تُعرف جمهورية موريشيوس كقصة نجاح اقتصادي في إفريقيا، إلا أن واقع الأشخاص ذوي الإعاقة يكشف عن صورة أكثر قسوة.
في موريشيوس يتقاطع الفقر مع الإعاقة ليعمّق التهميش لهذه الفئة، ووفقًا لتعداد 2011، يعيش في البلاد 59,869 شخصًا من ذوي الإعاقة، أي نحو 5.4% من السكان.
ووفقا لموقع The Borgen Proj ect المعني بقضايا الفقر العالمي، فإن ذوي الإعاقة يعانون من وصمة اجتماعية وعزلة متزايدة بسبب عدم تهيئة البيئة المادية والاجتماعية.
وتشير دراسات البنك الدولي إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة في موريشيوس أكثر عرضة لانخفاض التعليم وفرص العمل، إضافة إلى محدودية التقنيات المساعدة وضعف إتاحة المرافق، هذا الواقع يرسّخ الرابط الوثيق بين الإعاقة والفقر.
في عام 2015، حذرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من استمرار الصور النمطية المرتبطة بالنوع الاجتماعي والإعاقة، مؤكدة أن غياب الوعي العام وضعف إنفاذ القوانين واستبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة من صنع القرار، كلها عوامل تعمّق الحرمان.
وفي مراجعتها لعام 2024، أعربت اللجنة عن قلقها من عدم إشراكهم بشكل فعلي في خطط تحسين حياتهم، وأشارت إلى ضرورة توحيد تعريفات الإعاقة في الوثائق الرسمية.
ورغم هذه التحديات بدأت ملامح التغيير بالظهور، فقد أطلقت الحكومة عدة برامج لدعم الفئة الأكثر هشاشة، أبرزها معاش العجز الأساسي الذي استفاد منه أكثر من 20 ألف شخص عام 2016، وبدل الرعاية لمقدمي الدعم الأسري وبدل إعاقة الطفل، كما صادقت موريشيوس على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وأقرت سياسة وطنية وخطة عمل للإعاقة تركز على الدمج الحقوقي.
أما في مجال التعليم فقد التحق حتى مارس 2024 نحو 46 طالبًا من ذوي الإعاقة بالجامعات في وقت باتت معظم المؤسسات الثانوية والعليا تلبي معايير الإتاحة.
وتعمل الحكومة حاليًا على إعداد خطة عمل جديدة للإعاقة، مع التعهد بإشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع مراحلها.
كما تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا محوريًا، مثل إندماج موريشيوس، وهو اتحاد يضم 13 منظمة غير حكومية تقدّم التعليم والتدريب على مهارات الحياة والإعداد للتوظيف، ما يعزز استقلالية وكرامة المستفيدين.
وأيضًا يبرز برنامج تمكين الشباب ذوي الإعاقة الذي ينظم ورشًا وأنشطة ثقافية لبناء قدراتهم.
ورغم أن الطريق ما زال طويلًا فإن هذه المبادرات تعكس التزام موريشيوس بمعالجة الارتباط العميق بين الإعاقة والفقر، في سعيها نحو بناء مجتمع يتمتع فيه كل مواطن بحقوقه كاملة مع احترام حقوق الآخرين.