرة خيار البتر مقابل الحياة لتستمر قصتها. وأيضا اختارت الأسرة بتر ساق ياسمين لتبقي بينهم حتى وإن جلست على كرسي متحرك طوال حياتها. باختصار، ستفقد ياسمين ساقها، لكنها ستربح عمراً جديداً ومستقبلاً واعداً بإذن الله. أخيراً، قلوبنا معك يا ياسمين في معركتك المصيرية.


.png)


















































